الأعمدة

التغيير يبدا من بورتسودان

لم يدر بخلدى يوما انني ساسافر في يوم من الايام الي بورتسودان،فمن جهه ان نشأتي بالجزيره ارتباطي باهلها وكل ماكنا نطمح اليه زيارة الخرطوم وزيارة الاهل والتفكير بالعمل فيها ،هذا قبل ان نستقر فيها وننزح منها لمدني وقرى جنوب الجزيره وقرية الحرقه بالشرق ومنها لبورسودان ،في رحله ماراثونيه طويله،وصلنا فيها بورتسودان في خلال يومين بالتمام والكمال.
وصلنا بورسودان واستقبلتنا امطارها الشتويه الجميله، ليستقبلنا أقرباء لنا استضافونا، تقاسموا معنا النبقه التي هي كل مايملكونه ،ولكن اذا عرف السبب بطل العجب.
انها بورسودان وقيم وعادات اهلها.رغم انهم ليسوا من اهلها ولكن لسكنهم ببورسودان ولعشرتهم الطويله لاهلها صاروا ادروبات من الدرجه الاولي.
مناسبة هذا المقال،هو انه نشر قبل فتره تصريح لأحد قيادات وأعيان الشرق بقوله بعدم سماحهم بنشر الفن الهابط من الغناء من الفنانين والفنانات وعلي الجميع وخاصه الوافدين الجدد مراعاة ذلك لانه غير مسموح به اطلاقا ويتنافي مع قيم وعادات المجتمعات ببورسودان بمختلف شعوبهم وقبائلهم، انتهي التصريح ليبقي التحليل له.
من مشاهداتي في الشارع العام ببورتسودان، إنها المدينه الفاضله الوحيده التي تبقت من بين مدن وحواضر وبوادى وقرى السودان،وأهم مايميز انسان بورتسودان وسكانها الاصليين سواء ان كانوا من النساء أو الرجال بمختلف أعمارهم وقبائلهم هو احترامهم لأنفسهم لابعد الحدود،كما انهم يتواصلون في السراء والضراء بصوره مدهشه حتي ان لم يعرفوك، نساء بورتسودان لايعرفن التسكع في الشوارع أو الأسواق أو حتي المجمعات العامه من متنزهات وخلافه ولايرتدنها العامه أقاربهم أو محارمهن،وحتي في هذه المجمعات غير مسموح بالاختلاط ولايرتاد النساء الأماكن العامه الا للضروره ولديهم اماكن خاصه بهن،التدين هنا سمه والاحترام هو عاده وطبع وتربيه وتقاليد راسخه والزى المحتشم الكامل هو وراثه وتقاليد وزى موحد لأغلب نساء المدينه،بنفس القدر الرجال في ببورسودان هم حماة الحمي طوال تواجدي معهم في الشارع العام في الأسواق والقهاوى والمتنزهات العامه وحتي داخل الأحياء وتجمعاتهم في الانديه وغيرها،لايخوضون في سفاسف الامور من سياسه أو رياضه أو خلافه ،يمارسون هواياتهم المختلفه من لعب الكتشينه والضمنه البلياردو والخ لايعرفون معاكسة النساء فهذا جرم كبير لايقدم عليه احد،ولم الحظ طوال إقامتي وقوف العربات الخاصه للنساء مهما كان السبب ،ولاتجرؤ أي امرأه علي ذلك ،الكل هنا تحكمه عادات وتقاليد انسان الشرق،كل المجتمعات والاثنيات تعيش في سلام وامن وتعايش سلمي فريد.
لذلك يجب علي الجميع احترام تقاليد واعراف اهل الشرق،واعتقد ان الحرب والتي أدت لنزوح الآلاف من الناس إليها يكونوا قد لمسوا هذه السمات وتعايشوا معها،اهم مايميز بورسودان الأمن والأمان والطمأنينة في نفسك ومالك واهلك حيث لاسرقات أو جرائم،وتقديم القهوه في مقاهي البورت يقوم بها الرجال الا ماندر القهوه هنا لعدل المزاج ومن طقوس اهلها.
بالرجوع للفن والغناء عموما ،اتمني ان ترجع الاغنيه السودانيه الي عهدها الاول من كلمات رصينه وألحان شجيه وأداء ممتع،وأن يكون كما كان فنا اصيلا يزرع في دواخل الناس حب الحياه وتهذيب النفوس وإعلاء قيمة الوطن والتسامح ونبذ القبليه والعنصريه والجهويه.
حينما استمع للفنان محمد وردى لاي اغنيه من اغانيه تتوغل موسيقاه والحانه الي دواخلي لتنفذ عبر كل مسامات جلدي وتفريغ جسدى وجسمي كله من اي طاقه سلبيه واعيش بروح ومعنويا عاليه وحال الفراغ من الاستماع لوردى،فانني اكون بحاجه بعدها مباشرة لقراءة القرآن كله، وكم كنت اتمني ومازال حلمي باقيا ان كان متاحا ان استمع للقران بصوت محمد وردى،واعتقد انه سيكون مزمار داؤود الذي تتهافت إليه كل النفوس وكل أبناء جيله ومن سبقوه من فناني الحقيبه، فكان لكل فنان بصمته ولونيته وعشاقه ،نتمني ان يرجع الفن لسابق عهده مهذبا للنفوس ومعليا لقيمة الوطن وتقاليده واعرافه.
ستكون بورسودان واهلها هي منصة الانطلاق نحو سودان جديد يحتوي كل الفروقات وطن للجميع،والي ذلك الحين دعونا نعني مع حيدر بورسودان..بورسودان ياعروس البحر ياحوريه..بقليل من الجهد بالاهتمام بيئتها ونظافتها وتوصيل المياه ألعذبه لها من نهر النيل ومع التغير المناخي المتوقع بتقليل اسدشهر صيغها يبدو أن بورتسودان ستكون قبله لكل اهل السودان والعالم كاجمل مدينه قامت علي ضفاف البحار.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى