الأخبار

من قصص افرازات الحرب … رواية مقتل خليفة ” الجقر ” بحي الوحدة الدويم

هذه واحدة من إفرازات الحرب الحالية وغياب دولة المؤسسات والقانون حيث تحول المستنفرون إلى قوة مطلقة تتذرع بإسم معركة الكرامة لتفرض هيبتها وتطبق القانون بالشكل الذي تريده ..
حي الوحدة بالدويم هو أحد الأحياء المهمشة في المدينة وقد نزح إليه العديد من الناس لأنه يمثل صورة متكاملة لألوان الطيف السودانية وتسكنه مختلف القبائل من مختلف بقاع السودان يعيشون في تسامح ووئام ..
حادثة مقتل خليفة الجقر أثارت غضب سكان هذا الحي العريق ، والتفاصيل كما يرويها أقرباء الشهيد أنه قبل ستة أشهر قام عسكري جيش ببيع سلاحه في إحدى ” الخمارات ” بالحي ، وبحكم أنه كان في حالة سكر فهو لا يعرف الشخص الذي باع له الكلاش .
وفي اليوم الثاني لهذه الحادثة قام هذا الجندي بجلب مجموعة من زملائه وقاموا بالهجوم على الحي وهم يبحثون عن ذلك السلاح وقد أحدثوا ضجة وجلبة كبيرة واثاروا الذعر بين السكان ولكنهم لم ينجحوا في العثور على هذا السلاح أو معرفة الشخص الذي اشتراه من الجندي .
وقبل أربعة ايام وصلت قوة مكونة من 13 جندي ويقودها ضابط قامت بإعتقال خليفة الجقر بتهمة أنه هو الذي إشترى السلاح من الجندي السكير وزعموا أنهم توصلوا لهذه المعلومة من خلال مخبر سري لم يذكروا إسمه …
تم إعتقال الجقر وتم التحقيق معه في مقر قيادة الإستخبارات ، وبعد يومين من ذلك عادت القوة للحي ولكنها كانت هذه المرة باللباس المدني وداهمت منزل خليفة الجقر وهي تبحث عن السلاح ، و كان خليفة الجقر محمولاً على متن العربة وهو مقيد اليدين وقد بدأت عليه علامات التعذيب والضرب بالسياط ، وكان أنفه وفمه ينزفان دماً من أثر الضرب بفوهات البنادق.
كانت أسرته وأبناؤه وأهل الحي يشاهدون هذا المنظر المهين ، و كان لخليفة الجقر منزلين بحكم أن له زوجتين ، تم تفتيش البيتين ولم يتم العثور على السلاح المفقود ، وقد قامت القوة بإعتقال شخصين آخرين بنفس التهمة .
في اليوم الثاني ذهبت اسرة المرحوم خليفة لقيادة الحامية وهي تحمل ملابس جديدة ووجبة للمرحوم ولكن الحامية رفضت إستلام ذلك أو تمكين أسرته من مقابلته ..
في صباح اليوم الثالث حضر شخص مجهول لمنزل خليفة الجقر وقابل اطفاله عند الباب وأخبرهم بأن خليفة الجقر موجود في المشرحة .
إنزعجت الأسرة ولم تصدق الخبر وتوهمت أن الأطفال لم يسمعوا الخبر بشكل جيد فذهبت الأسرة وأهل الحي إلى المشرحة ، ولكن الطبيب المناوب في المستشفى إرتبك وقدم روايتين مختلفتين :-
رواية تفيد أن خليفة الجقر أحضرته جهة أمنية بدون أن يذكرها إلى المستشفى وهو متوفي .
ثم عدل الرواية ليقول أن خليفة الجقر حضر بنفسه للمستشفى بغرض الإستشفاء ولكنه فارق الحياة بعد ذلك . والطبيب المناوب له علاقة بالمعتقلين الآخرين وقد قام بإستلام الجثة بدون تعبئة أرونيك (8) وقد قام بتحويل الجثمان إلى المشرحة على اساس انها وفاة طبيعية دون النظر إلى آثار التعذيب والإصابات على الجثمان رغم أنها ماثلة وواضحة للعيان ، ولم يقوم الطبيب المناوب بعرض الحالة على الطبيب الشرعي مما يكشف حجم التآمر والتنسيق والنية لإخفاء الجريمة التي راح ضحيتها مواطن يعول أسرتين وتم إعتقاله بسبب وشاية من مجهول .
حضر الطبيب الشرعي وبعد أن أجرى إتصالات مريبة مع العديد من الاشخاص فحص الجثمان وأكد أن سبب الوفاة هو كسر في الرقبة كما لاحظ وجود تخثر دموى على جسد المرحوم ، وكانت هذه الإفادة بحضور أسرة المرحوم وسكان الحي .
لكنها بعدها غيّر الطبيب الشرعي سبب الوفاة عند كتابة التقرير وقال رأياً مخالفاً عن السابق وأكد أن سبب الوفاة هو الإسهال المائي وبين قوسين كتب (كوليرا ربما )وطالب بدفن الجثمان والتخلص منه حتى لا تنتقل العدوى في المدينة ..
تم إغتيال خليفة الجقر لقفل ملف سلاح الحامية المفقود..
رفض أهل القتيل هذه الرواية وتم تشييع الجنازة مع ترديد هتافات منددة بالجيش الأمر الذي جعل الحامية تسحب بعض الإرتكازات القريبة من الحي حتى لا يحصل لها إحتكاك مع سكان الحي .
أهل القتيل هم من سكان الهلبة الذين نزحوا إلى الدويم بسبب هجوم الدعم السريع على مدينتهم وتخلي الجيش عنهم وإنسحب لتصب هذه الحادثة المزيد من الزيت على النار وتفتح باب الصراعي القبلى على أوسع ابوابه .
قائد الحامية رفض إجراء تحقيق في الحادثة أو محاسبة الطرف المتسبب في ذلك والأسرة تريد تصعيد هذه الجريمة قانونياً حتى لا يفلت الجناة من العقاب …
سكان الحي وقبيلة المتوفي يعيشان حالة من الغبن والغضب والشديد بسبب هذه الجريمة وغياب المحاسبة ، و لا ننسى ان سكان مدينة الدويم يحبسون أنفاسهم خشية دخول الدعم السريع إلى المدينة وآخر ما يحتاجونه هو تفلتات يقوم بها المستنفرون ليشتعل الحريق في المدينة قبل وصول الدعم السريع.
وبالفعل توجه أهل المرحوم وسكان حي الوحدة نحو الحامية ولكن العقلاء نصحوهم بإتباع الطرق القانونية وعدم التجمهر امام الحامية ، وقد أمر قائد الحامية جنود الجيش بعدم دخول حي الوحدة باللباس الرسمي وقام بسحب الإرتكازات القريبة من شوارعها …
وسوف أوافيكم بالتفاصيل وسوف اقوم بنشر إسم الطبيب المناوب و الطبيب الشرعي والتقرير الذي قدمه للشرطة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى