أنصار الحرب: تبرئة القتلة وإدانة الأبرياء.. ✍🏻 مرتضى الغالي
عاد “كاتب الشرق الأوسط” الأستاذ عثمان ميرغني إلى (اللولوة)..ولن ندعه يفلت بتصويره الزائف لأوضاع الحرب في السودان..! فالرجل لا يدع فرصة ولا سانحة إلا وبرأ فيها القتلة وهاجم فيها القوى المدنية الرافضة للحرب..وكأنها هي السبب في هذه المواكب الممتدة من الأكفان والنعوش..!
عاد الرجل ليتدثر بحجج واهية وحديث مجزوء..مقتلع من سياقه ليضع أكاليل الورود على مسعّري الحرب..ويكفي أن الرجل سبق وأشاد بـ(شعبية ياسر العطا) و(شجاعة البرهان) ولم ينقصه إلا أن يلحقهما بعمر بن معديكرب وربيعة بن مكدم في التراث العربي..!
إذا انطلق الشخص من وقائع مزيفة أو مختلقة فلن يصل إلي نتيجة منطقية إلا عبر المغالطات (ولو كان يرتدي كرافته من بيير كارادان)..! ومن نوع هذه المغالطات البائسة ما رواه الجاحظ بأن رجلا اسمه ابو علقمة قال إن الذئب الذي أكل سيدنا يوسف اسمه “رجحون “..قالوا له إن الذئب لم يأكل سيدنا يوسف؟ فقال لهم: إذاً هذا هو اسم الذئب الذي لم يأكل سيدنا يوسف..!
هذه المرة يهلل الرجل بحديث نسبه للمبعوث الأمريكي (توم بيريلو) مع انه في سابق مقالاته ولاحقاتها..لم يترك كلمة عن تآمر المبعوثين الأمريكان والأفارقة والعرب والأمميين والدوليين وعن مخاطر التدخلات الخارجية..فلماذا يا ترى الإشادة في هذه المرّة..؟!
لقد كذب الرجل على (بيريلو) وقال انه يفاضل بين عساكر البرهان وبين مليشيات الدعم السريع..مع أن الرجل ظل يكرر ويشدد بأنهم يتعاملون من مسافة واحدة مع طرفي الحرب..ويعملون على حظر السلاح من الطرفين.. بل قال (بيريلو) أن وجود الإسلاميين أنصار النظام السابق في مشهد الحرب الحالية “يمثل مشكلة كبيرة لنا وللسودانيين” وأنهم يعيقون وصول الجيش للتفاوض..!!
لماذا يتغافل كاتب الشرق الأوسط عن حقيقة أن مسؤولية هذه الحرب تقع على عاتق البرهان وعساكره وانقلابه وعلى مليشيات الدعم السريع سواء بسواء.. وكلا الطرفين شاركا في الانقلاب على السلطة المدنية وكلاهما يتنافسان في قتل المدنيين..فلا شرعية للمليشيات كما لا شرعية لانقلاب البرهان والكيزان مهما كان لون (العدسات اللاصقة) التي وضعها كاتب الشرق الأوسط على عيونه وأصبح لا يرى أي مشكلة في هذه الدنيا غير الحرية والتغيير وتنسيقية تقدم (والمدنيين الأشرار القتلة)..!
بالمناسبة لا يمكن تعليق أهمية كبرى على ما يقوله المبعوث الأمريكي عن أوضاعنا في السودان فأهل (الكريبة) ادري بشعابها..! ولكننا ذكرنا أقوال بيريلو فقط لأن “كاتب الشرق الوسط “استشهد بها..وأردنا أن (نفرز اللبن من الروب) حتى لا تأخذنا تحريفاته “في دوكة”..!
كاتب الشرق الأوسط ضد إصلاح الجيش ويرى أن جيش البرهان الحالي (كفاية وزيادة)..! لأن إصلاح الجيش وإعادة بنائه على أسس قومية ووطنية ومهنية يعني انفلات الأمور وانتشار الفوضى – كما قال..! ويتغاضى هذا الرجل عن حقيقة أن الجيش ظل يستولى على 80% من الميزانية العامة ويوهم الشعب بأنه ينفقها على التسليح والتصنيع الحربي إلى أن كشفت الحرب المشؤومة الآن عن الحقيقة وظهر الجنود عُراة إلا من بعض الأسمال البالية وحفاة إلا من “السفنجات”..وليس في أيديهم غير بنادق (صيد الأرانب)..!
ومن باب التغبيش على الواقع يقول كاتب الشرق الأوسط “من لا جيش له لا أمن له”..! طيب نأخذ بكلامك على إطلاقه ونسأل: الآن لدينا جيش.. فلماذا ليس لدينا أمن..؟!
أخيراً لا يظنن كاتب الشرق الأوسط أننا نهتم بشخصه..لا والله..نحن ننظر لما يقول..وليس لنا أي دوافع شخصية ولا ننافسه في (سباق الضاحية) أو في أي مضمار آخر..! إنما المشكلة في تزييف الحقائق والوقائع والتغافل عن مأساة الحرب وأسبابها وتداعياتها في هذا الوقت العصيب..! فهو يتحدث من منبر صحفي له تأثيره.. وفي وقت يكاد ينمحي فيه الوطن ويفنى أهله لا مجال للصمت عن الأصوات التي تزيد من تأجيج الحرب وتزييف الحقائق وتبرئة القتلة وإدانة الأبرياء.. هذا موقف لا مكان فيه للنوازع الشخصية ووطننا يتفتّت أمام أعيننا..!
الأستاذ كاتب الشرق الأوسط الذي يدافع عن الحرب ويطرّز حديثه بدانتيلات (السيادة الوطنية) هل سمع بقتلى الفاشر ومذبحة الحلفايا..!
هناك حملة تزييف واسعة (ذات أدوار) داخل السودان وخارجة..بساهم فيها هذا الرجل بعلمه أو بغير علمه..وهي حملة تتشابه فيها العبارات والتوصيفات والمقولات التي يرددها الكيزان والبرهان وأنصار الحرب وتتطابق مثلما تتشابه ملامح اليابانيين..! وذلك لا يفوت على ذكاء السودانيين: أعرف الحق تعرف أهله..وانتبه للباطل يتمثّل لك الكوز (جسداً له خوار)..!