الفاشر تشهد عمليات تحشيد عسكري واسعة ومصادر تتحدث تحرك قوة من الدعم من نيالا صوب المدينة
تشهد مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور، عمليات تحشيد عسكري واسعة، بعد تمدد قوات الدعم السريع في ولايات إقليم دارفور الأخرى.
وأفادت مصادر تحدثت لـ”القدس العربي” بأن الجيش قام باستعراض عسكري لقواته في المدينة، بينما حشدت الحركات المسلحة المتمركزة في الفاشر جيوشها، استعداداً لهجوم متوقع من قوات الدعم السريع.
وأشارت إلى تحرك قوة من الدعم السريع من مدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور للتجمع في محيط الفاشر مع قواتها القادمة من مناطق أخرى وانتظار تعليمات القيادة حول لحظة الصفر.
في المقابل، يضع الجيش قواته في وضع الاستعداد في الفرقة السادسة مشاة لصد أي هجوم متوقع، كما وضع ارتكازات كبيرة في المناطق المحيطة بقيادة الفرقة.
وحشدت الحركات المسلحة قواتها وعززت وجودها حول الأسواق، ومقرات المنظمات، والوكالات العالمية، والوطنية.
وفي تطور آخر، توجهت قوات تابعة لحركة جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور إلى الفاشر، والتي تعد من الحركات المسلحة واسعة النفوذ في إقليم دارفور- غير موقعة على اتفاق سلام جوبا، وذلك بعد ما أصبحت منطقة جبل مرة التي تسيطر عليها في قلب المعارك.
وكانت الحركة قد أعلنت بداية الحرب التزامها بالدفع نحو إنهاء الحرب وعدم الانحياز إلى أي جانب. وفي ظل التحشيد الواسع الذي يشهده الإقليم المضطرب منذ عقود، قال حاكم إقليم دارفور مني اركو مناوي إنه تلقى الثلاثاء اتصالاً من زعيم قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي).
وبعد سبعة أشهر من الحياد، أعلنت حركات مسلحة رئيسية في إقليم دارفور، موقعة على اتفاق سلام جوبا، انحيازها إلى جانب الجيش السوداني في مواجهة قوات الدعم السريع التي وصفتها بالميليشيات المتمردة التي تخوض حرباً مدفوعة الثمن لتمزيق البلاد. وبعد سقوط مدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور في يد قوات الدعم السريع، أعلن عدد من قادة الحركات المسلحة في 16 نوفمبر/ تشرين الأول الماضي تحولهم عن مواقفهم السابقة حول الحرب، بعد أن أصبحت مدينة الفاشر التي تتمركز فيها قواتهم الهدف التالي للدعم السريع، الأمر الذي يهدد على نحو مباشر وجود الحركات في الإقليم.
جاء إعلان الحركات خلال مؤتمر صحافي في مدينة بورتسودان عاصمة ولاية البحر الأحمر شرقي البلاد، بمشاركة قادة بارزين من الحركات المسلحة، على رأسهم حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي ووزير المالية جبريل إبراهيم.
وكان قد رافق رئيس المجلس السيادي، عبد الفتاح البرهان قبلها بأيام في زيارتين إلى كل من كينيا وإثيوبيا.
ومنذ اندلاع حرب 15 أبريل/ نيسان الماضي أعلنت الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق سلام جوبا الحياد، داعية الجانبين إلى التسوية.
وسارعت الحركات إلى إعلان موقفها بعد ساعات قليلة من إعلان قائد ثاني الدعم السريع عبد الرحيم دقلو انخراطه في اجتماع مع الحركات المسلحة، منتصف الشهر الماضي، والذي أكد خلاله اتفاق الجانبين على العمل والتنسيق المشترك من أجل أمن واستقرار إقليم دارفور وحماية المدنيين وعدم السماح لمن وصفهم بدعاة الفتنة العبث باستقراره خاصة في مدينة الفاشر. وشددت الحركات في إعلان مشترك على أنها لن تسمح بأن يكون إقليم دارفور بوابة لتقسيم البلاد.
وشارك في الإعلان حاكم إقليم دارفور، رئيس حركة جيش تحرير السودان مني اركو مناوي وزعيم حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم بالإضافة إلى حركة جيش تحرير السودان جناح القائد مصطفى تمبور وصلاح الولي من قوى تحرير السودان.
وقال قائد حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم إن موقفهم واضح فيما يلي الحرب المندلعة في السودان والتي تمضي نحو شهرها الثامن، معلناً تضامنهم مع الجيش ضد الدعم السريع الذي وصفه بـ”التمرد”، مؤكداً أن “انحيازهم للجيش من أجل حماية المواطن السوداني في كل مكان في السودان وليس دارفور فقط”.
وأبدى مناوي تخوفه من تقسيم البلاد إلى دويلات حال استيلاء الدعم السريع على السلطة. وأشار إلى انقسام الإسلاميين ما بين الجيش والدعم السريع، بينما تحالفت مجموعة أخرى مع مركزي الحرية والتغيير، على حد قوله.
وقال خلال مخاطبته، الأربعاء مؤتمر صحافي في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا، إن إعلان قواته عدم الحياد، لا يعني بالضرورة الانحياز إلى الجيش وإنما الالتزام بحماية المدنيين والمرافق الوطنية. وامتنع عن الرد على الأسئلة المتعلقة بموقف حركته حال هجوم الدعم السريع على الفاشر، مشيراً إلى أن الحديث بالخصوص سابق لأوانه. وأضاف: “الجسر يعبر عند الوصول إليه”.
وفي الوقت ذاته حمل الدعم السريع مسؤولية جميع الانتهاكات التي ارتكبت ضد المدنيين، مشيراً إلى أن الجيش التزم بالبقاء داخل حامياته في دارفور منذ اندلاع حرب 15 أبريل/ نيسان الماضي، وأنه في إطار الدفاع عن النفس ارتكب بعض الانتهاكات خلال عمليات القصف الجوي والمدفعي العشوائي والذي أودى بحياة المدنيين.
وكانت الحكومة الانتقالية السودانية قد وقعت في أكتوبر/ تشرين الأول 2020 اتفاق سلام مع الجبهة الثورية المكونة من عدة حركات مسلحة وتنظيمات معارضة وبناء على الاتفاق حازت الجبهة الثورية على ثلاثة مقاعد في مجلس السيادة، وخمس حقائب وزارية. وتولى مناوي منصب حاكم إقليم دارفور بينما أصبح القيادي في الحركة الشعبية شمال جناح مالك عقار، أحمد العمدة منصب حاكم إقليم النيل الأزرق جنوب البلاد.
وتضع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع اتفاق السلام على المحك، والذي كان من المرجو أن يقود إلى استقرار إقليم دارفور المضطرب منذ عقدين.
وكانت تعول الحركات المسلحة على الحفاظ على الاتفاق عبر الحياد والدفع نحو تسوية بين الجيش والدعم السريع، إلا أن تمدد الحرب في مناطقها بات مهدداً وجودياً لبقائها في إقليم دارفور.