فى زواج المتعة: هل يجوز العقد على البغى؟ عبد الحفيظ المريود
•• عبدالحفيط المريود ••
فى العام 2016م، وفى إطار جولة خليجية له، قام الفريق طه عثمان الحسين بقطع العلاقات الدبلوماسية مع جمهورية إيران. العالمون ببواطن الأمور قالوا إنه تم إبلاغ بروفسور إبراهيم غندور، وزير الخارجية بالقرار هاتفيا. لكن غندور لم يمانع أن يصرح للإعلام بأن القرار جاء احتجاجا على (التدخل الإيراني فى شؤون المنطقة، على أساس طائفى). سبق ذلك ترتيبات سودانية تهيئ البيت للخليج. كان جهاز الأمن قد أغلق المركز الثقافى الإيراني بالخرطوم وأمدرمان.. ثم احتل الحسينية الكائنة فى الخرطوم شرق، قريبا من شارع المك نمر..ومنع أو ضيق إلى حدود بعيدة، أى نشاط شيعى، حتى ولو كان معارضا لإيران. وبالمقابل سمح للسلفية السعودية “الرجعية” بالتمدد..حتى لقد اصطدمت – غير مرة – بالتيارات الصوفية، صدامات مستخدمة العنف. تغلغلت السلفية فى مفاصل الحياة السياسية، صاروا وزراء، وكلاء وزارات، وغيرها..ظهرت بصماتهم حتى فى المناهج الدراسية..وذلك استرضاء للسعودية، واستدرارا لعطف الخليج.
شايف كيف؟
الخطوات تلك، أعقبها انخراط سودانى رسمى فى (الدفاع عن الحرمين الشريفين)، بإرسال كتائب من الجيش السودانى، وكتائب من الدعم السريع للقتال ضمن قوات التحالف العربى، ضد الحوثيين فى اليمن. ومنعا للتغلغل الإيراني. فى أثناء ذلك، جرت إجراءات سودانية فيما يخص تعزيز الوضع الملكى فى البحرين، وضرب الأغلبية الشيعية هناك..ثم جاء الفريق صلاح قوش، فى عودته مديرا لجهاز الأمن والمخابرات الوطنى، “عودة ديجانغو”، ليضع نظام الإسلاميين على طريق جديدة، حين قدم تنويراته المهمة لقطاعات المؤتمر الوطنى، بأننا سنلعب لصالح معسكر (الإمارات- السعودية- أمريكا، وإسرائيل)، بالوضوح الكافى. ولم يكن ثمة اعتراضات على الانضمام لهذا المعسكر، فى ظل خناقات اقتصادية، ترد للخدمات، وتحديات داخلية.
شايف كيف؟
لكن نظام البشير سقط. فى أعقاب ثورة شعبية، هى ثورة ديسمبر 2019م. مع أن الإسلاميين يحبون تسميتها بالإنقلاب، باعتبار أن قوش واللجنة الأمنية للبشير، لعبت دورا فى الإطاحة به. والقصة جاطت..وبالتالي فإنها ليست ثورة، وهى محاولة للهروب من حقيقة أن الشعب السودانى لفظ حكمهم، وقدم فى سبيل ذلك شهداء كثر.
واستئنافا للخط القوشى، فى المحور الجديد، قام رئيس مجلس السيادة، القائد العام للجيش، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، بلقاء بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الاسرائيلى، فى عنتيبى، بيوغندا، فى الثالث من فبراير 2020م. تقول المعلومات إن اللقاء تم بترتيب إماراتى. صرح، بعده، فيصل محمد صالح، وزير الإعلام، والناطق الرسمى باسم حكومة رئيس الوزراء، د. عبد الله حمدوك، بأنه (لم يتم إخطارنا باللقاء، وننتظر توضيحات من رئيس مجلس السيادة). الشيئ الذى يشير إلى أن البرهان أقدم على الخطوة، منفردا، ضد خط الحكومة التنفيذية. مع أنه برر ذلك – لاحقا – بأن مسألة الحرب والسلام هى “مسألة سيادية “.
شايف كيف؟
لكن حرب الخامس عشر من أبريل أربكت الحسابات جميعا، بالنسبة للبرهان والإسلاميين. فقد ثبت أن التقارب الجديد، والتعهدات التى وضعها السيد على كرتى، الأمين العام للحركة الاسلامية، على طاولة محاور اقليمية ودولية، لم تكن مقنعة. ذلك أن الكثير من الدوائر باتت تعى أنها لا تعدو أن تكون ذرائع من أجل العودة إلى الحكم. وأن اللعب على التناقضات لم يعد بتلك البراعة، مخفيا وناعما..بل صار أشتر كلية..
لكن الوضع الميدانى، وانكشاف السوءات القتالية، والسرديات الممجوجة، جعلت سيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، القائد العام للجيش يلتجئ إلى إيران. ذات الرجل الذى التقى برئيس الوزراء الاسرائيلى فى يوغندا، وذات الرجل الذى يقاتل جنوده وضباطه ضمن قوات التحالف، منعا للتمدد الإيراني فى المنطقة وتهديد أمن الحرمين والمملكة. لتنهض معه جوقة الإسلاميين مهللة، من أجل القضاء على “التدخلات الإماراتية فى الشأن السودانى”، هذه المرة. بعد قطع للعلاقات بين البلدين، دام سبع سنوات.
شايف كيف؟
استراتيجيا: هل يمكن أن تقع إيران فى الفخ؟
بالنسبة لها، فإن ثمة قضيتين لا تفرط فيهما: الحرب ضد اسرائيل، والتمدد السلفى فى المنطقة. وإيران تعى أن السودان ليس دولة مواجهة مع إسرائيل. وبالتالي لا يمكن التعويل عليه فى المعركة المصيرية..الإسلاميون يدعمون حماس، لكنهم لا يجدون فى أنفسهم حرجا من بيعها لمن يدفع أكثر، كما فعلوا مع الإخوان فى مصر..ولم يعد من الممكن الحديث عن خطوط إمداد لحماس من السودان..فالجميع يعلم أن السودان فى حاجة لبضع مسيرات وطائرات مقاتلة.
بالنسبة لخطر التمدد الوهابي والسلفى، فلم يعد أولوية قصوى. إصلاحات محمد بن سلمان فى المملكة، قضت عليه دون قتال كبير من إيران. وبالتالي فليس ثمة دور كبير أو صغير يمكن للسودان أن يلعبه فى معركة لم تعد إيران ذاتها تخوضها.
فهل يستمر زواج المتعة بضعة أشهر، أم سينهار فى شهره الأول؟ لا سيما وأن إيران تعرف أن السيدة مبتذلة، متقلبة فى الأسرة لمن يدفع أكثر.
شايف كيف؟
ذلك ما ستكشفه الأيام القادمة.