الأخبار

دعوة البرهان لإقامة معسكرات لتدريب النساء حديث السودانيين

إشراقة علي عبدالله – اندبندنت عربية
أحدثت الدعوات التي أطلقها القائد العام للجيش السوداني عبدالفتاح البرهان إلى ما سماه “التصدي لانتهاكات الدعم السريع” في المناطق التي يسيطر عليها، من خلال إقامة معسكرات لتدريب النساء على السلاح، ردود فعل متباينة، ما بين مؤيد ومعارض.

وتواجه قوات “الدعم السريع” اتهامات بارتكاب جرائم في حق النساء منذ اندلاع الحرب بالعاصمة الخرطوم منتصف أبريل (نيسان) الماضي، وهو الأمر الذي يقابل باستهجان وإدانات واسعة على الصعيدين المحلي والعالمي.

تقول ناشطات سودانيات إن تجنيد وتسليح الفتيات والنساء وانخراطهن في معسكرات تدريب عسكرية يعني العودة لمفاهيم النظام السابق الذي أطاحت به ثورة شعبية في أبريل 2019، إذ سبق أن أنشئ معسكرات باسم “أخوات نسيبة” التي تعد أول كتيبة مقاتلة إبان تلك الفترة، إضافة إلى أنها تعد بمثابة دعوة إلى استمرار الحرب، كما اعتبرن تجييش النساء في هذه الحرب العبثية والدفع بهن إلى ساحات المعارك عملاً منافياً للأعراف المجتمعية والقانون الدولي مهما عظمت الدوافع.

وأبدت حملة “نساء ضد الحرب” قلقها من استقطاب الفتيات والنساء وتسليحهن، فضلاً عن المظاهر العسكرية في المدن والقرى بالولايات الآمنة، ودخول قوات جديدة إلى دائرة الاقتتال، مما يؤدي إلى تفاقم أزمة السودان باستمرار الحرب بين الجيش و”الدعم السريع”.

وأكدت الحملة في بيان أن الخروج من مأزق الحرب يبدأ بوحدة كل القوى المدنية واتخاذ خطوات جريئة لقطع الطريق أمام دعاة الحرب، مشيرة إلى أن “حال البلاد التي تعيشها في ظل الحرب من توترات أمنية، هي التي دفعت المرأة للتسجيل في المعسكرات التدريبية لحماية نفسها من الانتهاكات التي طاولت عديداً من النساء أثناء الحرب، واتخاذها أبعاداً مروعة”.

في خضم هذه التداعيات، كانت ضربة البداية في مدينة عطبرة بولاية نهر النيل شمال السودان، التي أطلقت فكرة تجنيد الفتيات والنساء بمعسكرات ضمت نحو 200 متدربة تتراوح أعمارهن ما بين 20 إلى 50 عاماً تحت إشراف ضباط ينتمون للجيش السوداني، فيما يوجد قيد التسجيل نحو 300 فتاة وسيدة، أغلبهن من النازحات اللاتي هربن من جحيم الحرب، وتكرر الأمر في ولايتي كسلا والبحر الأحمر شرقاً، ثم النيل الأزرق في الجنوب الشرقي، إلى جانب الولاية الشمالية.

دفاع عن النفس

تشير المواطنة منى العجب (32 سنة) التي تقطن ولاية نهر النيل، إلى أنه “من الضروري الالتحاق بمثل هذه المعسكرات التدريبية حتى يتسنى للمرأة حماية نفسها من الانتهاكات الجسيمة في ظل الحرب، واستهدافهن من عناصر ’الدعم السريع‘ من دون تمييز في الأعمار، إذ تعرض كثيرات إلى تعديات وصلت إلى العنف الجنسي والاغتصاب والتهجير القسري والاختفاء والضرب والإساءة بألفاظ نابية حين الاعتراض على سلوكياتهم المخلة”.

وأضافت “انضمامي إلى معسكر التدريب من أجل تعلم كيفية استخدام السلاح، إضافة إلى فنون القتال الدفاعية حتى أكون أكثر استعداداً، بخاصة بعد دخول ميليشيات ’الدعم السريع‘ ولاية الجزيرة والسيطرة عليها من دون مقاومة، مما جعل بقية الولايات في حال ترقب، لا سيما أن هناك بعض الإرهاصات التي دارت في مدن الولاية، من زرع الألغام والتعديات على المناطق الأثرية، مما خلق نوعاً من الاستنفار والتسليح الشعبي الذي لم يقتصر على الرجال فقط”.

وتابعت “في ظل هذه الظروف المتوترة ليس هناك خيار أمام النساء غير التدريب على حمل السلاح، فضلاً عن أنه الطريق الأمثل من أجل الشعور بالأمان، لذلك أدعو كل امرأة إلى أن تسارع للانخراط في هذه المعسكرات لحماية نفسها من أي انتهاك”.

اكتساب المهارات

في السياق أوضحت مروة عثمان التي تقيم في أحد معسكرات الإيواء بمدينة بورتسودان بولاية البحر الأحمر أن “معسكرات التدريب تعمل على تمكين المرأة من الدفاع عن نفسها وأفراد أسرتها من العنف وترويع الفتيات والنساء بمختلف الأساليب، بخاصة الاغتصاب الذي أصبح مباحاً في هذه الحرب، إضافة إلى تعرضهن للاختطاف من الشوارع أو استهدافهن وهن يحاولن الفرار إلى بر الأمان عبر الحدود”.

وأردفت “دوافع الانضمام للمعسكرات كثيرة، وقد تكون من منطلق الانتماء إلى الأبناء المجندين الذين يخوضون المعارك، فضلاً عن أن هناك عديداً من الأسر فقدت أفرادها بسبب الصراع المحتدم بين الجيش و’الدعم السريع‘، ونظراً إلى ذلك جاءت الرغبة في التجنيد”.

وأضافت عثمان “انتمائي للجيش بدافع الحس الوطني، إلى جانب تعلم مهارات القتال حتى أستطيع حماية أسرتي، بخاصة أن أغلب أفرادها فتيات، مما يتطلب الدفاع عنهن من الاعتداءات التي طاولت عدداً منهن وأدخلتهن في صدمة نفسية، إضافة إلى حالات الانتحار”.

ومضت في حديثها قائلة إنه “من خلال تجمعات الفتيات والنساء داخل المعسكر، اتضح جلياً أن السبب الأساس في زيادة الإقبال على التدريب هو اكتساب مهارات قتالية وليس بدافع الفقر والحاجة إلى المال في ظل ما تعانيه الأسر من أوضاع معيشية متردية”.

سيناريو سابق

من جهتها قالت الاستشارية النفسية والاجتماعية أحلام يوسف إن “الصدمة التي تعرضت لها الفتيات والنساء منذ اندلاع الحرب بسبب الانتهاكات وممارسة كل أشكال الإذلال، دعت كثيراً منهن إلى البحث عن أي منافذ توفر لهن الحماية، وسط مخاوف من استمرار الصراع، حتى تنجو كل واحدة بنفسها من وصمة العار التي ستلاحقها مدى الحياة”.

واصلت يوسف “إقامة معسكرات لتدريب المرأة في هذا الوقت هو تكرار سيناريوهات النظام السابق الذي حاول تجييش المجتمع رجالاً ونساء، بالتالي وقوع مزيد من العبث والانتهاكات في حق المرأة والشرائح الضعيفة، كما شهدنا بالعاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة”.

وزادت الاستشارية النفسية والاجتماعية “أرى أن حماية المرأة لا تكون بإقامة هذه المعسكرات التدريبية، فمن الأجدى رفع الوعي من خلال تفعيل الورش والمنتديات لمناقشة سبل وكيفية إيجاد حلول للأزمة التي تعيشها البلاد في كل الجوانب”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى