فى ذاكرة السينما البحراوية حلفايا ووطنية
منذ الخمسينيات من القرن الماضى لعبت دور السينما فى السودان دورا كبيرا فى نشر الثقافة و المعرفة من خلال الافلام التى كانت تمثل نافذة تمكن من خلالها السودانيون من الاطلاع و التعرف على عادات و ثقافات مختلف الشعوب وكانت المتنفس و وسيلة الترفيه المتاحة للجميع وذلك حتى قبل ظهور التلفزيون و الفيديو ومؤخرا الانترنت . وفى بحرى لعبت سينما الحلفايا وشقيقتها الوطنية وبوصفهما الاقدم حيث اتت بعدهما سينما الصافية و الوحدة كوبر ,لعبت ادوارا مهمة فى الترفيه و الترويح ومد الجمهور البحراوى بجرعات من المعرفة و الثقافة لم تكن متاحة للكثير من ابناء الشعب السودانى حينها
, وكانت هذه السينمات بها 3 درجات وهى الشعب وهى الارخص في ثمن تذكرة الدخول وكذلك اشد الأماكن ازدحاما وفى بعض المرات تشهد شغبا و شجارا بسبب العديد من الأسباب ولهذا السبب ا كانت إدارة السينما تستعين بشرطي لحفظ النظام و فرض الانضباط وناس بحرى القدام لازالوا يتذكرون الشرطي العم جلال الذى كان يفرض هيبته و سطوته على كل من تسول له نفسه بخرق النظام ( اللولوة و العنكبة و الشفتنة ) و كذلك كانت هنالك درجة اللوج و يطلبها محلى الهدوء و البعد عم بعض بتاعين المشاكل في الشعب اذ كان هنالك حاجز يفصل بينهما ( الشعب و اللوج) اما العوائل و الحرائر فقد كانت البلكونة هي المكان الأنسب لهم . اما الأفلام التي كانت تعرض فقد كان يتم الإعلان عنها في الصحف اليومية فيما يسمى ” اين تسهر هذا المساء ” كذلك كانت تتم بعض الإعلانات في شكل ملصقات وبوسترات تعرض في الأسواق وأماكن تجمع الجمهور، وكانت مواضيع هذه الأفلام متنوعة ولكن عموما كانت اغلب الأفلام تشترك في ان لكل فيلم البطل وصاحب البطل والخائن او الشرير وصديقه وفى بعض الأفلام الرومانسية والعاطفية كان البطل لديه البطلة مثل سبنة في فيلم جانوار اما الأفلام التي كانت تعرض فيمكن تصنيفها كالاتي:
أفلام الكاوبوى , الافلام الهندية , الافلام العربية وهى غلبيتها مصرية , الافلام الغربية وهى بدورها تحتوى على الافلام البوليسية و الحربية و الجاسوسية و افلام المغامرات وفى مرحلة لاحقة ظهرت أفلام الكاراتيه بطولة بروس لى ونالت اعجاب الكثير من الناس حتى ان بعض الشباب التحق بدورات تدريب هذه الرياضة. وكذلك أفلام الامريكان السود او ما يطلق عليها Blaxploitation والتي كان لها اكبر التأثير على شباب جيل السبعينيات اذ كانت هذه الأفلام تظهر الافتخار و التمجيد لأفريقيا واعتزاز الامريكان السود بأصولهم الافريقية وكانت هذه الأفلام ذات تأثير كبير على شباب جيل السبعينيات فمنها انطلقت موضة تربية الشعر الافرو و البنطلون الشارلستون ولعل اشهر تلك الأفلام هو فيلم شافت والذى وضع موسيقاه والتي لا يزال الناس يسمعونها الى اليوم الموسيقار الراحل ايزاك هيز المشهور بصلعته اللامعة و صوته الجهير , وبعدها ظهرت أفلام الاكشن والحركة و ابطالها رامبو و شوارزينجر و جاكى شان وفان دام و جيمس ستاثان وفان ديزل ولكن هذه الأفلام لاقت رواج عند انتشار اشرطة الفيديو المنزلية في الثمانينيات من القرن الماضى .
ومع تطور الزمن و انتشار افلام الفيديو المنزلية ومن بعدها القنوات الفضائية او توفر الانترنت كل هذه الاسباب قد ادت الى انحسار مشاهدة الافلام فى دور السينما , وكان لحكومة الانقاذ التى استولت على ا الحكم عبر انقلاب عسكرى فى 1989 وما جاءت به من ما اسمته بالتوجه ومحاربة الثقافات الدخيلة كان لها القدح المعلى فى دمار السينما فى السودان حيث تضررت السينما تضرراً بالغاً، فأغلقت كل دور السينما، وعرضت كعقارات للبيع، وما لم يبع صار مهجورا فى انتظار تحويله الى مرفق استثمارى . وعندنا فى بحرى كان من المحزن ان نرى سينما الوطنية واحدة من معالم و رموز بحرى العريقة تتحول الى اطلال فى العام 2013م
نسال الله ايقاف الحرب الملعونة وعودة الوطن امنا سالما من جديد .
والى اللقاء