الأعمدة

سعد قشرة اليمانى الرجل و السوق

من المؤكد بان الحاج سعد صالح محمد الملقب بسعد قشرة لم يفكر يوما وهو يبيع الفول لزبائنه من قدرته التى كانت متكئة امام دكانه الصغير فى ديوم بحرى , بان الميدان الذى يطل دكانه عليه سوف يصبح فى يوم ما من اكبر و اشهر اسواق الملابس والاقمشة و ادوات التجميل و العطور ليس فى الخرطوم بحرى وحدها بل وفى جميع انحاء السودان وليس هذا فحسب بل سوف يحمل هذا السوق اسمه بالرغم من انه لا يملك فيه حتى و لا محل واحد من بين الاف المحلات , وتروى عزية ابنة سعد قشرة وهى كانت مغتربة فى السعودية مع زوجها بان السودانيين فى السعودية كانوا يبدون اندهاشهم لوجود ابنة سعد قشرة مالك السوق الشهير معهم فى السعودية اذ كانوا يعتقدون ان ابنة سعد قشرة صاحب السوق الشهير لاتحتاج للاغتراب من اجل المال ولديهم سوق باكمله فى السودان ! فكانت عزية تشرح لهم بانهم لا يملكون حتى متر واحد فى هذا السوق فقد كانت شهرة فقط بدون المال .
وفى سيرة سعد قشرة تقول ابنته الكبرى قدرية والتى توفت فى ابريل 2022م لها الرحمة و المغفرة أنّ أبيها قَدِم من منطقة زمار فى اليمن واستقرَّ مباشرةً بمدينة الختمية ببحري، كان ذلك في أواسط الثلاثينيات، ، وان لقب قشرة و خلافا لما يعرفه الكثير من الناس هو لقب جاء به من اليمن حيث يحمله جميع افراد عائلته بسبب شهرتهم فى تجارة قشور البن حيث تستخدم هذه القشور بكثرة فى اليمن كمشروب ساخن مفيد للصحة . وتزكر قدرية ان والدها عليه الرحمة كان طيب القلب مشهورا بكرمه و حسن معاملته للجميع حيث كان داره مفتوحا دائما للاهل و الجيران و الاصدقاء . .
تزوج سعد قشرة من ابنة عمّه (حُسنية)، وهي من أم سودانية وأب يماني، حيث انجبت له ولد واحد و ثلاثة بنات هم : على سعد والذى توفى فى 2017 وقدرية و فاطمة و عزية ثم ما لبث العم سعد قشرة أنْ انتقل سريعاً إلى بيته الحالي، قُبالة سوق سعد قشرة، والمطل على شارع المعونة بحري. وهو المنزل الذي كان يعيش فيه حتى وفاته عليه الرحمة فى العام 1976 و تم دفنه فى مقابر حلة خوجلى . اما الدكان الشهير فقد كان احدى غرف المنزل وكان هذا الدكان تباع فيه البقوليات و احتياجات سكان المنطقة ولكن شهرته الكبرى كانت ببيعه للفول المصرى حيث كانت (قِدرة) الفول ملتقى للعديد من الناس، وكانت أغلبية مواطني مدينة بحري، وبعض سكان الخرطوم في السبعينيات يأتون لأخذ الفول من قِدرة سعد قشرة،
يقول الشاعر الراحل ابن ديوم بحرى سعد قسم الله صاحب اروع اشعار اغنيات شرحبيل احمد مثل (قلبي دق) و(حبيب العمر) و(لابس البمبي) والذى توفى فى يوليو الماضى وكان صديقا حميما ومقربا لسعد قشرة يقضى معه الكثير من الوقت , بان سعد قشرة كان قد اشترى منزله الحالي الواقع في حي الديوم بحري غرب موقع السوق الحالي ثم جعل من إحدى غرف منزله دكاناً بعد أن فتحها على شارع المعونة، وكان يعمل في الدكان بنفسه ثم عيّن صبية للعمل معه وظل يقضي جل يومه جالساً على كرسي قماش أمام دكانه يراقب عماله ويلتقي بعض معارفه الذين يأتون للأنس واحتساء أكواب القهوة والشاي . اما عن سبب اطلاق اسم السوق باسم سعد قشرة فهنالك العديد من القصص ولكن اشهرها و اكثرها قبولا هو ان امام دكانه قد اصبح من محطات المواصلات الرئيسة فى شارع المعونة فى الاتجاهين فمثلا المحطات فى اتجاه شمبات والحلفاية تبدأ من الموقف شرق مستشفى بحرى (موقف الحلفاية) و المجلس و ميدان عقرب و سعد قشرة و المدارس و المؤسسة الخ فكان الكماسرة هم اول من اطلق اسم سعد قشرة على كل المنطقة فقد كانوا ينبهون الركاب بوصولهم للمحطة ” ها سعد قشرة فى زول نازل ؟ )
والان ونحن نشاهد حجم الدمار و الخراب الكبير الذى اصاب السوق الشهير لا نملك الا ان نقول “لاحول ولاقوة الا بالله ” مع تصميم و عزم باعادة بناء جميع ما مدرته الحرب اللعينة ومن بينها سوق سعد قشرة المعلم البحراوى الكبير
وفى الصورة المرفقة نرى المرحومة قدرية فى يسار الصورة وشقيقتها عزية فى يمين الصورة يحملن صورة والدهما الراحل سعد قشرة فى وسط الصورة
وفى المقال القادم باذن الله سوف نتحدث عن السوق و تاريخ بنائه و تطوره .
والى اللقاء

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى