تقارير

قمة الإيقاد في جيبوتي، هل تكون خطوة باتجاه وقف الحرب أم حلقة جديدة من المناورات السياسية ؟

 

تقرير : عمر عبدالعزيز

تتجه انظار السودانيين اليوم السبت إلى جيبوتي، حيث تعقد قمة استثنائية لرؤساء دول الإيغاد (الهيئة الحكومية للتنمية) لبحث وقف الحرب في السودان.
وسبق القمة عدد من التحركات الدبلوماسية، حيث اصدرت كل من روسيا والسعودية، أحد رعاة مفاوضات جدة، بيانا مشتركا عن الشأن السوداني، وبحث رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك سبل التوصل إلى تسوية سياسية في البلاد مع رئيس دولة جنوب السودان، كما التقى مدافعان سودانيان بارزان عن حقوق الإنسان بالأمين العام للأمم المتحدة، في لقاء لافت ونادر من نوعه.
وتشهد القمة حضورا أوروبيا وأمريكيا وأمميا واسعا، كما اعلنت الإيغاد عن اكتمال كافة الترتيبات لانطلاقها.

“لا ضمانات”

لكن على الرغم من ذلك يرى وزير الإعلام السوداني السابق فيصل محمد صالح أنه لا توجد ضمانات بأن تسفر القمة عن خطوات حاسمة نحو تحقيق السلام.
واضاف في مقابلة مع راديو دبنقا “لا يستطيع أحد أيا كان، سواء المسؤولون في الإيغاد أو الأطراف المتنازعة أو المراقبون أن يقدموا إجابة فيها نوع من الضمانات”.
وعشية انطلاق قمة الإيغاد في جيبوتي، اكدت كل من السعودية وروسيا على التزامهما بحماية المدنيين في السودان والعمل على عودة الحوار السياسي بين جميع الأطراف، وذلك في بيان مشترك في ختام زيارة للرئيس الروسي فلادمير بوتين إلى الرياض.
ويعتبر البيان الروسي السعودي تعهدا دوليا وإقليميا يضاف إلى التعهدات الدولية السابقة الهادفة إلى وقف الحرب وتحقيق السلام في السودان.

“التبضع بين المبادرات”

ويرى وزير الإعلام السابق فيصل محمد صالح أن هناك عددا من الاحتمالات تحيط بهذه القمة من بينها أن تكون (القمة) بالنسبة للحكومة السودانية نوعا من “التبضع بين المبادرات”، في إشارة إلى الانتقال من مبادرة إلى أخرى كلما حان أوان تنفيذ الالتزامات المترتبة على مبادرة ما.
واعتبر أن هذا الاحتمال وارد باعتبار أن الحكومة “قد حوصرت في مفاوضات جدة”، ومن ثم لجأت إلى الذهاب إلى مبادرة أخرى.
وكان طرفا الصراع، الجيش والدعم السريع، قد تبادلا القاء اللوم في فشل مفاوضات جدة، حيث اتهم كل طرف الآخر بعدم تنفيذ متطلبات ترتبت عليه بموجب المفاوضات.

“خوف من الطريق المسدود”

واعرب العديد من المواطنين السودانيين على مواقع التواصل الاجتماعي عن خشيتهم من أن تنتهي جهود قمة الإيغاد إلى ما انتهت إليه مفاوضات جدة مؤخرا من الوصول إلى طريق مسدود، انتظارا ربما لجولة مقبلة.
لكن صالح يرى أن “الإيغاد لديها خطة واضحة ومفصلة” فيما يتعلق بحل الصراع السوداني، معتبرا أنه “لن تكون هناك بداية من الصفر للمفاوضات”.
واعتبر أن الإيغاد تريد في هذه القمة “أن ياتي البرهان ويعلن التزامه بالخطة المعلنة ويتعامل معها”، مشيرا إلى أنها (أي الخطة) تتضمن “نشر قوات افريقية”.
وتعثرت جهود الإيغاد لوقف الحرب في السودان في يونيو الماضي عندما اعلنت الحكومة السودانية رفضها أن ترأس كينيا لجنة الإيغاد الرباعية الخاصة بالملف السوداني.
واعتبرت الخرطوم حينها أن رئيس دولة جنوب السودان سيلفا كير ميارديت هو الأنسب لرئاسة اللجنة.
وتعتبر دولة جنوب السودان واحدة من الدول القريبة من الشأن السوداني والمؤثرة فيه وفقا للعديد من المراقبين، كون البلدان (السودان وجنوب السودان) كانا بلدا واحدا.

لقاء حمدوك – سلفاكير

وامس الجمعة، قبل يوم واحد من قمة الإيغاد، التقى رئيس دولة جنوب السودان برئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك في دولة الإمارات العربية، حيث بحثا ضرورة التوصل إلى سبيل لتسوية الأزمة الحالية في السودان.
وكان حمدوك قد اختير في اكتوبر الماضي رئيسا لتنسيقية القوى الديمقراطية والمدنية (تقدم) المعنية بوقف الحرب وتضم عددا من الأحزاب والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني.
وبعد مضي ثمانية أشهر على اندلاع القتال بين قوات الجيش والدعم السريع منتصف أبريل الماضي، ينظر الكثير من السودانيين بعين الرجاء والتمني إلى كل جهد يمكن أن يسهم في وقف الحرب وعودتهم إلى حياتهم الطبيعية بعدما أصابهم من دمار وتشريد، ومن بينها مجهودات (تقدم).

“مناورات سياسية”

لكن لا تزال هناك الكثير من المخاوف من أن تكون المناورات السياسية هي سيدة الموقف فيما يتعلق بخطة منظمة الإيغاد لوقف الحرب في السودان.
لكن صالح يرى أن فرص المناورة في جيبوتي ستكون ضعيفة جدا أمام الوفد الحكومي السوداني، كون الإيغاد لديها خطة واضحة لإنهاء الحرب.
وقال لراديو دبنقا إن رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان “سيجد نفسه محاصرا في جيبوتي بهذه الخطة”.
وتابع قائلا “إما أن يعلن التزامه بها (بخطة الإيغاد) وهذه ستكون نقلة بالفعل، ومن ثم يبدا التنفيذ، لكن إذا جاء بنية التبضع بين المبادرات اعتقد أن الأمر سينكشف سريعا”.

لقاء في الأمم المتحدة

ودفع الخوف من هذه المناورات السياسية والخشية من استمرار الحرب بالعديد من المدافعين عن حقوق الإنسان إلى تكثيف جهودهم واتصالاتهم الدبلوماسية للمزيد من الضغط على الأطراف الدولية ولفت الانتباه إلى ما يجري في السودان، خاصة مع انشغال العالم بالحرب في غزة.
وفي خطوة نادرة ولافتة، استقبل الأمين العام للأمم المتحدة أول أمس الخميس بمقر المنظمة في نيويورك كلا من صالح محمود سكرتير العلاقات الخارجية للحزب الشيوعي السوداني، والعضو المؤسس بهيئة محامي دارفور، ومساعد محمد علي، المدير التنفيذي للمركز الافريقي للعدالة.
وطلب محمود وعلي من غوتيريش تدخل المنظمة الدولية لإنهاء الحرب وتوفير الحماية للسودانيين.
كما طالبا بتفعيل قرار حظر الطيران في دارفور ليشمل كل السودان ومحاسبة الدول التي تزود طرفي الحرب بالسلاح.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى