رؤى متجددة : أبشر رفاي : بمخاطبة رئيس مجلس السيادة للأمم المتحدة خلاص الشرعية شكها إنقع تك
هذا للتذكير إن كانت الذكرى في هذا الزمان تنفع النشطاء والمنشطين والمحترفين للسياسة والعملية السياسية ، وفي السياق عرف الفكر السياسي المتقدم كما أشرنا من قبل عرف السياسة والعملية السياسية في أربع تعريفات ولربما أكثر ، لكل تعريف من تلك التعريفات مقومات ومنهج وأساليب ومهارات محددة ومن تعريفاتها فن الممكن ، وعلم الموازنات المستمرة ، واللعبة القذرة ، وآلية تصريف شئون الأمانة . فيما عدا مفهوم اللعبة القذرة فإن باقي التعريفات ومفاهيم السياسة والعملية السياسية تقوم على مبدأ الأخلاق أو مايعرف في علم السياسة بالأخلاقيات السياسة بوصفها الإطار المرجعي لأساسيات وتطور العلوم الإنسانية والتطبيقية كذلك بفلسفة أعمق وإلا لما كان الحديث عن سياسات تطوير وأخلاقيات المهنة .
بناءا على تلك المفاهيم والتعريفات السياسية تنشأ الحكومات على محددات سياسية دستورية معلومة وكذلك المعارضة ، فالمعارضة على سبيل التثقيف والمثاقفة السياسية تتشكل في ثلاث مدارس ومستويات ، معارضة عارضة ، معارضة من أجل المعارضة ، معارضة راشدة والأخيرة مطلوبة بشدة لأجل توازن ميزان مدفوعات أخلاقيات الحكم ومسئولياته الوطنية والدستورية وهي بدورها أي المعارضة الراشدة على الدوام تهدي الحكومات عيوبها بغرض تقويمها وتصويبها بإتجاه تعزيز وتعظيم الناتج الإجمالي الإيجابي للعملية السياسية في سياق المصلحة العامة التي ينبغي ان تعمل لأجلها الحكومة الرشيدة والمعارضة الراشدة .
ومن الأمثلة الحية الحاضرة لما نقول فأنه بمجرد ما أعلن عن دعوة السيد رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان عبد الرحمن لمخاطبة الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك في دورتها الثامنة والسبعين ، سعى خطاب المعارضة الهدامة بكافة السبل للتشويش الممنهج على الخطوة بصرف النظر عن قيمتها الوطنية والإنسانية بحق الوطن وشعبه الصابر ، ومن أبرز نقاط التشويش الأستباقية الخطيرة ، التشكيك في شرعية البرهان السيادية والمسئولية الدستورية والقانونية للقوات المسلحة وفقا لقسم الولاء وتولي المهام مسئوليتها في حماية الوطن والمواطن والدولة . ومن نقاط التشويش نعت خطاب السيد البرهان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بأنه جاء مخيبا للآمال ، والسبب في ذلك برأيهم عدم طرحه لأي تصور سياسي إستراتيجي يفضي لوقف الحرب ويحقيق السلام والإنتقال المدني الديمقراطي السلمي . ولكي تتضح الصورة والحيقية الكاملة للقارئ الكريم بعيدا عن منهج وأساليب التضليل والتعمية السياسية وإشباع غرائر الكراهية والفجور في الخصومة السياسية التي شكلت أهم وأبرز ملامح حركة التغيير بالبلاد قبل الحرب وبعده .
إن دعوة السيد رئيس مجلس السيادة من قبل الأمانة العامة لمخاطبة الجمعية العامة للأمم المتحدة تعبر عن الإعتراف الأممي بثلاث نقاط مهمة لصالح الوطن والدولة والمشهد السياسي المضطرب والمثير للجدل البيزنطي ، النقطة الأولى أكدت الدعوة على إحترام إستقلال البلاد وسيادتها وشرعية قيادتها وعلى عضويتها المحترمة المبكرة بالأمم المتحدة ١٩٤٥—- ١٩٥٦ . ومن نقاط التشويش التعمد على دمغ موقف القوات المسلحة بأعتمادها لأسلوب الحزم والحسم العسكري كخيار أوحد لإنهاء الصراع القائم ، وهذا النوع من التشويش يتناقض تماما مع التعليمات المهنية والنداءات والعفو العام المبكر والمتكرر الصادر مهنيا وقانونيا من قبل القائد العام فضلا عن دعوته المستمرة لتغليب روح الوطنية ومراعاة للوطن والمواطن لنزع فتيل الحرب والصراع داخل البيئة العسكرية فضلا عن خطى التواصل الإيجابي المنتج بمنبر جدة لدرجة التوقيع على إعلان مبادئه ووثيقته التنفيذية والترحيب المعلن حتى اللحظة بقبول بكافة مبادرات السلام الصادرة من الأشقاء والأصدقاء ودول الجوار . ومن نقاط التشويش الطريفة نعت خطاب السيد البرهان بأنه مخيب للآمال لأنه برأيهم كما أسلفنا لم يتحدث عن فرص السلام والجنح له ، بالعكس لقد تحدث خطاب السيد البرهان عن ذلك بوضوح تام ومن خلال خارطة طريق واضحة المعالم دقيقة المفاتيح ، ولكنه صحيح حديثه جاء مغيبا ومخيبا لآمال وأعمال الناعت الذي ظل وما إنفك يخطط بخبث شديد بالتحالف مع شياطين الإنس والجن للعودة بالأوضاع السياسية لماقبل الحرب ، بالسيطرة بإسم الثورة والثورية على مقاليد الأمور بالبلاد عبر وصايا سياسية جوفاء معلومة الجوهر والمصدر ، ناسي ومتناسي ذلك الناعت والناعتون بأن الحرب اللعينة التي فرضت على الشعب السوداني قد جبت تماما كل ماقبلها بل صفرت البيئة السياسية والوطنية إلى حيث السلطة الدستورية العليا بالبلاد سلطة الشعب السوداني ، وبالتالي أي تدابير سياسية مفوضة محتملة من قبل أجهزة الدولة الدستورية ينبغي ان تشرك في حدها الأعلى كافة مكونات الشعب السوداني وحدها الأدني أكبر كتلة ممكنة للمكون دون أي إقصاء سياسي وإجتماعي خارج مظلة القانون وذلك لحين موعد إجراء الإنتخابات العامة .
قراءة أخيرة إن مشاركة القائد العام رئيس مجلس السيادة وخطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ، تستحق الإشادة الكاملة تترافق معها الإشادة بتكامل جهود الدبلوماسيات الثلاث الشعبية والرئاسية والرسمية بقيادة وزارة ووزير الخارجية دكتور على الصادق والبعثة السودانية الدائمة المقتدرة للأمم المتحدة بقيادة السفراء د الحارث خضر ونائبه معاوية التوم وسفير السودان لدي واشنطون السفير محمد عبد الله إدريس والجالية الوطنية المحترمة على رأسها الصديق فهر عبد الرحمن فهر المدير العام لصحيفة المهجر وإذاعة المهجر الدولية بواشنطون ، دور هؤلاء جميعا في إنجاز المهمة الوطنية بهمة عالية ودقة متناهية تجلت في صورة إخراجها الرائعة باستقبال رئيس مجلس السيادة بواسطة المندوب الدائم من داخل الطائرة مرورا بمصافحة بروتكول قائمة شرف أعضاء البعثة فائقة الأناقة والوجاهة التي تشبه الشخصية السودانية في الملمات العظيمة ، مرورا بكافة مراحل البروتكولات والمراسم التشريفية المنسجمة حتي المنصة ، ظهر رئيس مجلس السيادة من على المنصة مقارنة بآخرين كثر ظهر بهيبة وأناقة وثبات وفن مقدمة وإلقاء مميز بالغة الرسمية للدولة وهذا حق كفلته بعد كفاح تحرري طويل كفلته لائحة تنظيم أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة لم يخطئ خطاب السيد البرهان المدخل والإطار شاكرا للأمانة العامة وللحضور الرئاسي الأممي المهيب ومن ثم ذهب الخطاب مباشرة وبذكاء نحو الموضوع ومن الآخر آخر ظل ينتظهره الجميع من داخل القاعة وحيث الشعوب والأمم ينتظر ان يسمعه اليوم من خشم سيدو ما جرى ويجري بالضبط في السودان منذ ١٥ أبريل ٢٠٢٣ حتى تاريخه وذلك بتوصيف دستوري قانوني مهني دقيق لماهي وطبيعة الحرب الجارية في السودان ، والتي حاولت جهات كثيرة توصيفها وتسميتها بغير إسمها الحقيقي ، هذا النوع من فن الخطاب السياسي يسمى بلغة كرة القدم بالهدف المبكر وهدف النشلة المتأخر الذي يصيب جمهور الخصم بالهبوط والإحباط ، ثم مضى الخطاب في تعداد جرائم الحرب والإنتهاكات التي التي مارستها المليشيا بحق الوطن والمواطن والدولة قبل القوات المسلحة ، مؤكدا مع ذلك بأنه لا صوت يعلو صوت السلام العادل اليوم قبل الغد ، مشيدا بجميع المبادرات التي قدمت بهذا الشأن ، طارحا خارطة طريق محددة لوقف الحرب وتشكيل حكومة مدنية من كفاءات وطنية قومية مستقلة تقود المشهد إنتقاليا و إلى حيث الإنتخابات الحرة النزيهة التي تمكن الشعب السوداني من إنتخاب من يتولى شئونه وشأن وطنه ودولته .. ولسع الكلام راقد وللحديث بقية حول ذات المناسبة وعن عبقرية المكان ورحيق الأمكنة والأزمنة …