الأخبار

تحقيق استقصائي عن دور كتيبة البراء بن مالك”في الحرب السودانية

تتكاثر القوى في الميدان السوداني، وتتشابك المصالح لترسيخ النفوذ في المشهد المعقد، ما يزيد معه المخاوف من صراع طويل الأمد.

في هذا الصدد، تظهر أسماء جديدة قديمة على الساحة السودانية، تقاتل وتساند وتدعم، في حين أن مكوّناتها وتفاصيلها تخضع لتأويلات وتفسيرات أجندات كل طرف.

ومن بين تلك الأسماء “كتيبة البراء بن مالك”، التي ظهرت في مقاطع فيديو عديدة بدت فيها تشارك في المعارك الجارية في السودان وارتبط اسمها بمزاعم حول عملية خيانة للجيش السوداني، مما عرّض أفرادها لمحاكمات عسكرية وأحكام بالإعدام الفوري.

وعليه، قرّرت وحدة التحقيقيات من المصادر المفتوحة في “العربي” الغوص في هذا الملف، حيث سلطت نتائج البحث الضوء على وجود خيط يربط “كتيبة البراء بن مالك”، بإدارة الاحتياط بالقوات الخاصة المنبثقة من الدفاع الشعبي.

فبحسب دراسة للمعهد العالي للدراسات الدولية في جنيف، تم تشكيل قوات “الدفاع الشعبي” باعتبارها كيانًا قانونيًا في نوفمبر/ كانون الأول عام 1989.

وضمت في صفوفها عددًا من المجموعات الإسلامية المسلحة كما بلغ عددها نحو 100 ألف مقاتل، قبل أن تُحل من قبل وزارة الدفاع بعد الثورة السودانية، ويتم تحويلها إلى قوات احتياط تابعة للوزارة في السابع من يناير/ كانون الثاني 2020.

أما انخراط “كتيبة البراء بن مالك” في القتال إلى جانب الجيش السوداني فليس جديدًا، فمن خلال تتبع أخبار هذه الكتيبة وصل فريق “العربي” إلى مقطع مصور نُشر في 15 أبريل/ نيسان الماضي أي مع انطلاق العمليات العسكرية في السودان.

ويظهر الفيديو الذي نُشر على صفحة “إدارة الاحتياط – القوات الخاصة السودانية” شعارها بشكل واضح، بالإضافة إلى عناصر تابعة لها يعبّرون عن سعادتهم باستلام التسليح لمواجهة قوات “الدعم السريع”.

لكن هذا الفيديو ليس الوحيد، ففي أواخر يونيو/ حزيران الماضي عادت الكتيبة إلى الواجهة من جديد، بعد انتشار مقاطع لعملياتها على الأرض.

وكذلك الحال، يوم 4 يوليو/ تموز الجاري مع انتشار فيديو يظهر احتشاد قواتها وقوات كتائب شعبية أخرى في معسكر “نسور الاحتياطي المركزي” لدعم الجيش السوداني.

هذا وانتشرت في الآونة الأخيرة، العديد من التعزيات والنعي لأفرادها الذين قتلوا جراء صراعهم ضد “الدعم السريع”.

وفي بحث أدق وبالاطلاع على متابعي الصفحة الرسمية للكتيبة، لفت فريق برنامج “بوليغراف” الذي قام بالتحقيق، وجود بعض الأسماء التي لفتت نظرهم، وهي: المصباح أبو زيد طلحة ابراهيم، وأنس عمر، وحذيفة اسطنبول.

وينشر المصباح بشكل مستمر ومكثف، منشورات مرتبطة مباشرة بأعمال الكتيبة، ووجد “العربي” أن المصباح هو أحد القادة الميدانيين فيها، وهي تابعة للقوات الخاصة تحت إدارة وتنسيق قوات “الدفاع الشعبي” التي تغيرت هيكليتها في ما بعد.

أما حذيفة اسطنبول، فيظهر من خلال تطبيق (True Caller) أنه المالك لرقم التواصل مع “كتيبة البراء”.

وبالنسبة لأنس عمر، فهو بحسب المعلومات رئيس حزب المؤتمر الوطني المنحل بولاية الخرطوم، وقد ألقت قوات “الدعم السريع” القبض عليه في 16 مايو/ أيار الماضي.

ويطرح هذا الأمر احتمال ارتباط الكتيبة بحزب “المؤتمر الوطني”، وهو ما دفع فريق “العربي” إلى البحث أكثر في هذا الصدد.

من خلال تحليل النقاش السوداني عبر منصات التواصل الاجتماعي حول الكتيبة، توصل “بوليغراف” إلى الصفحة الرئيسية لحزب “المؤتمر الوطني”، والتي بدورها قامت بنشر عدد من الفيديوهات الداعمة للكتيبة، وهو الأمر الذي يعزز فرضية إدارتها من داخل الحزب المنحل.

وعلى الطرف الآخر، كان ظهور اسم هذه الكتيبة مادة للفبركات والادعاءات المضللة، من قبل مؤيدي قوات “الدعم السريع”.

ومثال ذلك، بيان وصل إليه الفريق والذي نُسب لهيئة الاستخبارات العسكرية السودانية على أنه إعلان عن حدوث خيانة عظمى من قبل بعض عناصر “كتيبة البراء بن مالك”، وتصفية عدد كبير من ضباط وأفراد القوات المسلحة.

لكن في البحث عن الخبر، لم يجد “العربي” أي أثر أو توثيق رسمي.

كما تبين من خلال تحليل الوثيقة والمكون الرئيسي باستخدام برامج معالجة الصور وتحليلها، أن دقة ختم هيئة الاستخبارات العسكرية يختلف عن دقة عناصر البيان بينما يتشابه في بنيته مع بنية العناصر الأخرى المضافة كشعار الهيئة، ما يشير إلى أن الختم مضاف كصورة فوق الورقة، ولم يختم بشكل حيّ.

المصدر : العربي لندن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى