الأعمدة

من الذي وضع النقاط فوق الحروف؟؟

·
من الذي وضع النقاط فوق الحروف؟؟

في حياتنا اليومية نستخدم الكثير من التعابير بصورة روتينية لا نعرف مصدرها او أصلها، ومن هذه التعابير ان فلانا قام بوضع ” النقاط فوق الحروف” وهو تعبير مجازى نعنى بها بان هذا الشخص قد فسر الامر واوضحه بجلاء تام لا يحتاج بعدها الى المزيد من الايضاح (اوفى وكفى) ولكن هل تعرف ان هناك من قام حقيقة لا مجاز بوضع النقاط فوق الحروف. وهل تدري ان التشكيل (الفتحة والضمة والكسرة) والتنقيط (النقاط فوق او تحت الحروف) لم تكن مستخدمة في كتابة اللغة العربية وان كل المصاحف والكتابات منذ ايام النبي صلى الله عليه وسلم وحتى الخلفاء الراشدين من بعده لم تكن منقطة؟
وهى لغة القرآن الكريم، من المعروف بان اللغة العربية هي واحدة من اللغات السامية القديمة و لقد استطاعت اللغة العربية لغة القران الكريم أن تستوعب الحضارات المختلفة؛ العربية، والفارسية، واليونانية، والهندية، المعاصرة لها في ذلك الوقت، و أن تجعل منها حضارة واحدة، عالمية المنزع، إنسانية الرؤية، وذلك لأول مرّة في التاريخ، ففي ظل القرآن الكريم أصبحت اللغة العربية لغة عالمية، واللغة الأم لبلاد كبيرة العدد واليوم تحتل اللغة العربية المركز الرابع في العالم بعد الصينية و الانجليزية و الاسبانية حيث بلغ عدد المتحدثين بها حوالى 541 مليون شخص والمثير للدهشة والعجب اليوم ان اللغة العربية كانت تكتب بدون تنقيط حتى العام 700م تقريبا ؟ فاللغة العربية كانت حروفها تكتب دون نقاط أو تشكيل، وكان الإنسان العربي يقرأ الكلام معتمداً على سليقته اللغوية، وفهمه سياق الكلام، مميِزاً بين الحروف المتشابهة، وواضعاً الحركات الفتحة والضمة والكسرة، واستمرت الحروف العربية بشكلها غير المنقوط وغير المشكول حتى منتصف القرن الأول الهجري، وأُجري تنقيطها في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، اذ ان ذلك قد جاء نتيجة لتوسع الفتوحات العربية وامتداد الدولة الاموية حتى صارت من اكبر الدول في العالم في وقتها وما صاحب ذلك من دخول شعوب وثقافات مختلفة في الدين الإسلامي واصبحت اللغة العربية لغة عالمية يحرص الجميع على تعلمها مع ملاحظة ان مجموعة كبيرة من الناس قد بدأوا بقراءة القران بطريقتهم الخاصة التي يفهمونها فكثرت الاخطاء ، مما أثار خوف المسلمين العرب من دخول كلمات أو تغّير شيء في القرآن عن طريق لفظ أو تشكيل الحروف كالباء والتاء والثاء والنون، والفاء والقاف، والعين والغين، والجيم والحاء والخاء، والصاد والضاد، والسين والشين، فكان الحل في ضبط كتابة الحروف و تشكيل أواخر الكلمات، ويحكى ان رجلا روميا جاء الى الحجاج بن يوسف الثقفي والذى كان في ذلك الوقت اميرا على العراق من قبل الدولة الاموية , والحجاج وبالرغم من سمعته الرهيبة كحاكمً ظالمً وطاغية يضرب به المثل في الظلم وسفك الدماء الا انه بالرغم من ذلك كان مشهورا بالبلاغة والفصاحة ولعل خطبه التي القاها في العراق خير دليل على ذلك وكان أيضا من المعظمين للقران واللغة العربية م اذ انه كان يعمل معلما للغة العربية في بداية حياته , وحدث أن رجلاً رومياً ألقى على الحجاج بعض الأبيات الشعرية بطريقة مضحكة، لأنها لم تكن منقوطة، فقام بوضع النقط على هواه فتغير المعنى، فطلب الحجاج على إثرها من نصر بن عاصم الليثي ان يصحح هذا الخطأ بوضع النقاط على الحروف , ويتفق علماء العربية أنه كان لنصر بن عاصم ، الدور الأكبر والأبرز في وضع النقاط على الحروف، للتمييز بين الأحرف المتشابهة، وكان نصر بن عاصم فقيهاً فصيحاً عالماً باللغة العربية ومن علماء النحو المبرزين في زمانه، وكان أستاذه أبو الأسود الدؤلي أبو النحو العربي قد سبقه بوضع حركات التشكيل «الضمة والفتحة والكسرة»، بتوجيه من الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، تلافياً للحن وتسهيلاً للنطق السليم وضبطاً لأواخر الكلمات. وقد أدى هذا العمل الجليل إلى انقلاب عظيم في عالم اللغة العربية، ودشن نظاماً جديداً في ترتيب الحروف. وبتشكيل وتنقيط حروف اللغة العربية أصبحت قراءتها وكتابتها ميسورة وسهلة للجميع بعكس ما كان في السابق. اتمنى من خلال هذا المقال ان اكون قد وضعت (النقاط فوق الحروف) في هذا الموضوع
والى اللقاء

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى