الأخبار

القيادي في تنسيقية «تقدم» بكري الجاك: تعدد المبادرات يضر بجهود إنهاء الحرب في السودان

اعتبر القيادي في تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية «تقدم» بكري الجاك الهجوم على القوى المدنية أمرا ممنهجا ومقصودا لإفراغ الفضاء السياسي وهزيمة مشروع الانتقال والتغيير في السودان.
وأكد في حديثه لـ«القدس العربي» على موقف التنسيقية الداعم للجهود الإقليمية والدولية من أجل إنهاء الحرب المندلعة في البلاد منذ منتصف نيسان/أبريل الماضي، لكنه في ذات الوقت يعتبر تعدد المبادرات مضيعة للجهود ومدخلا يمنح الأطراف المتقاتلة فرصة للتراجع والتنقل بين المنابر من دون محاسبة.
وفي ما يأتي نص الحوار.
○ ما هو تقييمكم للأوضاع على الأرض في السودان، بينما تتسع رقعة الحرب المندلعة منذ نحو عام؟
• منذ الأيام الأولى للحرب، كان واضحا أنها حرب لن يكون فيها منتصر، لأنها تدار داخل المدن وسط المدنيين الذين يستخدمهم الطرفان كدروع بشرية. من الناحية الميدانية، الدعم السريع بطبيعة الحال كانت ميزته التفضيلية السرعة، أما الجيش فكان تاريخه القتالي الطويل ولديه سلاح المدفعية والطيران. للأسف أن السلاحين لم تكن لهما نتائج في المدن وأدى استخدامهما إلى موت المدنيين. في ذات المستوى الدعم السريع ليست لديه تجربة في إدارة دولة، لذلك بدا واضحا أن هذه الحرب لن يكون فيها انتصار حاسم ومهما طال أمدها مصيرها أن تنتهي إلى طاولة التفاوض. الأمر الأكثر خطورة هو الواقع على أرض في ظل الانقسام المجتمعي الحاد واصطفاف مجموعات قبلية في دارفور خلف الدعم السريع فيما يعتبرونه حربا وجودية، بالمقابل الخطاب حول معركة الكرامة والمقاومة الشعبية والتحشيد الذي يتم في الولايات الشرقية والجزيرة والنيل الأزرق ونهر النيل والشمالية، والتي باتت نتائجه واضحة. الوضع مزري ومخيف بينما تتحول البلاد إلى مناطق تدار بواسطة أطراف الحرب.
○ القوى الديمقراطية المدنية، انخرطت مؤخرا في عدد من الورش ناقشت قضايا العدالة الانتقالية والإصلاح الأمني والعسكري، ما هي أبرز المخرجات؟
• أبرز المخرجات هي الوصول إلى توافق حول رؤية تتعلق بعملية الإصلاح الأمني والعسكري بما في ذلك بناء وتأسيس جيش مهني قومي واحد قائم على المهنية والاحترافية وأساس هذا الجيش هو القوات الموجودة حاليا في الجيش والدعم السريع والحركات المسلحة التي ستنخرط في عملية سلمية. وأن يعبر الجيش عن كل السودانيين ويمتنع عن السياسة والاقتصاد، وبنفس القدر الأجهزة الشرطية والأمنية. تحدثنا كذلك عن ضرورة إخضاع كل من القطاع الأمني والعسكري لسلطة مدنية بالكامل وطبعا لا بد من الزامه بقوانين القطاع العام في الشؤون الإدارية المتعلقة بالأجور وأي شكل من أشكال العمل الاقتصادي والذي يجب أن يدار بواسطة الجهة المختصة وهي وزارة المالية على أن يشرع كل ذلك من خلال دستور جديد. من أهم المخرجات أيضا إنه يجب أن تكون هذه العملية ملكية للسودانيين ويكون فيها حشد شعبي وإرادة سياسية وتتم بكامل الشفافية من أجل إنتاج مشروع في ظل عقد اجتماعي يعبر عن تطلعات السودانيين في شكل المنظومة الأمنية في البلاد. فيما يلي ورشة العدالة الانتقالية فقد خرجت بتصورات فيما يتعلق بمستجدات الحرب بعد 15 نيسان/أبريل ومن ضمن هذه المخرجات إطلاق مشروع وطني متكامل فيه مراحل وترتيبات جزء منها يتعلق بالمكاشفة والاعتراف وجزء آخر يتعلق بالحق الجنائي والتقاضي العدلي وهذا لا يمكن أن يتم إلا في ظل إصلاح المنظومة العدلية.

○ وجهت انتقادات لـ«تقدم» بخصوص ترتيب أولويات المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد بالمقارنة مع القضايا التي ناقشتها الورش الأخيرة، ما تعليقكم بالخصوص؟
• طبعا الحديث سهل عن أن الحرب مستمرة وأن ذلك يجعل العمل على قضايا الترتيبات الدستورية والعدالة الانتقالية ليست أولوية، هذا غير صحيح. بالمقابل هل عدم قيام هذه الورش سيوقف الحرب؟
نحن في «تقدم» نعمل على مستويين، أحدهما متعلق بإدارة العمل السياسي اليومي من تواصل مع طرفي النزاع والمجتمع الإقليمي. في الجانب الآخر نعمل على الجزء المتعلق بإدارة الترتيب لكيفية الوصول لشرعية توافقية وتطوير رؤية نذهب بها إلى المؤتمر التأسيسي لتنسيقية القوى المدنية الديمقراطية، وبناء عملية توفقية للسودانيين تتعلق بكيفية إدارة البلاد. أعتقد أن ذلك مسألة ضرورية وجوهرية. فلنفترض أن الحرب توقفت غدا، ماذا سنفعل بالبلاد، كيف سنتعامل مع الجثث والاقتصاد المدمر والغبن الذي تسببت بها الحرب؟
○ ما هي الأولويات التي يجب أن تعمل عليها القوى المدنية في هذه المرحلة من وجهة نظركم؟
• القضية الجوهرية التي تشكلت من أجلها «تقدم» هي دفع جهود وقف الحرب، وهذا يتم عبر عدة مستويات فيها الجزء المتعلق بالتواصل المباشر مع الطرفين وآخر عبر العمل الدبلوماسي للضغط على الطرفين من أجل الجلوس للتفاوض بالإضافة إلى العمل الجماهيري للتواصل مع الناس والدعوة لعدم الانخراط في الحرب وعدم اعطائها مشروعية وهذا هو المدخل الصحيح، يجب أن تكون هناك سردية ثالثة غير سردية الطرفين سواء سردية الكرامة أو سردية دولة 56. أعتقد ان كل طرف يحاول إعطاء حربه مشروعية وقيمة. والواضح أن السودانيين لا يريدون الانخراط في هذه الحرب إلا من وجد نفسه مضطرا للدفاع عن نفسه وعن عرضه. أما ما يتم من عمليات تحشيد وتجييش المدنيين ومحاولة تسليحهم خطيرة وسينتج عنه مستقبلا دعم سريع جديد. لذلك يجب عزل الحرب تماما وعدم الانخراط في سردياتها المدمرة.

يبدو أن «تقدم» تواجه مشكلات تنظيمية، في وقت تم تأجيل انعقاد المؤتمر التأسيسي عدة مرات؟
• طبعا هي مشكلات تنظيمية ومشكلات متعلقة بالظرف الراهن. «تقدم» مجرد مجموعة من السودانيين قاموا بتكوين تحالف جديد، فيه مجموعات من خلفيات مختلفة، من مهنيين، نقابات، مجتمع مدني، أحزاب سياسية وحركات مسلحة، نحاول الانسجام والعمل معا، الأمر الذي يمثل تحديا خاصة وأننا موجودون في مناطق جغرافية مختلفة، نعقد اجتماعات أسفيرية للتنظيم، وهذا يتطلب جهودا وعمليات طويلة لإيجاد جهات تؤمن بهذا المشروع ويكونوا شركائنا في الإقليم وفي العالم من أجل استقرار السودان. معظم هذه التحديات استطعنا التغلب عليها ونجحنا في عقد بعض الورش، وإن كانت متأخرة. حقيقة من الأشياء التي لم تساعدنا أن بعض الناس بدلا عن دعم عملية بناء وتوحيد القوى المدنية معنا، يضيعون الوقت في انتقاد «تقدم».
○ ما تزال «تقدم» تواجه تحديات فيما يلي توسيع المشاركة في التنسيقية، البعض يشيرون إلى أنها ما تزال غير مقنعة لشركائها المحتملين من القوى الداعية لإنهاء الحرب؟
• المجموعات التي لا تختلف مع مشروع « تقدم» وكان من الممكن أن تنضم إليها، هي ذاتها التي تعمل على نقدها. حقيقة هناك عدم فهم لمستوى التعقيد للعمل السياسي في هذه المرحلة. صحيح تقدم لم تنجح في عقد المؤتمر التأسيسي ولا ورشها في التوقيت المحدد، وهذا أمر مفهوم لأي شخص لديه تجربة سياسية، يعرف أن العمل في مثل هذه الظروف يتطلب المرونة والاستعداد لأنك تتعاطى مع المتغيرات والمستجدات. ومن أسباب ذلك أن جهودنا في بعض الأوقات كانت منصبة على التواصل مع الطرفين، وهذا لعب دورا في خلق تشويش وعطل جزءا من برامجنا. لكن في النهاية العمل السياسي فيه هنات كما فيه خطوات إلى الأمام وتراجع أحيانا. شئنا أم أبينا «تقدم» أكبر قوة مدنية موجودة الآن في الساحة تحاول توحيد أكبر قدر من الجهود ولا تسعى لمصادرة حق الآخرين في الوجود. هذا واقعنا وهذه قدرة مجتمعنا المدني. صحيح أن التنسيقية بطيئة في التوسع وفي استيعاب آخرين، لقد طرحنا ثلاثة تصورات لكيفية العمل مع «تقدم» أولها فيما يلي المجموعات التي تتفق مع تقدم وليس لديها خلاف مع رؤيتها بالكامل، هذه يجب أن تنخرط في التنسيق وتوسيع البناء الهيكلي الهرمي واستيعابها في هيئة القيادة وفي المكتب التنفيذي. هناك كذلك مجموعات لا تتفق مع «تقدم» في تصوراتها لما بعد الحرب، لكن تتفق معها في مسألة وقف الحرب، يمكن أن نجد صيغة لتنسيق العمل المشترك ليس بالضرورة أن نتوحد في هيكل لكن يمكن أن نتحد في الرؤى والآليات والجهود للعمل. وهذا أيضا مطروح وقدمناه لكل القوى التي يمكن أن تكون لديها ترسبات من تجارب الماضي مع بعض المكونات في «تقدم» تحديدا بعض القوى السياسية التي كانت تتصدر المشهد في الفترة الانتقالية. «تقدم» ليس لديها استعداد للدخول في تحالف أوسع إذا لم يكن هناك تقارب وتماسك ووجهة نظر مشتركة واضحة ومحددة بين جميع الأطراف في قضايا وقف الحرب ووضع اللبنات الأساسية لشرعية توافقية تمكن السودانيين من الذهاب إلى مرحلة يكون فيها تفاهمات على شكل وطبيعة الدولة والترتيبات الدستورية إلى أن تقوم شرعية انتخابية تعطي السودانيين فرصة تطوير مشروع وطني والتوافق على الدستور الدائم، ونضع البلاد في مسار جديد لجمهورية ثانية.

○ هل هناك أي تطورات في تفاهماتكم مع القوى السياسية خارج «تقدم»؟
• تواصلنا مع بعض القوى السياسية، بينها الحزب الشيوعي الذي رفض ان يكون طرفا أو أن يجلس مع «تقدم». هناك أيضا تواصل مستمر مع الحركة الشعبية -جناح عبد العزيز الحلو- ولدينا لجان فنية تتواصل مع حركة تحرير السودان جناح عبدالواحد محمد نور، وهناك ترتيبات لعقد اجتماع معها. ونتواصل كذلك مع القوى الأخرى في المجتمع المدني. ما زالت المخرجات غير واضحة لكن الحوار مستمر وهذه عملية طويلة ومعقدة لأنها عملية سياسية وبطبيعة الحال الناس لديها تباين في الرؤى.
○ وكيف تقرأ «تقدم» موقف المحيط الإقليمي والمجتمع الدولي بخصوص الحرب السودانية؟
• أعتقد أن المحيط الإقليمي أبدى وجهة نظر واضحة دعت إلى وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب، وكان ذلك جليا في المبادئ التي أعلنتها إيغاد، وهي نفس المبادئ التي يدعمها الاتحاد الأفريقي وأصبحت المرجعية لمبادرة الإيغاد. وفي آخر اجتماعات منبر جدة كان هناك ممثلون لإيغاد والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، لاحقا انهارت مباحثات جدة بعد تراجع القوات المسلحة. في الوقت الحالي هناك محاولات لـ«التبضع» في سوق المبادرات مرة أخرى، مبادرات من ليبيا ومصر وهذا لن يفيد، المفيد أن هناك تفاهمات قد تمت، الأفضل أن تبدأ من آخر ما تم التفاهم حوله وليس من البداية. على سبيل المثال ما حدث في المنامة كان تفاوضا من البداية، في حين أنه كان من الممكن أن يستوعب في جدة أو أن يأخذ بمحصلة ما تم التوصل إليه في منابر أخرى. المشهد الإقليمي واضح، غالبية دول الإقليم ليست لديها مصلحة في استمرار الحرب في السودان. صحيح هناك أطراف إقليمية لديها مصالح مع بعض أطراف الحرب في السودان لكن هذا لا يعني أن مصالحهم لا يمكن أن تدار إلا بالحرب. المجتمع الدولي كله أعلن رؤية واضحة؛ مجلس الأمن والأمم المتحدة طالبت الأطراف المتقاتلة مرارا بوقف إطلاق نار غير مشروط، ذات النداء أطلقته الإدارة الأمريكية والترويكا والاتحاد الأوروبي. كل هذه الأطراف تعمل على جهود دفع الأطراف المتقاتلة إلى تفاوض ينهي حالة العدائيات ويؤسس لسلام.
○ رئيس تنسيقية تقدم عبد الله حمدوك زار ضمن وفد من التنسيقية القاهرة بدعوة رسمية من الحكومة هناك، هل هناك مبادرة مصرية على الخط، خاصة أن الدعوة تأتي بعد أيام من زيارة رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان؟
• لا أعتقد أنها تأتي في إطار مبادرة مصرية، ولكنها زيارة مؤجلة كان هناك تواصل بين الإدارة المصرية وتقدم من أجل ترتيب هذه الزيارة في وقت مناسب.
○ ما هي أهداف الزيارة؟
• أهداف الزيارة واضحة، مصر بلد مهم ولديه تأثير كبير في السودان، نتشارك واحدة من أطول الحدود بالإضافة إلى التاريخ والمصالح المشتركة بين البلدين. من الطبيعي أن تتواصل تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية كجسم سياسي يلعب دورا متصلا بمصالح ومستقبل السودان ان يكون لديه تواصل مع دول الإقليم بما في ذلك مصر وهذا الهدف من اللقاء.
○ تتحدث ليبيا كذلك عن مبادرة، يبدو أنها عرضت على قائدي الجيش والدعم السريع، هل تمت دعوة «تقدم» للانخراط في العملية المقترحة من الحكومة في طرابلس؟
• لم تتم دعوة «تقدم» ولا أعتقد ان هناك مبادرة. وفي حال وجودها ربما ما زالت سرا أو في اطار التخلق. لكن لم يتم إعلامنا بها وبطبيعتها. يمكن أن تكون مجرد استكشاف لكن أشك في ان هناك مبادرة واضحة المعالم، لأسباب كثيرة متعلقة بالأوضاع في ليبيا وهل هي في وضع يسمح لها بلعب دور الوسيط. ليبيا نفسها منقسمة ولا تشكل النموذج المثالي للسودان.
○ فضلا عن المبادرات الأخيرة، تقدمت جهات دولية وإقليمية بعدة مبادرات يبدو أنها جميعا تمضي نحو ذات المصير، الذي يعده المحللون «فشلا» كيف تنظرون لتلك المبادرات وما هي أسباب تعثرها؟
• كان لدينا رأي واضح بالخصوص منذ البداية بأن تعدد المبادرات أمر غير جيد، وكانت لدينا مساعي مع الإيغاد والاتحاد الأفريقي ومصر عند طرحها مبادرة دول الجوار. الاتحاد الأفريقي أصبح داعما لمبادرة الإيغاد وليست لديه مبادرة غيرها، بل يعمل على تيسير المهام. هذا هو الموقف الرسمي حتى هذه اللحظة. منبر جدة ما زالت فيه مبادئ موقعة منذ أيار/مايو الماضي، كان هناك اتفاق شبه نهائي نص على وقف العدائيات ووقف إطلاق النار تم التراجع عنه. في المنامة تم التوصل لبعض التفاهمات ثم تم التراجع عنها لأنه كان بين أفراد ليسوا بالضرورة مخولين أو مفاوضين. نعتقد أن تعدد المبادرات يضر بجهود إنهاء الحرب في السودان.
○ ما الذي يعرقل كل هذه المبادرات؟
• بالتحديد الإسلاميين والقوات المسلحة يعتقدون أن التبضع في منابر المفاوضات يمكن أن يغير من معادلة شروط الحرب على الأرض. إن محاولة تحسين الموقف على الأرض ثم الوصول إلى صيغة سلام، أمر ينتهجه العسكريون لكن ذلك غير صحيح لأن الحرب الدائرة في السودان ليست حربا على الحدود مثلا تحتاج إلى التقدم فيها من أجل فرض إرادتك العسكرية عبر العملية التفاوضية، بل هي حرب تخاض كل يوم على أجساد المدنيين وعلى حساب البنية التحتية وعلى حساب مستقبل البلاد. موقفنا هو دعم أي جهود إقليمية أو دولية تنهي الحرب لكننا لسنا مع تعدد المبادرات لأننا نعتقد أنها مضيعة للجهود وتفتح فرصا للأطراف المتقاتلة بالتراجع والتنقل بين المنابر من دون محاسبة.
○ يبدو أن بعض الجهات الدولية تحاول تصميم عملية سياسية بمشاركة الحزب الحاكم في نظام الرئيس السابق عمر البشير، هل يمكن أن تقبل «تقدم» الانخراط في تلك العملية من أجل الوصول لتسوية تنهي الحرب؟
• ليست لدينا معلومات حول تلك الجهات، ما أعرفه هو أن ممثلي اللجنة العليا رفيعة المستوى التابعة للاتحاد الأفريقي التقت في زيارة لمدينة بورتسودان ببعض قادة المؤتمر الوطني وحلفائه وواجهاته، ونعرف أيضا أن هناك محاولة لتشكيل جبهة شعبية وهي ليست جديدة، هي ذات المجموعات التي ساندت انقلاب 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021 ثم قامت بدعم الحرب. وهي طرف في الحرب باعتبار دعمها المجهود الحربي للقوات المسلحة، بالتالي هي ليست طرفا مدنيا بل هي طرف داعم للحرب قام بعمليات التجنيد والتحشيد لمجموعات انخرطت في القتال.
○ ما هو موقفكم من مشاركة المؤتمر الوطني في عملية سياسية لإنهاء الحرب؟
• موقفنا واضح في «تقدم» منذ بداية اجتماعاتنا التحضيرية وإعلان الوثيقة التأسيسية لإنهاء الحرب وإعادة تأسيس الدولة السودانية، حيث نصت بوضوح على أننا لا نرى أن هناك فرصة للمؤتمر الوطني والحركة الإسلامية وواجهاته بأن يكون لديهم دور في المستقبل. هم من أوصلوا البلاد إلى هذه المرحلة من الدمار، فكيف يمكن لمن لا يحمل أي رؤية للبناء، بل يعمل على الدمار ان يكون طرفا في تشكيل مستقبل البلاد، هذا أمر مفروغ منه ومبدئي نحن مع وحدة القوى الديمقراطية والحادبين على التغيير في السودان من أجل التكاتف والعمل على رؤية لوضع البلاد في مسار ديمقراطي. بالطبع كل السودانيين بمن فيهم بقايا الإسلاميين من حقهم التصويت على طبيعة مستقبل البلاد. لكن لا أعتقد أنه من الحكمة أن يكون لديهم دور في تشكيل المشهد الذي يضع اللبنات لمستقبل الدولة. الأمر الذي يضيع السودان في كل مرة هو السعي إلى السيطرة على البلاد بالقوة ومحاولة هزيمة ثورة كانون الأول/ديسمبر 2018 بأي ثمن. نحن نعلم أن تحالف المال والسلطة لبقايا الإسلاميين ليس لديهم شيئا للسودان أكثر من أن يحكموه أو أن يدمروه بالكامل.
○ طالت «تقدم» انتقادات بعد توقيع إعلان المبادئ مع قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو «حميدتي» الأمر الذي يبدو أنه تسبب في تعثر اللقاء مع قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، ما تعليقكم بالخصوص؟
• تعثر اللقاء مع البرهان لا علاقة له بلقائنا بـ« حميدتي» نحن ما زلنا على تواصل مع قيادة الجيش والبرهان وافق على مقابلة «تقدم». كنا في انتظار تحديد موعد هذا اللقاء، أعتقد أن البرهان لديه حسابات سياسية جوهرها أنهم غير مستعدين للوصول إلى أي صيغة سلام في الوقت الحالي لأنهم يعتقدون أن هذه الصيغة لن تكون مرضية ولن تحقق مصالحهم وتطلعاتهم في البقاء والسيطرة على الدولة. هذا لم يحدث فقط مع «تقدم» هم أيضا رفضوا الوصول للتسوية عبر عدة مبادرات. سبب عدم اتمام اللقاء هو البرهان ومن خلفه الإسلاميين وبقايا النظام القديم، إنهم غير جادين في عقد لقاء مع «تقدم».
○ دعا البرهان «تقدم» لاجتماعات من داخل السودان بمشاركة القوى المدنية الأخرى، كيف تنظرون لهذه الدعوة، وهل هناك تطورات بالخصوص؟
• حديث البرهان عن عقد لقاء مع «تقدم» من الداخل فذلكة سياسية. لقد أعلنا انه لا مانع لدينا لعقد اللقاء في بورتسودان أو أي مكان، لكن طبعا الفكرة هي محاولة ادعاء أن «تقدم» مجرد فصيل واحد صغير من مجموعة فصائل. الحقيقة المرة أن الفصائل التي يتحدث عنها البرهان هي فصائل منخرطة في الحرب وفي عمليات التجييش والحشد الإثني. الطرف الداعم للقوات المسلحة في الحرب لا يمكن النظر إليه كقوة مدنية بل هو طرف في الحرب. هذه الدعوات هي محاولة لإعادة بقايا الإسلاميين إلى الحياة السياسية عبر البندقية؛ الهجوم على القوى المدنية ممنهج ومقصود بهدف إفراغ الفضاء السياسي وهزيمة مشروع الانتقال والتغيير في السودان.
○ على الرغم من تبني مجلس الأمن الدولي قرارا يدعو إلى وقف إطلاق النار خلال شهر رمضان، إلا أن المعارك ما تزال مستمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع، ما تعليقكم بالخصوص؟
• مؤكد أن حديث طرفي القتال عن وقف إطلاق النار والالتزام به أصبح لا يصدق منذ الهدن التى أعلنت من قبل وكان عادة ما يعقبها اقتتال أشد ضراوة. إن تكرار خرق الهدن والاتفاقيات سيكون من أكبر مهددات أي عملية تفاوضية من أجل إنهاء الحرب؛ لانعدام الثقة بين الطرفين، والحقيقة أنه لا توجد قيادة مركزية قادرة على بسط السيطرة من خلال إصدار الأوامر وهذا ما ينذر بأن الحرب قد تطول وأن الوصول إلى اتفاق لوقف العدائيات سيواجه بتحديات كبيرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى