تقارير

اندبندنت: الخرطوم تستفيق الصباح على دوي الانفجارات

• إسماعيل محمد علي •

زادت حدة المعارك بين الجيش والدعم السريع بشكل ملحوظ في محيط القيادة العامة للجيش، مما أحدث انفجارات قوية ومتتالية على أثر القصف المدفعي والصاروخي المتبادل بين الطرفين، أظهرت فيديوهات متداولة في مواقع التواصل الاجتماعي تصاعد أعمدة الدخان بصورة كثيفة في سماء وسط الخرطوم، وقالت قوات الدعم السريع، في بيان، إنها أسقطت طائرة حربية من طراز “ميغ” تابعة للجيش من دون أن يؤكد أو ينفي الأخير هذه الحادثة.

وبحسب مصادر عسكرية فإن اشتباكات عنيفة دارت بين الجانبين لليوم العاشر على التوالي حول عدد من الجبهات القتالية، ففي مدينة الخرطوم  قام الطيران الحربي التابع للجيش بقصف مواقع تمركز قوات الدعم السريع بالمدينة الرياضية وأرض المعسكرات جنوب العاصمة، فضلاً عن مناطق لهذه القوات بمنطقة الحاج يوسف ببحري، فيما قصفت قوات الدعم السريع بالمدافع من مراكزها، شرق الخرطوم، عدداً من المواقع التي يتمركز فيها الجيش، وسط وغرب العاصمة. وتابعت المصادر “كذلك شهدت أحياء أم درمان القديمة معارك ضارية بين الطرفين، فضلاً عن تبادل القصف المدفعي بالقرب من جسر شمبات الذي تستخدمه الدعم السريع لإمداد وتنقل قواتها بين مدن العاصمة الثلاث، كما تجددت الاشتباكات حول سلاح المهندسين بعد هدوء نسبي ليومين

الوضع في دارفور

في دارفور تجددت الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع في مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور حيث بدأت عمليات القتال، وفق شهود، بهجوم شنته قوات الدعم السريع على مقر قيادة الفرقة 16 التابعة للجيش من الناحية الشمالية، لكن الأخيرة تصدت له، كما أشارت “الدعم السريع” إلى أنها فرضت سيطرتها على منطقة كبكابية بولاية شمال دارفور، مؤكدة استتباب الأوضاع الأمنية في هذه المنطقة.

ووفق الإدارة الأهلية للقبائل العربية بولاية غرب دارفور، فإن المعارك التي دارت بين القبائل العربية والمساليت في مدينة الجنينة في مايو (أيار) أدت إلى مقتل 1200 شخص وإصابة 3500 وفقد 470 آخرين من القبائل العربية، وطالبت الإدارة بإجراء تحقيق دولي في هذه الأحداث لتحديد المجرمين الذين قاموا بجرائم القتل والانتهاكات المختلفة، مستنكرة قيام السلطات السودانية بفتح بلاغات في حق 45 شخصاً من القبائل العربية حول الأحداث في ظل غياب الشرطة والنيابة في الولاية.

كارثة صحية

صحياً تواجه مدن سودانية عدة كارثة صحية بسبب انتشار عدد من الأوبئة الفتاكة وازديادها بشكل لافت، مثل حمى الضنك والملاريا والإسهال الحاد والكوليرا، في موازاة نقص الأدوية وغياب السلطات الصحية. وأكد وزير الصحة السوداني المكلف هيثم محمد إبراهيم أن بلاده في حاجة إلى أدوية بقيمة 60 مليون دولار حتى نهاية 2023 لضمان استمرار الإمدادات الطبية.

وأشارت نقابة الأطباء في السودان إلى ارتفاع حالات الإصابة بحمى الضنك والإسهال الحاد والملاريا بصورة مقلقة في ظل إغلاق 100 مستشفى مما تسبب في مئات الوفيات وآلاف الإصابات، وبحسب النقابة، فإن القضارف الواقعة على الحدود مع إثيوبيا من أكثر الولايات تضرراً حيث تشهد انتشاراً كارثياً لحمى الضنك في عموم أنحاء الولاية.

وأشارت السلطات الصحية في الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، إلى تسجيل 13 ألف حالة إصابة بالملاريا في المدينة، والحالات في تزايد بسبب نقص الأدوية وقلة الدعم لمكافحة هذا المرض.

كما حذرت غرفة طوارئ شرق النيل بالخرطوم بحري، في بيان، من كارثة إنسانية بظهور وباء الكوليرا، مؤكدة أن الحالات في تزايد وهو أمر في غاية الخطورة ويفوق قدرة المراكز الصحية للتعامل معها.

مذكرة ضد البرهان

وسط هذه الأجواء، رفع رئيس الوزراء السوداني السابق عبدالله حمدوك وأعضاء من مجلسي السيادة والوزراء المحلولين مذكرة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش رفضت دعوة رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبدالفتاح البرهان لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ78 للتحدث باسم السودان. وأشارت المذكرة التي وقع عليها اثنان من أعضاء مجلس السيادة و12 وزيراً ومستشاراً في حكومة حمدوك المحلولة، إلى أن توجيه الدعوة إلى قائد انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، الذي هو طرف في الحرب الحالية يتعارض مع رغبة السودانيين في الديمقراطية والسلام والعدالة. ولفتت إلى أن دعوة البرهان لأعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة تتناقض مع مواقف المؤسسات الدولية والإقليمية الرافضة للانقلاب الذي قوض الحكومة الانتقالية وأوقف عملية التحول الديمقراطي بالسودان، إذ اتخذ مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي قرارات تدين الانقلاب وتطالب بإعادة السلطة إلى المدنيين، وبينت أن مشاركة البرهان من شأنها إطالة أمد الحرب الجارية وإرسال إشارات خطرة للغاية ومشجعة للانقلابات العسكرية التي زادت أخيراً في القارة الأفريقية.

على الحكومة المدنية الانتقالية مما أدى إلى حدوث انهيار دستوري كلي ترتب عليه وجود حكومة أمر واقع انهارت هي الأخرى باندلاع حرب الخرطوم في 15 أبريل (نيسان).

وكان البرهان قد حل حكومة عبدالله حمدوك وأودع بعضاً من قياداتها في السجون، كما ألغى بعض بنود الوثيقة الدستورية بوصفه قائداً للجيش في أعقاب الإجراءات التي اتخذها في 25 أكتوبر 2021.

موقف محايد

وأكد حزب الأمة القومي أكبر الأحزاب السودانية بأنه لا حل عسكرياً للحرب الحالية في البلاد، وأنه يسعى جاهداً إلى إيقافها، محذراً من طول أمد هذه الحرب وضرورة تحييد الفصائل المتحاربة والداعمة للحرب وتعزيز الحل السلمي. وقال الحزب، في بيان، إن دوره مع بقية الأحزاب السياسية الوطنية يتمثل في تحقيق رغبة الشعب في السلام والمساعدة في شفاء الأمة وقيادة البلاد نحو مستقبل مفعم بالأمل بعد الحرب والظروف الكارثية التي يمر بها الوطن، وأوضح أن موقفه المحايد يسهل الحوار ويقنع الأطراف المتنازعة بالتفاوض، وأن أمله ما زال كبيراً باستجابة تلك الأطراف السريعة لحفظ الأنفس والأرواح في الوطن العزيز. وأشار بيان الحزب إلى أن بعض التيارات التي أسقطتها ثورة ديسمبر (كانون الأول) حاول تصوير موقف الحزب المحايد لأغراض سياسية مجحفة، أنه تغاض عن العنف، مشيراً إلى أن الأحداث الماضية أثبتت أننا لا ندعو إلى غض الطرف عن الانتهاكات التي تحدث يومياً من جانب قوات الدعم السريع والقوات المسلحة بل نعمل على تحقيق نتيجة عادلة وآمنة للشعب السوداني.

ونوهت المذكرة ان البرهان قاد  انقلابا عسكريا على حكومة مدنية  وشدد بيان حزب الأمة القومي على أن تجربة الحرب أثبتت أن التحول الديمقراطي هو الطريق الوحيد الذي يساعد على معالجة الأسباب الجذرية للصراع وتعزيز الحل السياسي والمساءلة، لأن الحكم المدني والديمقراطي لا يشجع العنف كوسيلة لحل النزاعات، والمواطن هو الذي يختار من يحكمه من طريق صناديق الاقتراع لذلك لا مكان لأصوات البنادق داخل الأنظمة الديمقراطية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى