تحليل: كيف سيؤثر أحمد هارون على عزلة حكومة البرهان؟ خبراء يردون.
توقع خبراء سودانيون أن يؤدي انتخاب أحمد هارون رئيسًا لحزب المؤتمر الوطني المنحل، والذي تتضمنه قضايا أمام المحكمة الجنائية الدولية، إلى زيادة عُزلة حكومة البرهان على المستوى الخارجي بسبب تأثير هذا الحزب المنحل على قرار الحرب المستمرة في البلاد. عقد الحزب المحلول خلال اليومين الماضيين اجتماع مجلس الشورى في مدينة عطبرة شمال السودان، تحت حماية الجيش السوداني، حيث تم اختيار أحمد هارون، المطلوب للعدالة الدولية والمحلية، لرئاسته، وذلك في ظل وجود انقسام داخل الحزب المتورط في إشعال الحرب التي تعصف بالبلاد. على الرغم من ذلك، ورغم حرية تنقل أنصار نظام البشير في المناطق التي يسيطر عليها الجيش السوداني، يسعى قائد الجيش الفريق عبدالفتاح البرهان إلى نفي وجود اجتماع لمجلس شورى الحزب المنحل.
مجرم حرب
توقع المحلل الأمني عادل بشير أن يؤدي انتخاب أحمد هارون كرئيس لحزب المؤتمر الوطني إلى تفاقم التوترات بين حكومة بورتسودان ومحيطها الإقليمي والدولي، حيث يُعتبر هارون مجرم حرب ومطلوب للعدالة الدولية، وهناك مناشدات متكررة لتسليمه، بالإضافة إلى الجوائز التي خصصتها المحكمة لمن يُساعد في القبض عليه، حسب قوله. وأضاف بشير، في تصريح لـ”إرم نيوز”، أن رجلًا يحمل مثل هذه الصفات من المؤكد أنه سيزيد من عزلة الحكومة الدولية التي يقودها البرهان؛ لأنه يتحرك حاليًا تحت حماية الجيش، الذي يزعم أنه يمثل السودان وشرعيته.
كما أشار إلى أن العلاقة بين البرهان وحزب البشير لم تعد خافية على أحد، حيث أصبحت واضحة للجميع بعد اندلاع هذه الحرب. أشار إلى أن “قادة الحزب المحلول الذين مطلوبون للعدالة المحلية والدولية، فروا إلى مناطق تسيطر عليها القوات المسلحة منذ الأيام الأولى لاندلاع النزاع مع قوات الدعم السريع، واستمروا في السيطرة على قرار الحرب، ويرفضون التفاوض الذي قد يؤدي إلى إقصائهم عن المشهد، مما يدفع ببعض المجرمين منهم إلى العدالة. كما أنهم واصلوا القيام بأنشطتهم بشكل علني، وآخرها اجتماع شوراهم الذي انتخبوا فيه أحمد هارون رئيساً للحزب”.
وأشار بشير إلى أن ظهور البرهان في تصريح علني، في محاولة لتكذيب علاقة الجيش باجتماع أنصار نظام البشير، يعتبر دليلاً على إحساسه بالخطر. حاول البرهان، يوم الثلاثاء، نفي عقد حزب المؤتمر الوطني المحلول اجتماع شوراه بوجود الجيش في مدينة عطبرة، لكنه لم يؤكد بشكل قاطع صحة نفيه، حيث قال: “سمعنا بكل أسف أن المؤتمر الوطني في الأسابيع الماضية يريد إجراء عملية شورى، وهذا الأمر مرفوض ولن نقبل بأي عمل سياسي معارض يهدد وحدة السودان أو وحدة المقاتلين. أولئك الذين يقاتلون في الميدان ليسوا تابعين للمؤتمر الوطني أو الحركة الإسلامية، ولسنا بحاجة لأي صراعات أو تشتت في الوقت الحالي.”
كذب وتضليل
علق المستشار في قوات الدعم السريع، الباشا طبيق، على تصريح البرهان الذي حاول فيه نفي عقد المؤتمر الوطني للاجتماع في مناطق سيطرة الجيش، قائلاً إن “تصريحات البرهان ليست سوى كذب وتلاعب بالرأي العام المحلي والدولي”. ذكر في منشور على منصة “إكس” أن البرهان يتبع توجيهات علي كرتي، الأمين العام للحركة الإسلامية، ويقوم بدعم وتدريب كتائب البراء الإرهابية والمستنفِرين، مشيرًا إلى أن قادة الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني هم من يحددون رؤساء اللجان التي تُعرف بالمقاومة الشعبية في الولايات. وأضاف أن “البرهان يستقبل رئيس المؤتمر الوطني المُحل في بورتسودان، إبراهيم محمود، ويوفر الحماية للقيادات المطلوبة للجنائية الدولية من المؤتمر الوطني، بينما يُخاطب نائبه الكباشي الكتائب الإرهابية في النيل الأبيض، بجانبه والي سنار السابق ورئيس المؤتمر الوطني أحمد عباس. أما مساعده ياسر العطا، فيتحدث ويعترف بأن المجاهدين والمستنفرين التابعين للحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني يقاتلون في صفوف الجيش”.
وسأل طبيق عن تصريح البرهان بشأن رفض انقسام الصف في هذه الأوضاع، وأنه لا يرغب في تشتت مقاتلي القوى، قائلاً: “من الذي يسعى إلى الانشقاق الآن سوى المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية، ومن تقصد بالمقاتلين؟”. وأوضح أن “المقاتلين الذين يتحدث عنهم البرهان هم كتائب البراء الإرهابية التي تنتمي لحزب المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية، وهم جزء من هيئة العمليات التابعة لجهاز الأمن والمخابرات، لأن أي انشقاق في هذه القوات سيكون بمثابة نهاية للكتائب الإرهابية، إذ أنه لا يوجد جيش فعلي أصلاً”، حسب تعبيره. وأضاف مخاطبًا البرهان: “مهما حاولت التلاعب بالحقيقة وتضليل الرأي العام، فإن هذه محاولات لن تنجح، فعملية انشقاق الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني قادمة لا محالة، لأن الصراع تحول إلى صراع مصالح يتعلق بالمال والسلطة”. أدى اختيار أحمد هارون رئيسًا لحزب المؤتمر الوطني إلى نشوب خلافات وانقسامات داخل الحزب المحلول، حيث اعترضت مجموعة أخرى من التنظيم بقيادة إبراهيم محمود حامد على هذا الاختيار.
ويظهر الأخير مؤخرًا في مدينة بورتسودان تحت حماية الجيش. أكدت مجموعة إبراهيم محمود في بيان لها أن الاجتماع يتعارض مع النظام الأساسي، وأنها لن تعترف به أو بالنتائج التي تنتج عنه، مشددة على أن الاجتماع قد يؤدي إلى انقسام حزب. واتهمت المجموعة، في بيانها، من نظموا اجتماع الشورى بمحاولة تفكيك الحزب، مشيرة إلى أنهم “نفس المجموعة التي نفذت مؤامرة ضد الحزب في عام 2019، وأدخلت قياداته إلى السجون، ومنعت المؤتمر الوطني من الحصول على موارده المالية، واحتجزت تلك الموارد المتاحة منذ عام 2019. كما سعت لخلق الفتنة لتفتيت وحدة هياكل وعضوية الحزب، وأنشأت ودعمت مكونات الضِّرار لإضعاف هياكل الحزب في المركز والولايات”. يتولى علي كرتي وأسامة عبدالله قيادة المجموعة التي اختارت أحمد هارون رئيسًا للحزب، وهما متهمان بإشعال هذه الحرب وتحفيزها من خلال سيطرتهما على المكتب العسكري للحركة الإسلامية المتواجد بعمق داخل الأجهزة الأمنية والعسكرية للدولة.