امدر تايمز والناس

سائق التاكسي : صلاح محمد عبد الدائم (شكوكو)

▪️قصة حقيقية حكاها أحد أصدقائي يقول فيها : كنت وقتها ضابطا برتبة المقدم في الجيش وأسكن في منزل بالإيجار .
▪️في إحدى الليالي حصل خلاف كبير بيني وزوجتي ووصلنا حد الطلاق لسبب بسيط لم أعد أذكره .
▪️أصرت زوجتي أن أعيدها لبيت أهلها في ذلك الليل البهيم وتعالت الأصوات وسط صراخ الطفلين !!!
▪️لم أكن حينها أملك سيارة فوقفت في الشارع وصادفت سائق تاكسي (هنتر) راجع إلي بيته بعد سهرة عمل شاق أوقفته وكان يظنني ذاهب في إتجاه عودته للبيت .. لكنني رجوته فوافق على مضض .
▪️كان كل من السائق و التاكسي قد بلغا من العمر عتياً .. ولكن المعايش جبارة !!!
▪️ركبت زوجتي ومعها الطفلين في المقعد الخلفي .. وتكومت أنا مرهقاً في المقعد جوار السائق العجوز .
▪️أثناء المشوار لم تكف زوجتي عن (النقة) ووصفي بكثير من الأوصاف لإثبات أن الخطأ مني .. وتصرخ في الأطفال وهم يبكون .
▪️عبرت السيارة الكبرى وطوال الوقت هي تهرج وتتكلم بعنف وأنا مرهق وزاهد عن الكلام .. لكنني بين الحين والآخر ألتفت إليها وأرمقها بنظرات حادة كي تكف عن الكلام .
▪️فجأة أوقف عمنا العجوز التاكسي وبدأ ينهر في زوجتي ويصيح في وجهها وكأنه أبوها أو أحد أعمامها ويقول لها بعبارات صارمة : هسي دا سبب عشان تخربي بيتك وتضيعي الأطفال ديل ؟؟!!!
▪️أنا علي الحرام شاهد وشايف الزول دا ساكت وصابر ومنضبط طوال المدة دي .. ولم يرد على إساءاتك ولا بكلمة !!!
▪️أصر السائق عليها أن تسكت وقال لها : ماعايز أسمع صوتك أبدا !!! أي كلمة منك .. انا بتصرف تصرف تاني .
▪️فجأة لف العربية و عكس إتجاهه عائدا الى المكان الذي أخذنا منه .
▪️طوال فترة الرجوع ولأن المشوار طويل وبعد أن سكتت زوجتي ضربنا الهواء البارد ومازلت أذكر ان الأطفال المرهقين ناموا في التاكسي .
▪️رجعنا البيت وحمل السائق العجوز معي أحد الأطفال إلى داخل البيت !!!
▪️أشار العجوز الى زوجتي قائلاً : (كان دايرة الطلاق وعايزة تخربي بيتك شوفي ليك سواق تاكسي غيري .. أنا حرم ما ببقى جزء من البشتنة دي) !!!
وأشار على قائلا : (على الطلاق ما تدفع حق المشوار) .. وخرج مسرعاً وأنا أتابع صوت التاكسي يتلاشي في ذلك الليل وفي ذلك الحي البعيد في طرف المدينة .
▪️في ذات الوقت أصاب الوجوم زوجتي .. وتلاشي إنفعالها وسكنت تماما مع شيء من الحيرة !!! وهدأت الأحوال تماما كأن شيئا لم يكن.
▪️لم تمهلني الدهشة والخجل وذلك الخليط من الشعور أن أسجل رقم التاكسي ولا إسم عم زوجتى أقصد عمنا السائق عن إسمه وعنوانه!!!
▪️ مرت السنوات .. وتقدمت في العمر والعيال كبرت وتدرجت في الرتب العسكرية وصرت ضابطاً عظيماً وإمتلكت سيارة .
▪️لكن كل ما أمر على سيارة تاكسي صفراء (هنتر أو هيلمان) ينتابني شعور بإلإطمئنان والإمتنان وأتفحص وجه السائق لعلي أعثر على ذلك الضابط أقصد سائق التاكسي العظيم !!!
▪️أقول لكم هو فعلاً ضابط عظيم !!! إذ ماهي العظمة وهذا الرجل قد اصدر قرارات وأوامر غيرت مسيرة حياتنا .. بل ضبط حياتنا وما زالت زوجتي تذكره بالخير وأنا أمازحها وهي تداعب حبات المسبحة وتتمتم : (سواق التاكسي فضله علينا كبير ربنا يديه العافية) ..
????هذا شعب عظيم وشعب معلم .. وكل فرد فيه له دور متعاظم بفضل تربيته السودانية الأصلية ويستأهل حياة كريمة تليق به .
???? ندعو الله أن يعيد لبلادنا الأمن والأمان .
.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى