الأعمدة

ضرورة وجود مترجم بين الثوار وقحت والبرهان

من الطرائف حينما كنا نعمل بوزارة الرى، دخل ذات مره علي مهندس القسم عابدين محمد حسن خليل،احد الموظفين بمشروع الجزيره والذي يعمل بقسم اخر،وكان هذا الموظف يعاني من بحه في صوته مصحوبه بنخه انفيه،مما يتعذر او يصعب فهم مايقوله منذ اول وهله ،بخلاف اهل بيته اوقريته او العاملين معه او الذين يسكنون معه في الميز ،والذين يكونوا قد اعتادوا علي بحته ونخنخته ومخارج حروف كلامه،بخلاف هؤلاء يكون من الصعب ان لم يكن مستحيلا فهم حديثه من اول مره علي اي شخص لم يعتاد عليه.
دخل هذا الموظف علي السيد مهندس القسم وقال له بنخنخته طبعا، عاوز لي جالون زيت سلفه علي ان ارده لكم متي ماوصلنا الزيت من بركات،وكان هناك ازمه شديده في الزيت،وقد احتفظ مهندس القسم بجالون الزيت لتشغيل وابور المياه، وطبعا لم يفهم المهندس كلام الرجل،فقال له نعم يعني ماذا تريد،فكرر له الكلام مره تانيه وثالثه، ولم يفهم منه شئ،،ومنعا للحرج قام بتوجيهه بالذهاب لمهندس اخر وهو الاخ عبداللطيف عمر عبدالمعطي وخاطبه (ياعبداللطيف شوف صاحبك دا عاوز شنو واعطيه له) ولان عبداللطيف كان يقيم مع الرجل في ميز او بيت واحد ،فقد فهم كلامه من اول مره،وفعلا قام بالتصديق له بجالون الزيت الوحيد،والرجل اخذ جالون الزيت وذهب وغير مصدق،بعد ذهاب الرجل، نادي مهندس القسم عابدين محمد حسن وقال للمهندس عبداللطيف (ياخي صاحبك دا قال شنو وعاوز شنو،فقال له عبدالطيف ياريس الزول دا قال ليك عاوز جالون زيت وقبل مايتم كلامه قاطعه اوعي تكون اديتو ليه،قال ليه حسب تعليماتك اديتو ليه،قال له ياخي انا عارفو قال شنو؟)
العلاقه التي تبدو بين المكونات التي تصنع الاحداث الان،وهي بالضروره تشمل المكون العسكرى ويمثله في قصتنا اعلاه (مهندس القسم) والطرف الثاني وهو قحت الذي يعمل تحت امرة رئيس القسم ويمثلهم هنا في قصتنا المهندس عبداللطيف،اما الطرف الثالث وهم الثوار ويمثلهم هنا الرجل (النخناخ) يبدو ان العلاقه بينهم متوتره جدا وتحتاج لمترجم محترف يجيد لغة الاطارى لتقريب وجهات النظر بينهم لحل المشكله،وهذا لن يتأتي الا بتوافق الاطراف الثلاثه والاستماع لببعضهم البعض حتي يتسني لايا منهم معرفة مايدور بدواخل الاخر وفهم مخارج حروفه مهما صعبت فبمرور الايام ستسهل عملية الفهم.
ظل الثوار وهم الملاك الحقيقيين للثوره،وعلي مدي اربعه اعوام عجاف مضت من عمرهم،والتي لايمكن تعويضها باي حال،لانها اضاعت فتره مهمه،كان يمكنهم فيها وضع البنيه الاساسيه لمستقبلهم وتحقيق احلامهم وطموحاتهم،والتي ارتبطت بضرورة تطوير وطنهم واستحداث طريقة الحكم فيه واستثمار موارده.
ظل الثوار ومنذ سقوط البشير يرفعون شعارات الثوره والمعلومه بالضروره،حريه سلام وعداله واتبعوها بان لاشرعيه ولاشراكه ولاتفاوض حينما انعدمت الثقه بينهم وبين المكون العسكرى،وفي كل مره تظهر مطالبات ويرتفع سقفها عند الثوار كلما احسوا بالخطر الذي يتهدد ثورتهم ليرفعوا مطالبهم الي درجة لاتفاوض لاشراكه لاشرعيه ،ليعلنوا عن مواجهه سلميه ضد حكومة الانقلاب.
كانوا ومازالو وفي كل مره يرفعون شعاراتهم التي ترفض الانقلاب وضرورة انهائه وابطال كل القوانين التي ترتبت عليه فيما بعد،لذلك ظلوا يهتفون بان الجيش جيش السودان وليس جيش الكيزان وان الجيش جيش السودان،ا ورفضهم لحكومة نظام الدولتين،حكومه للجيش واخرى للمدنيه مع وجود مليشيا لكل شخص يرغب باي حجه،لذلك لم يستجاب لصوت الشباب التي اصبحت مبحوحه وتتبعها نخنخه،كانوا يرفعون كلامهم للبرهان والذي يتجاهلهم ليتم تحويل مطالبهم لقحت وحينما يوافقون بدون استشارة الاطراف الاخرى الحليفه لهم كان ياتيهم الرد وهل انتم وافقتم علي ذلك بحيث ياتي ردهم في اقرب خطاب للبرهان بان علي المدنيين عدم التحدث عن الجيش.
بعد اربعه اعوام من ترديد الثوار لشعار الجيش جيش السودان، ومهما بلغت درجه بحة صوت الشباب ونخنختهم،لايعقل من ان الطرف الاخر يسمع هذا الشعار بان الجيش جيش البرهان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى