الأعمدة

رؤى متجددة / أبشر رفاي : بالأدلة الدورة ٧٨ للجمعية العامة للأمم المتحدة دورة المهام الإستثنائية الصعبة

تمثل الجمعية العامة للأمم المتحدة أعلى سلطة أممية لتنسيق شئون الأمم والشعوب تأسست في العام ١٩٤٥ في أعقاب نهاية الحرب العالمية الثانية ١٩٣٨ — ١٩٤٥ بإنتصار الحلفاء بقيادة أمريكا متخذة من مدينة نيويورك الأمريكية مقرا دائما لها فضلا عن مقراتها القارية الأخرى .
تشكلت الأمم المتحدة بعد بلورة مشروع الفكرة تشكلت أطرها الرأسية والأفقية ومهامها وأعمالها بموجب ميثاق إطاري وقوانين وعهود وعقود إضطرادية كثيرة ، والجدير بالملاحظة في هذا المسرد الأممي لقد ظلت منظمة الأمم المتحدة منذ تاريخ تأسيسها بوضع يد الإنتصار الساحق للحلفاء بقيادة أمريكا وإلى يومنا هذا ظلت في وضعية إنتقال دائم لم تبلغ بعد مرحلة التخطيط الأممي الشعوبي الإنساني المتكامل الأمر الذي تبلور اليوم وبقوة في صيغ المطالبة بإصلاح الأمم المتحدة وهي في حقيقة الأمر صيغة خجولة أمام فلسفة وإستراتيجية إستدامة وضعية الإنتقال او العمل على تطويرها بذات السمات والجينات والخصائص والحمضيات النووي أممية .
مرت الأمم المتحدة بمراحل متعددة مرحلة التأسيس الإداري والسياسي والتنظيمي وأعمال البناء وإعادة تعمير مادمرته الحرب العالمية الثانية ، ثم مرحلة التحرر والإنعتاق من ربقة الإستعمار وكنس آثاره ترافقت معها جهود ترسيخ ثقافة الأمم المتحدة ثم مرحلة القطبية الثنائية وحربها الباردة وموجات الإستقطاب الدولي وسباق التسليح بقيادة الأتحاد السوفيتي سابقا الإتحاد الروسي الآن من جهة والولايات المتحدة الأمريكية من الجهة الأخرى ، ظلت تلك القطبية الثنائية في حالة ندية وتنافسية سالبة بالغة الخطورة لعقود طويلة من الزمن حتي مرحلة إنهيار جمهوريات الإتحاد السوفيتي في مطلع تسعينيات القرن الماضي لأسباب عدة ابرزها سياسية البروستاريكا التي إنتهجها آخر رئيس للإتحاد السوفيتي الراحل ميخائيل غورباتسوف ، بعدها دخل العالم مباشرة في مرحلة القطبية الآحادية والنظام العالمي الجديد بقيادة أمريكا حتى وصول النظام العالمي اليوم مرحلة المطالبة بالتعددية القطبية والأقطاب المتكافئة أو المعتبرة التي تحيط اليوم بنظام الأمم المتحدة القديم إحاطة السوار بالمعصم والتي تمظهرت في جملة من المطلوبات والإستحقاقات الأممية والشعوبية والدولية على رأسها أجراء إصلاحات جذرية معمقة في أفكار ومفاهيم وسياسات وخطط وإستراتيجيات وفي الإطر السياسية والتنظيمية والأدارية والفنية للأمم المتحدة ، إصلاحات تتجاوز بالتقويم مرحلة الأنتقال الطويلة لأجل أستشراف مرحلة التخطيط الأممي والشعوبي والإنساني التي تتواكب ومطلوبات التطور والمتغيرات التي تنادي بها عضوية الدول المنضوية تحت لواء منظمة الأمم المتحدة في .
وللإنصاف لقد لعبت منظمة الأمم المتحدة أدوارا تاريخيا مهمة في مجالات تنسيق وتكامل الجهود الأممية في مختلف الأعمال والمهام في مقدمتها المحافظة على مظلة هيبة ومهابة الأمم ، وفي جهود حفظ الأمن والسلم الدوليين والذي لولا جهود وحضور الأمم المتحدة في هكذا ميادين لأنهارت الشعوب والأمم بإسرها إلى درك العصر الحجري ، القوي فيها آكل والضعيف مآكول ولا تسأل عن أي تحضر وتقدم . ومن التحديات التي برزت بقوة
في أعمال الدورة الثامنة والسبعين للأمم المتحدة ، تحدي القضايا التاريخية العالقة منها على سبيل المثال القضية الفلسطينية الأسرائيلية ومشروع حل الدولتين وما أدراك ما حل الدولتين ، وقد تلاحظ في هذا الخصوص بأن معظم خطابات رؤساء وملوك وحكومات الأمم المتحدة قد تطرقت لهذا الموضوع مطالبة بقوة بوضع حدا وحلا لهذه المأساة مأساة القضية الفلسطينية الإسرائيلية التي صارت مع مرور الوقت الطويل وإستشراء ظاهرة عجز الحلول وإنعدامها وتردي الأوضاع على السياسية والحقوقية والأنسانية على الأرض أصبحت وصمة عار على جبين الشعوب والامم المتحدة ، كيف لا والقضية قد تجاوز عمرها الحقيقي القرن ١٩١٧ —- ٢٠٢٣ ، كيف لا وقرارات الأمم المتحدة لا تجد طريقها للتنفيذ وفي مقدمتها الحل العادل الشامل للدولتين ، كيف لا والإحتلال يمارس أبشع أنواع الهيمنة والقمع والإستيطان بإستخدام قوة ثلاثية الأبعاد بحق الفلسطينيين العزل القوة العسكرية القائمة وأدوات القوة الناعمة على كثرتها وتنوعها ، وقوة الصمت الدولي المطبق والمستطبق ، المقاومون من أجل الحرية والإستقلال ، يقتلون في جنازات يومية وإبادات جماعية ممنهجة السجون والمعتقلات ممتلئة عن آخرها من كل الفئات العمرية والنوعية بواسطة أداة إرهاب الدولة ، كيف لا والأمم المتحدة تعلم جيدا إختلال توازن وميزان القوة بين الإسرائيليين والفلسطينين ، كيف لا والامم المتحدة تدرك حجم التشظي وسط المكون الفلسطيني تشظي فكري إجتماعي سياسي أيدلوجي تخويني متطرف لايقل درجة عن اليمين الإسرائيلي المتطرف تجاه قضية وطنية إنسانية حقوقية تقضي تضافر الجميع وليس ضفر بعضهم البعض لتصبح النتيجة الحتمية لتلك الأفعال ( الهمجفوضوية ) بأنهم في كل يوم يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي أعدائهم وآخرين دونهم .
الرئيس الفلسطيني محمود عباس ابومازن في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الدورة ٧٨ إقترح عقد مؤتمر أممي حول القضية الفلسطينية يمثل الفرصة الأخير للحل وهذا ما ظللنا ننادي به من زمن طويل عبر المبادرة السودانية للحلول الإبداعية غير النمطية للقضية الفلسطينية ، في الوقت نفسه أكد خطاب الرئيس الأمريكي روسيا وقطر والسعودية ومصر وتركيا وأيران وغانا وجنوب أفريقيا والصين وغيرهم على حل الدولتين وفي ذات الإتجاه طالب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون والكولمبي غستاف بيترو والبرتغالي مارسيلو دي سوزا وغيرهم بالذهاب مباشرة إلى إتخاذ قرارات للحل الإجرائي بناءا على إكتمال على نحو تاريخي كافة حيثيات الحلول المفضية لمشروع الحل العادل للنزاع والصراع .
رئيس الوزراء الأسرائيلي بنيامين نتنياهو في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ظهر واثقا من الحل على طريقته الخاصة أهمها هزيمة لمشروع المقاومة الفلسطينية لنيل الحرية والإستقلال ، هزيمته عبر الإستخدام المطلق للقوتين القائمة والناعمة ومن خلال مناصرة الشركاء التكتيكيين والإستراتيجيين ، بجانب إقتراب إكتمال حلقات مشروع التطبيع السياسي مع دول الطوق والمقاومة والممانعة تطبيع ينظر إليه نتنياهو اليميني المتطرف من زاوية منفرجة زاوية التتبيع وليس التطبيع بمفهومه القائم على الحق والحقيقية مركزا بإنتشاء هذه المرة على جهود التطبيع الإستراتيجي مع الشقيقة المملكة العربية السعودية ، فالتطبيع برأيه المبطن مع الكل ( كوم ) ومع المملكة العربية السعودية كوم آخر تماما .
نتنياهو يموه ويعوم سياسيا مشروع حل الدولتين وهو رأي الأغلبية المطلقة داخل أروقة الأمم المتحدة ، متعاطيا منظومة دول التطبيع على الطريقة التي يأكل بها حيوان (ابونضلاف ) .
نصيحتنا لقيادة المملكة العربية السعودية وهي تمضى بحسابات دقيقة للتطبيع من إسرائيل حسب ما رشح من أخبار وتصريحات هنا وهناك وهنالك ننصح بالآتي ، أولا ضرورة عدم خلط إسرائيل والإدارة الإسرائيلية بقيادة نتنياهو بين مفهومين التطبيع من أجل التتبيع والتطبيع مقابل نيل الحقوق المادية والروحية العادلة كاملة غير منقوصة ، علما أن القضية الفلسطينية الإسرائيلية قد جربت طوال تاريخها الدموي الطويل كمية من الحلول الفاشلة مثل الحل بالقوة الجبرية والقهرية وحل الحروبات المدمرة وحل السلام الرمادي وحل السجم والرماد وهو حل الإرادة مقابل الإيرادات وحل الكرامة مقابل الإكرامات وأخيرا محاولات حلول التطبيع الشمولي تطبيع التتبيع ( وقديما قالوا المعضيه الدبيب بخاف من مجر الحبل وكذلك قالوا الدرب حسود بلمك في قتال أبوك أمثال شعبية .
نصيحتنا الحارة للإدارة السعودية بأن لا تصد وتوصد الطريق أمام السيد نتنياهو ومن خلفه إسرائيل لا من منطلق حساسية سياسية ولا دينية ولا حضارية حتى ، فاليهود كانوا وجود وشهود ومعاملات وديمغرافيا في عهد النبوة وفي دولة ودستور المدينة الفرق فقط اليوم في تفعيل وتوظيف القدرات الفكرية والإستراتيجيةةوالحضارية وفي إعمال الحكمة والبصيرة ومهاراتها الإيجابية .
يقترح أن يتم التطبيع عبر مشروع المبادرة السودانية الاممية للحلول الإبداعية للقضية الفلسطينية الإسرائيلية التي من سماتها الأساسية التكييف الفكري والسياسي والحضاري لطبيعة القضية تكييفها بسؤال جوهري ، هل القضية قضية أزلية نشأت لتبقي ليوم معلوم خارج إرادة البشر وعلم شهادتهم ام القضية قضية عزل سياسي حضاري نتيجة لأطماع بشرية بحتة ومفاهيم حضارية قاصرة عن ماهية وهوية ورسالة التجربة البشرية خلافة وعبادة وإعمار ومراجعة ورجوع ، الأجابة علي السؤال في صيغة الثانية تقود في إتجاه الحل الشامل العادل تقود إلى ضرورة إجراء ثلاثة حوارات متزامنة لبحث أفضل خيارات الحلول الموضوعية العادلة بين الفلسطينيين والإسرائيلين ، مؤتمر الحوار الحضاري ومؤتمر حوار الحضارات ومؤتمر الحوار السياسي .
يقترح لوزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بالتنسيق مع النظراء والأمانة العامة للأمم المتحدة تشكيل آلية تختص ببحث الرؤى التحضيرية حول الموضوع تضم الدول التي نادت بتسريع حل القضية من خلال الدورة الثامنة والسبعين وقبلها برعاية الأمم المتحدة ، ونحن في المبادرة السودانية على إستعداد تام بتقديم رؤانا التحضرية حول الموضوع عبر خارجيتنا تتضمن الخطة الفكرية والإستراتيجية والحضارية لمشروع حل الدولتين الذي سيشكل قاعدة مرجعية لمفهوم التطبيع المقتدر بعيدا عن إستخدام أدوات العنف المادي والمعنوي ومعاول التجريف والعجرفة السياسية والمعنوية .
ومن هنا نأمل أن يكون السيد نتنياهو ويمينه المتطرف والذين هم بداخل البيئة الفلسطينية السياسية والحضارية أن يكونوا قدر تحدي مطلوبات وإستحقاقات الحلول الإبداعية السياسية والحضارية غير النمطية الملزمة التي ستتضمنها توصيات ومخرجات المؤتمرات الثلاث مؤتمر الحوار السياسي والحوار الحضاري وحوار الحضارات التي تعقد بالتزامن تحت رعاية الأمم المتحدة .
التحدي قبل الأخير الذي يواجه مستقبل الأمم المتحدة هو عملية الإصلاح الجذري الذي نادت وظلت تنادي به عضوية الجمعية العامة مع ظهور تشكيلات دولية كبرى تنادي بالإصلاح فأي تهاون او تهميش او محاولات إلتفاف على هكذا دعوات نتيجته الحتمية تحريز النظام الأممي القديم وتجاوزه بنظام أممي جديد ، ربما إنتهى بالأمم والشعوب إلى بروز نظامين أمميين احدهما يعبر عن قيم التعددية وقيم الديمقراطية المقتدرة والآخر يعبر عن الدكتاتورية والشمولية المطلقة برأي الإتجاه المعاكس له ، إذن المطلوب من الأمانة العامة للأمم المتحدة بقيادة أمينها العام أنطونيو غوتوريش وهو شخصية قيادية أممية بدرجة مفكر أن يبتدر مشروع الإصلاح بصورة تحضيرية على أقل تقدير تحيط بكل الآراء والمقترحات وذلك بإطلاق عمليات مسح إصلاحي تقويمي اممي واسعة النطاق تسلك سبلا فجاجا أفراد وشعوب وأمم ومؤسسات ونخب وغير ذلك
تحدي أخير يواجه بإلحاح الأمم المتحدة وهو كيفية تحقيق السلام والإستقرار في بلدان كثيرة من العالم ونخص هنا بالذكر السودان فأن تحقيق سلامه اليوم قبل الغد بعد العرض المتكامل لرئيسه أمام الجمعية العامة وخطابات الرؤساء والملوك والحكومات المعززة لآتجاهات وقف الحرب وإقرار السلام العادل يمكن تلخيص ذلك بكل سهولة وبساطة في صيغ المقترحات والتوافقات والرجاءات والمبادرات التي أكدت جميعها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها ٧٨ وخارجها أكدت على وقف الحرب وتحقيق السلام العادل بالسودان وهذا لن يتأتي بعد أن حسم الجدل البيزنطي حول الشرعية من على منصة الأمم المتحدة بمخاطبة القائد العام للقوات المسلحة رئيس مجلس السيادة لن يتأتى إلا من بابين لا ثالث لهما باب الدولة بمبادرة منها ومن الذي يعتدي عليها وباب تنسيق جهدها مع جهود مبادرات الأشقاء والأصدقاء والمنظومات الرسمية مثل مبادرة دول الجوار والإتحاد الأفريقي والجامعة العربية والإيقاد والإتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ومحضر الجمعية العامة الأخيرة أقرب جهة لتنسيق تلك الجهود مع الدولة هي المبادرة السعودية الأمريكية بجدة التي قطعت شوطا مقدرا يختصر الحل والطريق اليوم قبل الغد فهل أنتم منتبهون لحاكمية وحكمة البابين . ولسع الكلام حايم بين التايمس كوير وناطحات سحاب مدينة منهاتن الساحرة الساهرة بنيويورك …

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى