الأخبار

مقاطعة البرهان لقمة إيغاد تهدف إلى أضعافها في الأزمة السودانية

الخرطوم– ستواجه قمة الهيئة الحكومية للتنمية بشرق أفريقيا (إيغاد) الطارئة الخميس المقبل تحديات تتعلق بمواصلة جهودها لوقف الحرب الدائرة في السودان بعد رفض قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان حضور القمة، وهي الخطوة التي تهدف بحسب محللين إلى إضعاف دور المنظمة في الأزمة السودانية.

يأتي ذلك بينما بدأت تحركات الأمم المتحدة ومنبر جدة تعود إلى الواجهة من جديد بعد أشهر من سيطرة إيغاد على الملف.

ويؤكد متابعون أن دور إيغاد، التي تتحرك بالتنسيق مع منبر جدة وتعمل وفق خارطة طريق أفريقية وتستهدف وقف القتال، قد يتأثر لصالح جهات أخرى تدفع الطرفين نحو السلام أيضا، وسيكون للدول المجاورة للسودان حضور بأشكال مختلفة إذا لم تفض القمة الاستثنائية التي ستعقد في أوغندا الخميس إلى حلول إيجابية.

وأكد الباحث والمحلل السياسي السوداني محمد تورشين أن رفض البرهان كان متوقعا بعد فشل انعقاد اللقاء المباشر مع قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وحال ذهب إلى أوغندا لحضور القمة فذلك سيعنى أن قائد الدعم السريع يمتلك موقفًا قويًا على المستوى التفاوضي يدعم تفوقه العسكري.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “الاتصالات التي أجراها المبعوث الأممي إلى السودان رمطان لعمامرة مع كل من حميدتي والبرهان قد تؤدي لعودة قضية السودان إلى الحاضنة الدولية بعد أن ارتكزت في الشهرين الماضيين على حلول أفريقية، ما يمنح منبر جدة برعاية السعودية والولايات المتحدة فرصةَ تصدّرِ مشهد التفاوض مرة أخرى”.

وبدأ لعمامرة السبت مباحثات رسمية مع مسؤولين سودانيين بعد وصوله إلى بورتسودان لبحث وقف الحرب في السودان، ومناقشة الأوضاع الإنسانية المتفاقمة في البلاد.

وعبرت تصريحات إعلامية صدرت من وزارة الخارجية السودانية التي تتخذ موقفًا متشددا حيال إنهاء الحرب، عن رغبة الجيش في إيجاد مسار آخر للتفاوض بعيداً عن منبر إيغاد، كما أن الحديث المعلن عن نية لعمامرة وضع خارطة طريق لحل الأزمة عقب انتهاء المشاورات التي يجريها مع جميع الأطراف يشي بأن قيادة الجيش تعمل على تخريب قمة إيغاد الاستثنائية قبل أن تبدأ.

وزعم مجلس السيادة السوداني أن إيغاد لم تلتزم بتنفيذ نتائج قمتها الأخيرة في جيبوتي قبل نهاية ديسمبر الماضي، وكان من بينها عقد لقاء مباشر بين البرهان وحميدتي، مشيراً إلى أن حكومة السودان ترى أنه “ليس هناك ما يستوجب عقد قمة لمناقشة أمر السودان قبل تنفيذ مخرجات القمة السابقة”.

في المقابل شكل قبول حميدتي دعما لاستمرار مساعي الهيئة الأفريقية للوصول إلى اتفاق سياسي من شأنه وقف العمليات العسكرية المستمرة منذ منتصف أبريل الماضي.

ورحب قائد الدعم السريع بدعوة إيغاد قائلا “اتساقا مع موقفنا الثابت الداعم للحل السلمي الشامل الذي ينهي مرة واحدة وإلى الأبد الحروب في السودان عامة، وحرب الخامس عشر من أبريل خاصة، أكدت قبولي دعوة الحضور والمشاركة في الدورة”.

والانتقال بين منصات التفاوض وفّر للأطراف الساعية إلى إطالة أمد الحرب، وفي مقدمتها فلول النظام السابق، فرصة مواتية للمراوغة؛ فكلما جرى فتح منصة للوصول إلى نقطة توافقٍ تعقدت الأمور ووصلت إلى مرحلة معاداة المنصة والبحث عن غيرها للبدء من نقطة الصفر، وهو ما حدث في منبر جدة ومؤخرا منبر إيغاد، فضلا عن إحباط تحركات القوى المدنية قبل أن تبدأ بشكل فعلي.

وأوضح عضو المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير كمال بولاد أن الأحزاب المدنية تنظر إلى مبادرة إيغاد على أنها جزء من مساهمات المجتمعيْن الدولي والإقليمي في وقف الحرب، ويسود اعتقاد أن من المهم التعاطي مع هذه الجهود إلى حين بلوغ نتائج إيجابية، وكانت القوى المدنية تأمل أن يستجيب البرهان لدعوة إيغاد التي كانت ستمنح آمالاً عريضة في وقف الحرب.

وذكر في تصريح لـ”العرب” أن “مقاطعة قائد الجيش لاجتماع أوغندا علامة قاتمة، وثمة تعويل على تصحيح هذا الموقف لاحقًا من خلال دمج مبادرة إيغاد مع منبر جدة، للتوصل إلى حل يُنهي معاناة السودانيين الأبرياء”.

وشدد بولاد على أن دور إيغاد يمكن تعزيزه عبر قبول طرفي الحرب به، وقد تؤدي مقاطعة البرهان إلى إضعاف هذا الدور رغم أهميته بحكم الجوار الإقليمي وتشابه الأزمات في المنطقة، لأن إيغاد أقرب إلى واقع السودان وثقافاته، وحتى تستعيد المنظمة دورها المطلوب لأجل إيقاف الحرب لا بد من إيجاد مدخل يضمن قبول قائد الجيش لدورها.

وحظيت القمة السابقة غير العادية الحادية والأربعون لرؤساء وحكومات دول إيغاد في جيبوتي، وخصصت لبحث الأوضاع في السودان، بحضور إقليمي ودولي كبير ومشاركة مبعوثين من دول عديدة، ما منحها زخما سياسيا آنذاك.

وأقرت إيغاد في اجتماع سابق توسيع الآلية المشتركة بضم أطراف إقليمية ودولية لتكون بديلا عن آلية إيغاد الرباعية المخصصة لحل الأزمة، ودعمت الخارطة الأفريقية التي اقترحت بشأن حل الأزمة السودانية.

وتشمل الخارطة وقفا دائما لإطلاق النار، وتحويل الخرطوم إلى عاصمة منزوعة السلاح، وإخراج قوات الطرفين المتصارعين إلى مراكز تجميع تبعد 50 كيلومترا عن الخرطوم، ونشر قوات أفريقية لحراسة المؤسسات الإستراتيجية في العاصمة، وتبنت خطة تدمج بين رؤية منبر جدة ومقترحات إيغاد، والتي سوف تقود إلى إجراءات لوقف الحرب، وإطلاق عملية سياسية تمكّن من انتقال السلطة إلى المدنيين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى