الأعمدة

زيارة ناجحة أنهاها الوزير محي الدين النعيم إلى الصين،، الطـاقة والنفط،، إعــادة السيـرة الأولى..

توقيع اتفاقية لإنشاء مصفاة لتكرير النفط بمدينة بورتسودان..

المصفاة الجديدة تسع 150 ألف برميل، وتلبِّي احتياج التصدير للخارج..
زايد: كان الأفضل إعادة تأهيل مصفاة الخرطوم، وإنشاء مصفاة بسعة 100 ألف برميل..
إرسال تطمينات للشركات الصينية للعودة والاستثمار في السودان..
تأكيدات على جهوزية خط أنابيب لنفط جنوب السودان..

مؤشرات إيجابية لتفاعل الصين مع الحكومة والمشاركة في برنامج إعمار ما دمرته الحرب..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
أنهى وزير الطاقة والنفط دكتور محي الدين النعيم زيارة ناجحة إلى الصين وقع خلالها على عدد من الاتفاقيات مع الجهات الصينية المختصة في مجالي النفط والكهرباء، ووضعت زيارة الوزير التي تعد وبحسب خبراء ومراقبين الأكبر من نوعها منذ سنوات، أساساً متيناً لإعادة النفط إلى سيرته الأولى والنهوض بقطاع الكهرباء في السودان، لاسيما في مجال الطاقات المتجددة كطاقة الرياح والطاقة الشمسية، وطرح الوفد السوداني عدداً من الملفات للتعاون المشترك مع الجانب الصيني تشمل المربعات الخالية للاستثمار في النفط والغاز الطبيعي، بجانب بناء مصفاة جديدة ببورتسودان وإعادة تأهيل مصفاة الخرطوم ومحطات الكهرباء بعد الدمار الذي لحق بها من جراء الحرب التي أشعلت فتيلها ميليشيا الدعم السريع المتمردة في الخامس عشر من أبريل ٢٠٢٣م.
شريك استراتيجي:
وتعتبر الصين شريكاً استراتيجياً للسودان في قطاع النفط، فيما يعد السودان مدخلاً للصين تجاه الاستثمارات التجارية والاقتصادية في القارة الأفريقية، فلا غرو أن يتجه السودان خلال ظروفه العصيبة التي أفرزتها الحرب إلى استعادة أراضي علاقاته الاستراتيجية مع الصين باعتبار أن حقيقة معدن الصديق تتضح في أوقات الشدة والضيق، وهو ما كان يأمله السودان، ولم تخيِّب الصين ظنه في هذا المنحى فقد فتحت ذراعيها على مصرعيها لاستقبال وفد وزارة الطاقة والنفط الذي قصدها وفي مخيلته الدمار الكبير الذي لحق قطاع النفط والطاقة جراء الحرب، ورغبته في أن يستعيد جسد هذه القطاع الحيوي والمهم عافيته، وهو تفكير منطقي و( خارج الصندوق) يستبق نهاية الحرب، ويقرأ مبكراً مألات مستقبل مصفاة الجيلي ذات المصير المجهول والتي تعتبر في عداد الأموات وفقاً لمعطيات الحرب وواقعها الذي يشير إلى إصرار الميليشيا المتمردة على البقاء داخل المصفاة.
مؤشرات نجاح:
مؤشرات نجاح زيارة وزير الطاقة والنفط إلى جمهورية الصين يمكن قياسها بتوقيع مذكرة التفاهم المهمة مع شركة شينغهاي للبتروكيماويات وذلك من أجل إنشاء مِصفاة جديدة لتكرير النفط في بورتسودان بسعة 150 ألف برميل يوميا (7مليون طن) سنوياً، وستُلبي المصفاة الجديدة بسعتها الكبيرة، حاجة تصدير المنتجات البترولية لأثيوبيا وغيرها من دُول الجوار المُغلقة، حيث إن مصفاة الخرطوم كانت تتيح تخزين 22 ألف برميل يوميا كحدٍ أقصى، ووفقاً لسفير السودان بجمهورية الصين السفير عمر صديق فإن الحكومة السودانية ستوفر المعلومات الكافية لشركة شينغهاي للبتروكيماويات وستقوم الشركة بإجراء دراسة جدوى لهذا المشروع وأشار إلى أن المصفاة ستعمل بالخام المستورد، بينما تستخدم مصفاة الخرطوم الخام العربي، وستُغطِي الاحتياج الخارجي والمحلي، وامتدح السفير زيارة وزير النفط والطاقة إلى الصين التي قال إنها كانت فرصة لإبراز إمكانات الاستثمار في السودان.
تأهيل مصفاة الخرطوم:
ويقول الخبير في مجال النفط دكتور محمد زايد عوض وزير النفط والغاز الأسبق إن إنشاء مصفاة بسعة 150 ألف برميل يومياً تكفي حاجة البلاد في الوقت الراهن ويمكن تصدير المتبقي من مشتقاتها خاصة البنزين رغم أن احتياجات البلاد غير مستقرة وتزيد سنوياً، وتسأل دكتور زايد في إفادته للكرامة عن مواصفات المصفاة التي سيتم إنشاؤها في مدينة بورتسودان والتي يقال أنها ستعمل على تكرير خام العربي الخفيف مما يعني أن الحكومة ستستورد خاماً من الخارج لأن نفط السودان هما مزيج النيل و مزيج الفولة ويختلفان في المواصفات عن العربي الخفيف، ويرى دكتور زايد أنه من الأفضل أن يتم بناء مصفاة بسعة 100ألف برميل في مدينة بورتسودان، على أن يتم إعادة تأهيل وتحديث مصفاة الخرطوم وذلك لتكرير خامات متنوعة، ولسهولة وسرعة توزيع المشتقات من الخرطوم إلى الولايات، منوهاً إلى معلومة مهمة بشأن مشروع استراتيجي خاص بتوزيع المشتقات بدأ تنفيذ المرحلة الأولى منه ( الخرطوم – مدني) و افتتاحه في مارس من العام الماضي، ويبين دكتور زايد أنه في حال تأهيل وتحديث مصفاة الخرطوم يمكن استجلاب نفط من الخارج ونقله إلى مصفاة الخرطوم عن طريق عكس خطوط أنابيب الخام التي كانت تستخدم في التصدير.
دعامة للاقتصاد الوطني:
ويرى الأستاذ أسامة مختار الصحفي السوداني المقيم في الصين أن خطوة التوقيع على اتفاقية لإنشاء مصفاة تكرير جديدة في مدينة بورتسودان إضافة حقيقية ودعامة للاقتصاد الوطني، وكشف في إفادته للكرامة عن رغبة الكثير من الشركات الصينية للاستثمار في السودان، منوهاً إلى الزيارة المهمة التي قام بها وزير الطاقة والنفط دكتور محي الدين النعيم إلى لجنة الطاقة في الصين، وقال إن هذه الزيارة والمباحثات التي عقدها تكتسب أهميتها من واقع أنها جرت مع أعلى جسم مسؤول عن الطاقة في جُمهورية الصين الشعبية، وقال إن هذه المباحثات أتاحت فرصة للتفاكر ومواصلة الاستثمار في السودان، وبجانب لقاء وزير الطاقة والنفط مع لجنة الطاقة بالصين، تناول الصحفي أسامة مختار لقاءً آخر للوزير وصفه بالمهم والموسع عقده مع شركة CMBC التي تُوِاصلُ استثماراتها في مجال البترول في مربع 6 ومربعات أخرى في السودان، حيث تم تمديد فترة اتفاقية عمل الشركة التي كان من المفترض أن ينتهي عملها في العام 2026م، مشيراً إلى أن تمديد فترة الاتفاقية تم بشروط جديدة بتوجيه مباشر من رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان إبَّان زيارتِه الأخيرة للصين.
مؤتمر النفط والغاز:
وكان وزير الطاقة والنفط دكتور محي الدين النعيم قد شارك في المؤتمر العالمي الثالث للنفط والغاز والمعرض التاسع المصاحب لمُعدات النفط والغاز في الفترة من السابع وحتى التاسع من نوفمبر الجاري بمدينة شيان الصينية شمال غرب الصين، ووصف الوزير المؤتمر بالتجمع الضخم الذي يُعقد سنوياً بحضور بعض وزراء النفط والخبراء في مجال الطاقة، مبيناً ان المؤتمر كان سانحة طيبة لطرح رؤية السودان بشأن تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع جمهورية الصين الشعبية في مجال النفط والبترول، مؤكداً حرص السودان على تعضيد التعاون في مجال النفط، وداعياً في الوقت نفسه الصين لزيادة الاستثمارات ومشاركتها في إعادة تأهيل ما دمرتْه الحرب في قطاع البترول وطمأن الوزيرُ الشركاءَ الصينيينَ بتحقيق أمن واستقرار النفط في السودان.
زيارات وتطمينات:
حَرِص وزير الطاقة والنفط دكتور محي الدين النعيم والوفد الفني المرافق له على تفقد عدة شركات صينية عاملة في مجال النفط وقطاعاته المختلفة، حيث وقف الوزير على التجارب الفنية والمهنية والتطور الذي تحققه هذه الشركات بالاستفادة من التكنولوجيا في مجالات الحفر والتقييس، وأبدى الوزير رغبته في إعادة عدد من الشركات التي كانت تنشط في قطاع النفط في السودان، مرسلاً في هذا الصدد تطمينات إلى هذه الشركات بقرب انتهاء الحرب في ظل التقدم الميداني الذي تحققه القوات المسلحة، وأكد الوزير جهوزية خطوط الأنابيب التي تنقل بترول جمهورية جنوب السودان إلى موانئ التصدير بعد توقف استمر سبعة أشهر، مشيداً في هذا المنحى بالجهود التي بذلتها شركة بابكو للطاقة، وأشار الوزير إلى زيارة مساعد رئيس جمهورية جنوب السودان، ووزير النفط الجنوبي للسودان ووقوفهم على سير العمل والجهود المبذولة لبداية ضخِّ البترول، وقال دكتور النعيم إنه طمأن المسؤولين الصينيين باعتبارهم شريكاً رئيساً في إنتاج بترول جنوب السودان على سير العمل في الخط الناقل لدولة جنوب السودان الذي قال إنه مفتوح منذ أسبوعين.
خاتمة مهمة:
على كلٍّ فقد وضعت زيارة وزير الطاقة والنفط والوفد الفني المرافق له إلى جمهورية الصين الشعبية، النقاط على الحروف، وأجابت على الكثير من الأسئلة بشأن ما يدور في ذهن الحكومة السودانية حول مستقبل هذا القطاع الحيوي المهم، الذي تعرض لهزات عنيفة جراء الاستهداف الممنهج من قبل ميليشيا الدعم السريع، التي وضعت يدها منذ بواكير الحرب على مصفاة الجيلي، وحرصت على احتلال المرافق الخاصة بخدمات الكهرباء، قبل أن تدِّمر العديد من محطات الوقود، وحسناً فعلت الحكومة بتحريك خطاها تجاه الصين من أجل إعادة الحياة إلى جسد هذه القطاع من جهة، وفتح آذان الصينين من جهة أخرى للتفاعل مع برنامج الدولة في مرحلة ما بعد الحرب، باعتبار أن الصينين هم الشركاء الاستراتيجيون، والطاقة الدافعة التي ستعتمد عليها الدولة للمساهمة مع جهات أخرى في بناء وإعادة إعمار ما دمرته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى