الأخبار

طرد السفير السوداني بابوظبي من منزله ونزع سيارته

أبو ظبي – الأمارات
طلبت وزارة الخارجية السودانية من سفيرها لدى دولة الإمارات، عبد الرحمن شرفي، إخلاء مقر إقامته الرسمي وسحب السيارة المخصصة له، في خطوة غير مسبوقة أثارت تساؤلات عديدة حول العلاقات المتوترة بين الخرطوم وأبوظبي. هذا القرار جاء عقب رفض السفير شرفي تنفيذ أوامر الحكومة السودانية بتصعيد التوتر مع الإمارات، في ظل تزايد التوترات الدبلوماسية بين البلدين.
وكان السفير شرفي قد امتنع عن تقديم مذكرة احتجاج للخارجية الإماراتية، مبررًا قراره بضعف الأدلة التي قدمتها الحكومة السودانية، والتي اعتبرها غير كافية لاتخاذ أي خطوات تصعيدية. هذا الموقف أثار استياء وزارة الخارجية السودانية التي رأت في رفضه انتهاكًا لمهامه الدبلوماسية في ظل الظروف الحساسة التي يمر بها البلد.
السفير شرفي لم يكتف بالرفض، بل انتقد علنًا سياسة حكومته تجاه الإمارات، واصفًا إياها بأنها “غير محسوبة” و”اندفاعية”. وأشار إلى أن مثل هذه القرارات قد تلحق أضرارًا جسيمة بالعلاقات الثنائية مع الإمارات، التي تُعد شريكًا استراتيجيًا للسودان على المستويات السياسية والاقتصادية.
وفي معرض تعليقه على قرار الخارجية السودانية بتقديم مذكرة الاحتجاج، أوضح شرفي أن هذا الإجراء يفتقر إلى المهنية المطلوبة في العمل الدبلوماسي، معتبرًا أن الحل الأمثل كان يكمن في استدعاء السفير الإماراتي في الخرطوم وتسليمه الاحتجاج بصورة رسمية. وأكد أن دوره كدبلوماسي هو العمل على تقوية العلاقات بين البلدين، وليس تأجيج الخلافات دون وجود دلائل قاطعة.
وقد انقسمت الآراء حول موقف السفير شرفي داخل السودان؛ فبينما اعتبر البعض أن قرار الخارجية يعكس ضغوطًا داخلية تدفع نحو التصعيد مع الإمارات بسبب الأوضاع السياسية والإقليمية المتأزمة، رأى آخرون أن موقف السفير يستند إلى حرصه على الحفاظ على علاقات متينة مع الإمارات، باعتبارها شريكًا مهمًا للسودان.
إن سحب الامتيازات الممنوحة للسفير، بما في ذلك المنزل والسيارة الرسمية، يعكس عمق الخلاف بينه وبين الحكومة السودانية، مما قد يفتح الباب أمام المزيد من التعقيدات في العلاقات السودانية الإماراتية، خاصة في ظل الأزمة السياسية الراهنة التي يعيشها السودان.
“وفي إجراء غير مسبوق أثار جدلا واسعا حول الأزمة الناشئة بين الخرطوم وأبوظبي على خلفية مزاعم الأولى بتدخل الإمارات في الأزمة السودانية دعما لقوات الدعم السريع وهي افتراءات فنّدتها الحكومة الإماراتية بالحجة والبرهان، طلبت الخارجية السودانية من سفيرها لدى الإمارات عبدالرحمن شرفي إخلاء منزل إقامته وتسليم السيارة المخصصة له على الفور، فيما يبدو عقابا له على موقفه الدبلوماسي الرصين الرافض لتصعيد الأمور والداعي للحكمة في التعامل مع حل الخلافات الدبلوماسية المتزايدة.
كوتمهد هذه الخطوة التي تشير إلى حالة التشنج السياسي للحكومة السودانية التي يقودها قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان، إلى إجراءات عقابية أوسع بسبب رفض شرفي نهج التصعيد تناغما مع مهمته كسفير يعمل على تحسين العلاقات لا على زيادة توتيرها.
وقد أثارت الخطوة أيضا جدلا واسعا بين الأوساط السياسية والدبلوماسية في السودان، اذ رأى البعض أن سحب امتيازات السفير شرفي يعكس ضغوطا على الحكومة السودانية والدفع للتصعيد مع الإمارات بدلا من حل الخلافات القائمة المفتعلة من الطرف السوداني.
ويذهب شق إلى أن الاخوان الذين يهيمنون على الحكومة والجيش هم من يدفعون يقودون الحملة على السفير شرفي كمنفذ لتصعيد الخلافات مع الإمارات وهو أمر وارد بالنظر لموقف أبوظبي من نشاطات تنظيم الإخوان في المنطقة وقد تزامنت الحملة على السفير السوداني مع إظهار الإخوان تحركات مكثفة لتوظيف الوضع الراهن في تصفية حساباتهم مع دولة الإمارات.
والأمر لا يقتصر على شرفي، إذ يشمل عددا من الدبلوماسيين الذين أبدوا مواقف رافضة لسياسة حكومتهم التصعيدية، لكن الحملة على السفير السوداني لدى الإمارات كانت الأوضح والأشد باعتبار وجود رغبة اخوانية جامحة لتصفية الحسابات مع أبوظبي.
وترى أوساط سياسية ودبلوماسية أن موقف السفير شرفي يأتي من منطلق الحفاظ على علاقات جيدة مع شريك مهم مثل الإمارات وأن ما بدر منه كان موقفا رصينا وينطوي على حكمة في التعامل مع أزمة افتعلها الجانب السوداني لحسابات سياسية متطابقة مع أجندة الشق الاخواني المهيمن على الحكومة والجيش.
ويرى البعض أيضا أن قرار سحب الامتيازات من السفير شرفي لا يعكس فقط حالة التشنج السياسي بل يقيم الدليل على مدى التوتر في العلاقة بين السفير والحكومة السودانية، وهو ما يضع مستقبل العلاقات السودانية الإماراتية تحت المجهر، خاصة في ظل الأوضاع السياسية المعقدة التي يمر بها السودان داخليا.
وكان شرفي قد رفض تقديم مذكرة احتجاج للخارجية الإماراتية، معبرا عن تحفظه على ما تقول حكومة بلاده إنها أدلة على تدخل الإمارات في الشأن السوداني، معتبرا أنها أدلة ضعيفة وغير كافية لتبرير اي تصعيد مع أبوظبي.
ولم يخرج السفير السوداني عن حدود مهامه ولا عن الأعراف الدبلوماسية المتعارف عليها في ردّه على طلب حكومة بلاده، مفضلا حل أي اشكال قائم عبر الدبلوماسية لا التصعيد وهو موقف رأت فيه الخارجية السودانية “تقاعسا” عن أداء مهامه في وقت حساس.
وكان عبدالرحمان شرفي قد انتقد علنا سياسة حكومته تجاه دولة الإمارات واعتبرها “متهورة” وغير محسوبة العواقب، محذرا من أن مثل هذه الممارسات تضر بالعلاقات الثنائية التي تعد فيها أبوظبي شريكا استراتيجيا للسودان على المستوين السياسي والاقتصادي.
ولعبت الإمارات دورا مهما بالتنسيق مع الهيئات الأممية المعنية في تقديم مساعدات الإغاثة لملايين السودانيين ولم تتأثر جهودها الإنسانية بالحملة التي يقودها ويؤججها الإسلاميون الذين يسيطرون على مفاصل الجيش والدولة.
وسبق للخارجية الإماراتية أن أكدت في أكثر من مناسبة وقوفها على مسافة واحدة من طرفي الأزمة: الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ بداية النزاع المسلح ودعت مرارا للحوار سبيلا لإنهاء الاقتتال.
وكان شرفي قد ردّ بشكل مهني على قرار الخارجية السودانية بطلبه تقديم مذكرة احتجاج للإمارات، معتبرا أن هذا الطلب يفتقر للمهنية الدبلوماسية ويجانب الصواب من الناحية الإجرائية في مثل هذه المواقف إذ يفترض أن الطريقة الأنسب والمهنية هي استدعاء السفير الإماراتي لدى الخرطوم وتسليمه المذكرة بشكل رسمي، موضحا أن دوره كسفير يجب أن يركز على تعزيز العلاقات وليس زيادة توتيرها وتصعيدها بلا أدنى مبررات واضحة أو أدلة قوية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى