القيادة أمانة صعبة والسياسة عمل تفاني .
الحروب من أصعب محكات التصدي خلالها لقيادة الأمم ..فالذين يساهمون في أشعالها ليس بالضرورة هم القادرون على إطفاء حريقها لاسيما أن هو أفلت منهم زمام الحكمة في الخطابة وفشلوا في تكريس الخطط التي إما أنها تقودهم إلى النصر الموزر بفراسة المسئؤلية التي لا تخلو من التضحية بالنفس و التحلي بشجاعة الترجل عن سرج القيادة لمن هو اكفأ على تحقيق النجاحات اواجدر في ذات الوقت على جرأة تحمل نتائج الفشل الذي يهدد بقاء كيان الدولة وتماسك جغرافيتها .
فالخطابة الجوفاء في ملمات وتحميس الجنود بعيدا عن الميدان لن تجمع ولو ذرة من التراب الذي تناثر وعبثت به رياح النفخ في شرارة هذه الحرب بين رجلين وكأنها حلا علينا بغضب من السماء والعياذ بالله .
وهاهما بعد أن اتسعت حرائق صراعهما الطفولي لعبا بالنار في هشيم واقعنا المرير …هاهما الان يتبادلان لغة الاسفاف الجارح والسفه البغيض و كل واحد منهما يدعي بطولة ليقع في اتساع فجوة سخفهما كل يوم المزيد من الضحايا أما موتا أو شتاتا أو رعبا أو جوعا و البناء يتصدع تخريبا وينهار هدما ..وهما على ما يبدو لا يشعران بحجم المأساة التي ستجعل هذا الوطن قعيدا لعقود قادمة و سيظل جرح خنجر هذا الصراع عميقا في نفوس الناس و سيفرز خطاب الكراهية الشعبوي والتعبوي والدعوة للفرز بين أحفاد البطة البيضاء المزعومة و التعميم في اتهام ابناء تلك السوداء المظلومة المزيد من التباعد الاجتماعي النسبي الذي ظل على علاته الحبيسة في النفوس يمثل لبنة لأمة هشة لطالما تمنيناها لتصير متماسكة البنية فوق هذا التراب المشبع بكل انواع الخيرات التي كانت ستكفينا وتفيض إلى من حولنا ..لو ان النفوس قد طابت بالرضاء واستجابت بنعمة القناعة و حبتنا رحمة المولى بالقيادات السياسية الحكيمة التي تدير هذه النعم بالمعرفة والعلم وهي تؤثر نحن الجمع لرفعة البنيان بدلا عن سبة الأناء ومن بعدي الطوفان ..وتعلي مقام الوطن فوق التنظيمات و الجهويات والإثنيات و تجعل العقل حاكما لكتابة التاريخ الناصع والسلاح محكوما بالضرورة التي تحمي الحدود وليس أداة للضرر الذي يحرق إرث الجدود !