الأعمدة

أعداء المقاومة الثلاث !

صدر مؤخرا كتاب “الحرب” للصحفي الأمريكي الأشهر،”بوب وورد”،صاحب أهم تحقيق صحفي استقصائي عن أكبر فضيحة رئاسية في واشنطن خلال القرن المنصرم ،المعروفة باسم”ووترجيت”والتي أطاحت بسيد البيت الأبيض وقتها ريتشارد نيكسون..الكتاب يكشف عن بعض ما دار بين وزير الخارجية الأمريكي،وبين بعض القادة العرب من مواقف وحوارات ،خلال زيارته الأولى للمنطقة بعد اندلاع النار في غزة بأسبوع،أهم ما جاء فيها أن بعضا من أهم القادة العرب يساوون بين عداءهم لإسرائيل ورفضهم للإخوان المسلمين، وأن إحدى دول “الطوق” أكدت له أن السلام مع إسرائيل أولوية أولى ،تعقيبا على استفسارات بيلنكن حول الموقف إذا ما تجاوزت إسرائيل في القتل والتهجير.
أحد القادة أكد لوزير الخارجية الأمريكي دعمه لهزيمة حماس،وآخر قال له أن بلاده ستمنح الوقت لإسرائيل للقضاء على حماس ،مقابل إدخال المساعدات، وثالث قال له “يجب ان تكون غزة هادئة أولا لنقوم بالتطبيع مع إسرائيل”..في حين أكد له مسئول عربي “كبير” أن الجماعات الارها.بية لا تحاول القضاء على اسرائيل فقط، بل تريد الإطاحة بزعماء عرب آخرين،في إشارة إلى جماعة الإخوان،وخلال نفس الجولة التقى الوفد المرافق للوزير الأمريكي (ضم رجال مخابرات) مع أحد كبار المسئولين العرب ،نصح خلاله الأخير إسرائيل أن تتجنب دخول غزة دفعة واحدة،إنما على مراحل.
“لا للإخوان حتى لو كانوا حماس”، ولا لحماس حتى لو كانوا مقاومين ..هذا مضمون ما سمعه الوزير الأمريكي من جميع الزعماء العرب خلال تلك الزيارة الأولى له إلى المنطقة.
الفضاء الإقليمي ينقض على حماس بالسلاح والسياسة والإيدلوجيا،ورغم ذلك تسطر المقاومة الفلسطينية ،على أوراق التاريخ، أنها تقاوم دون أي غطاء إقليمي بالمرة منذ ما يزيد عن العام،وهي المرة الأولى في تاريخ الإنسانية الحديث التي يقاوم فيها شعب الاحتلال،دون مساندة أو دعم من أي طرف قي الوجود ..الثورة الجزائرية قدمت مليون ونصف المليون شهيد،في ظل دعم إقليمي من مصر بالسلاح والسياسة،الثورة في اليمن ربما ما كان لها أن تنجح لولا دعم مساندة أكبر دولة عربية لها..النظام العنصري في جنوب أفريقيا لم يكن يحل نفسه بنفسه لولا المقاومة الوطنية والدعم الدولي،فيتنام ما كان لها أن تكسر الغطرسة الأمريكية لولا دعم ومساندة الاتحاد السوفيتي السابق..كل حركات التحرر الوطني بلا استثناء بلغت أهدافها بخسائر فادحة،لكن في ظل دعم ومساندة إقليمية أو دولية.
إلا شعب فلسطين،يقاوم الكيان الصهيوني وحده في فضاء سياسي معادي له ..مشهد إنساني لم يخطر على بال عتاة كتاب التراجيديا ..أن يجتمع أعداءك عليك،لا جديد فيه،وأن ينضم إليهم بعض من الأهل رغم المجازر التي يرتكبها الأعداء، قد يكون واقعا عربيا لا ينكره أحد ،إلا أن المفاجأة الاستراتيجية تتبدى في “الإيدلوجيا” التي تنقلب على أصحابها،وبدت وكإنها تتخلى عنهم وتصطف إلى جانب القوى المعادية والرافضة للتيار السياسى الإسلامي ،بعد أن تسببت تلك الإيدلوجيا في اتساع مساحة الكراهية لأفكار الجماعات الإسلامية ولأصحابها ،إلى الدرجة التي تساوي بينهم ومن يبيد شعب غزة.
السلاح يعجز عن مقاومة المشروع الصهيوني في الإقليم، والسياسة تفشل في إيقاف المجازر الصهيونية،وإيدلوجيا الإسلام السياسي باتت عبئا على الدين والعروبة..المقاومة وحدها في المعركة ..أعزل ضد السلاح والسياسة والدين.

أحمد عادل هاشم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى