تقارير

بحثت انعكاسات ما يجري في السودان على الساحل ودول المنطقة،، كباشي بين باماكو ونيامي، رحلة الملفات والمكاسب..

مشتركات مهمة تربط السودان بمالي والنيجر ساهمت في إنجاح الجولة..

اهتمام بمكافحة الإرهاب والجرائم العابرة، والتعاون مع السودان لمواجهة التحديات المشتركة..
تعهدات بمحاصرة الاستهداف الذي يتعرض له السودان، والتزام بالعمل على إعادة المنهوبات..
توقعات بدور روسي مباشر في استقرار المنطقة، حفاظاً على مصالحها الاقتصادية والعسكرية..
تقري

ر: إسماعيل جبريل تيسو:
أنهى عضو مجلس السيادة نائب القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن شمس الدين كباشي زيارة مهمة إلى كل من النيجر ومالي استغرقت عدة أيام بحث خلالها الكثير من الملفات والقضايا ذات الاهتمام المشترك وبخاصة استتباب الأمن وانعكاسات ما يجري في السودان ودول الساحل والمنطقة الأفريقية، خاصة قضايا الإرهاب والجرائم العابرة للحدود، وحظيت قضية الحرب وانتهاكات مليشيا الدعم السريع باهتمام متعاظم من البحث والنقاش مع قيادات البلدين لما للنيجر ومالي من تأثيرات على هذه الحرب.
مهمة رسمية:
أربعة أيام كاملة قضاها عضو مجلس السيادة نائب القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن شمس الدين كباشي ما بين باماكو العاصمة المالية، ونيامي العاصمة النيجرية، في مهمة رسمية قصد بها هاتين الدولتين ذات التشابه الكبير مع السودان في المعطيات السياسية، ومجريات الأوضاع الأمنية على الأرض، خاصة في مرحلة ما بعد الخامس عشر من أبريل ٢٠٢٣م، تأريخ اندلاع تمرد ميليشيا الدعم السريع، ومحاولة قائدها محمد حمدان دقلو الاستيلاء على السلطة، وإحلال قواته محل القوات المسلحة السودانية.
تأثيرات مباشرة:
وعلى الرغم من عدم الارتباط المباشر على مستوى الحدود ما بين السودان والنيجر ومالي، إلا أن كلا للدولتين كان لها تأثيرات مباشرة على إضرام نار الحرب، ارتكازاً على اعتماد ميليشيا الجنجويد على صلة الدم والعشيرة التي تربط هذه الميليشيا ببعض القبائل المنتشرة في هاتين الدولتين ودول أخرى كتشاد، وأفريقيا الوسطى وليبيا، وغيرها فيما يُعرف بعرب الشتات أو قبائل المسلاّت والذين أغراهم قائد ميليشيا الدعم السريع وأسال لعاب طمعهم واستغل محدودية تفكيرهم وحرَّضهم لينخرطوا في أتون حرب السودان مقابل الفوز بالغنائم، وتأسيس دولتهم الجديدة بعد القضاء على سكان السودان أو تهجيرهم قسرياً.
فساد عرب الشتات:
فلم يصدِّق عرب الشتات خبراً فغسلوا أياديهم من كل شيء أمامهم، واندفعوا خفافاً وثقالاً متوجهين إلى السودان عبر الدول الحدودية سواءً في ليبيا أو أفريقيا الوسطى أو تشاد، فعاثوا فساداً في السودان، قتلاً واغتصاباً ونهباً وسلباً، لم يمنعهم الموت الذي طال مئات الألاف من مقاتليهم، فمن نجى من هؤلاء المرتزقة، يفرُّ بما غنم من ذهب وأموال وسيارات، متجاوزاً الصحراء والفيافي والبيد، وقاطعاً الحدود وصولاً إلى أهله وذويه، ليعيد الكرّة محمولاً على أكتاف آمال عراض بتحقيق ذات الهدف والفوز بذات الغنائم، وهكذا دواليك، فإما يلقى حتفه فطيساً، أو يكتب له الله عمراً جديداً بالظفر بهذه المنهوبات.
تدفق مستمر:
لقد كشفت تقارير غير رسمية عن وصول ما يقارب التسعة ألاف من عرب الشتات أو المسلّات بشكل يومي إلى السودان عابرين الحدود، من دول مالي والنيجر وتشاد وليبيا وأفريقيا الوسطى للمشاركة في هذه الحرب ضمن منظومة ميليشيا الدعم السريع، ولعل هذا ما يفسر الوجود الكبير والانتشار الواسع لميليشيا الدعم السريع على مستوى السودان، رغم استمرار القوات المسلحة والقوات المساندة لها في عمليات قتل هذه الميليشيا التي يموت أفرادها زرافات ووحدانا وبشكل يومي، وهو الأمر الذي يزيد من تطاول أمد هذه الحرب.
محاولة إيقاف المد:
وأن تأتي متأخراً خيرٌ من ألا تأتي مطلقاً، هكذا رأت هيئة القيادة العليا في القوات المسلحة ضرورة إيقاف هذا المد اليومي من عرب الشتات المشاركين في هذه الحرب دعماً وإسناداً لميليشيا الدعم السريع، فكان تحرك عضو مجلس السيادة نائب القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن شمس الدين كباشي، تجاه دولتي النيجر ومالي، ولم يكن اختيار هاتين الدولتين من فراغ وإنما من واقع الكثير من المشتركات التي تربطهما معاً وفي مقدمتها الحالة النيجرية والمالية المشابهة للسودان، كون أن الدول الثلاث يقودها ويحكمها جنرالات في الجيش، يتفهمون أهمية الأمن وتأثيراته المباشرة على تحقيق استقرار البلاد وتعزيز العيش الكريم للمواطنين.
كباشي وغويتا:
تأبط عضو مجلس السيادة نائب القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن شمس الدين كباشي عدة ملفات مهمة طرحها على طاولة المباحثات مع قيادة البلدين في كلٍّ من النيجر ومالي، فقد بحث كباشي في باماكو مع الكولونيل أسيمي غويتا بقصره الرئاسي العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها وأوجه التعاون المشترك بين السودان ومالي ودول الساحل في المجالات الأمنية وتنسيق المواقف مع المنظمات الإقليمية والدولية بما يحفظ أمن وسلامة واستقرار البلدين، باعتبار أن أي زعزعة وعدم استقرار ينعكس سلباً على جميع دول المنطقة، وقدم كباشي تنويراً ضافياً عن الأوضاع في السودان في ظل الحرب والانتهاكات التي ظلت ترتكبها ميليشيا الدعم السريع المسنودة بتدفقات مستمرة من عرب الشتات في عدة دول إقليمية من بينها مالي نفسها، وتبادل الجنرالان المعلومات بشأن الإرهاب والجرائم العابرة للحدود، واتفقا على وضع بروتوكولات للتعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها بجانب توقيع مذكرات تفاهم بين وزارتي الدفاع والخارجية في البلدين وفتح سفارة للسودان في مالي واستئناف عمل قنصلية مالي في السودان والتي أغلقت بعد اعتداء المليشيا الإرهابية عليها في الخرطوم.
كباشي وتشاني:
وفي نيامي بحث عضو مجلس السيادة نائب القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن شمس الدين كباشي مع رئيس المجلس الوطني لحماية الوطن في النيجر الجنرال عبد الرحمن تشاني في قصره الرئاسي التحديات المشتركة في المنطقة والمتمثلة في الإرهاب والجريمة المنظمة التي يمتد نشاطها من منطقة الساحل إلى السودان، وأقر الجانبان بتشابه التحديات التي تواجه السودان ومنطقة الساحل وضرورة تنسيق الجهود والمواقف على مستوى المنظمات الإقليمية والدولية خاصة في القارة الأفريقية للتصدي لها، وقدم الفريق شمس الدين تنويراً مفصلاً حول الوضع في السودان وممارسات وانتهاكات الميليشيا الإرهابية المتمردة والدول الداعمة لها، هذا وقد أكد الرئيس تشاني أنه يتابع ما يجري في السودان باهتمام كبير ويتألم لما يتعرض له السودانيون من انتهاكات، معرباً عن أمله في أن يستعيد السودان استقراره قريباً ليعود قوياً باعتبار أن ذلك يصب في مصلحة النيجر ودول الساحل والمنطقة الأفريقية بأسرها، مبدياً استعداد النيجر للتعاون مع السودان لمواجهة التحديات المشتركة والاستهداف الذي يتعرض له البلدان، مؤكداً أن حكومته لن تدخر جهداً في سبيل العمل على إعادة المنهوبات التي أُدخلت إلى النيجر، مشيراً إلى تكوين آلية لحصر وتوقيف المركبات التي تدخل إلى أراضي النيجر وسيتم إخطار سفارة السودان في النيجر بالأمر.
على كلٍّ انهى عضو مجلس السيادة نائب القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن شمس الدين كباشي زيارته إلى كل من النيجر ومالي، ولكن تداعيات هذه الزيارات لم تنتهِ بعد، وسيكون لها ما بعدها على مستوى مستقبل علاقة السودان بهذه الدول ودول الساحل خاصة في ظل اهتمام الدب الروسي بالمنطقة والحوافز التي يمكن أن يقدمها من أجل الفوز بالساحل والاستثمار في موارد هذه الدول من المعادن والثروات الزراعية، وهي خطوة تتطلب توفر عنصري الأمن والاستقرار، وقطعاً روسيا قادرة على تحقيق ذلك بقدر الإمكان، رغم أنف الأمريكان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى