تقارير

وقف الحرب بين الجيش والدعم السريع واجب شرعي د. محمد المنير أحمد صفي الدين

ملخص: هذا المقال يطرح تحليلا ومقترحا لوقف الحرب بين الجيش والدعم السريع وفقا لقواعد الشريعة الإسلامية. الحرب بكل أنواعها بما فيها الجهاد الخالص في سبيل مفسدة يجب ألاّ يقدم عليها المسلمون إلا لدرء مفسدة أكبر. القرآن والسنة نصا على قواعد للقتال لكيلا تتمخض الحروب الشرعية عن مفاسد عظيمة تخرجها عن مسوغها الشرعي. الحرب بين الجيش والدعم السريع حرب غير شرعية لأنها اقتتال بين المسلمين وهي أشد حرمة بسبب ما انتجته من مفاسد شرعية عظيمة. يجب وقف هذه الحرب والإصلاح بين طرفي الحرب كما فرض الله تعالى. رئيس القضاء والذي هو أيضا رئيس المحكمة العليا يتوجب عليه السعي لإنفاذ أمر الله بوقف القتال، الأمر بسحب الجيوش المقاتلة خارج المدن، وضع الشرطة تحت إمرته ونشرها لبسط الأمن، التوجيه بالتحقيق في الجرائم المرتبكة من كل الأطراف والقضاء بالعدل.
معني الحرب في اللغة والشرع:
معاجم اللغة العربية ومعاجم الفاظ القران الكريم عّرفة “الحرب” بعبارات متقاربة: الحرب نقيض السلم، الحرب المنازلة والمقاتلة، الحرب القتال بين فئتين، الحرب قتال العدو بالسلاح، الحرب المقاتلة والمنازعة (انظر، على التوالي: لسان العرب، الراغب الأصفهاني، المعجم الوسيط، معجم لغة الفقهاء، ومعجم ألفاظ القرآن).
الحرب المباحة والحرب المحرمة:
بينما جاء ذكر الحرب في القرآن والسنة بأنها قد تكون بين البشر وقد تكون بين الخالق والمخلوق، فان الحرب بين البشر فى الشرع تنقسم الى نوعين من حيث الفئات المتقاتلة. فإذا وقعت الحرب بين طائفة من المسلمين وأخرى كافرة بغرض رد العدوان عن المسلمين (وتسمى جهاد الدفع) أو بغرض إزالة أو تحييد قوة تمنع نشر الدين والدعوة الى الله (وتسمى جهاد الطلب) تعتبر جهادا فى سبيل الله ولإعلاء كلمة الله وهى حروب مشروعة ومطلوبة شرعا. قال الله تعالى: (وَمَا لَكُمْ لَا تُقَٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَآءِ وَٱلْوِلْدَٰنِ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ ٱلْقَرْيَةِ ٱلظَّالِمِ أَهْلُهَا وَٱجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَٱجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا) ( النساء، ٥٧)،وقد أمر الله النبي أن يحض ويحرّض المسلمين على قتال من عادى الدين فقد جاء فى سورة الأنفال الآية ٦٥:( يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ حَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَى ٱلْقِتَال).
والوجه الآخر للحرب أن تقع بين طائفتين مسلمتين، وهذا هو الوجه الذي نود مناقشته في هذه الرسالة خاصة فيما يتعلق بالحرب بين الجيش والدعم السريع فى السوان. هذا الوجه من الحرب منهي عنه شرعا ولقد جاء التغليظ على منعه وحرمته فى السنة والقرآن. قال الرسول صلي الله عليه وسلم: (إذا الْتقى المسلمان بسيفَيهما، فقتل أحدُهما صاحبَه، فالقاتلُ والمقتولُ في النَّارِ، قالوا: يا رسولَ اللهِ هذا القاتلُ فما بالُ المقتولِ؟ قال: إنه كان حريصًا على قتلِ صاحبِه (حديث صحيح أورده السيوطي فى الجامع الصغير)، وقال (ص): (لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقابَ بَعْضٍ) (صحيح البخاري). وفى حديث صحيح آخر: (المسلمُ أخو المسلمِ، لا يخونُه، ولا يكذِّبُه، ولا يخذُلْه، كلُّ المسلمِ على المسلمِ حرامٌ، عِرضُه، ومالُه، ودمُه، التقوى ها هنا (وأشار إلى القلبِ) بحسْبِ امريءٍ من الشرِّ أن يحقِرَ أخاه المسلمَ) (صحيح الترمذي). وقال صلى الله عليه وسلم: (اول ما يقضى بين الناس يوم القيامة فى الدماء) (صحيح مسلم). وجاء في القرآن: (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطئا) (النساء ٩٢)، وقال تعالى: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (النساء ٩٣).
فلا مجال لقيادة وجنود الجيش والدعم السريع الذين يشهدون أن لا إله الا الله وأن محمدا رسول الله أن يقتتلوا ويسفكوا دماء بعضهم البعض ودماء مواطنين مسالمين ليسوا طرفا في هذه الحرب وما يصاحب هذه الحرب من مفاسد عظيمة أخرى تدخل كلها في دائرة الحرام المغلّظ.

كل الحروب مفسدة مقصودة لمنع مفاسد أكبر:
وصف بعض فقهاء المسلمين المعاصرين الحروب الشرعية بين المسلمين وعدوهم من الكافرين بأنها في أعلى مقاصد الشريعة الإسلامية تعتبر “مفسدة” لا ترتكب إلا لدفع مفسدة أعظم، وأنها ليست خيرا محضا ولا صلاحا سرمدا، وإنما هي شر أحسن حالاته أن يدفع شرا آخر أكبر منه (انظر: شرعة الحرب في الإسلام للأستاذ محمد البشير الإبراهيمي، نشر عام ١٩٥٥م). ولقد أشار القرآن الكريم لمفاسد الحروب ودخول الجيوش الغازية الى المدن على لسان بلقيس وصدقها فيما قالته: (قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ۖ وَكَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ) (النمل، ٣٤). وكذلك جاء في القرآن أن الله يدفع الناس بعضهم ببعض، ويشمل ذلك قتال أهل الحق من المؤمنين ضد أهل الباطل من الكفار، لدرء المفاسد الكبيرة. قال تعالي: (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) (الحج ٤٠). فالحرب الشرعية مقصودة لمنع المفاسد الكبرى مثل هدم وتعطيل دور العبادة لكل أهل الملل من يهود ونصارى ومسلمين. فاذا تسببت الحرب في هدم وتعطيل دور العبادة، فإنها قد خرجت عن مسوغها ومبررها المقبول شرعا. ونحن نعلم أن الرسول صلي الله عليه وسلم ومن تبعه من أهل مكة ظلوا مضطهدين يعذبون وينكّل بهم من قبل كفار قريش لمدة ثلاثة عشر عاما ولم يؤذن الله لهم بالقتال ورد العدوان، بل أمرهم بالصبر على الأذى بكل أنواعه. وكان الرسول صلي الله عليه وسلم يمر على بعض المسلمين وهم يعذبون حتى الموت ويقول صبرا فان موعدكم الجنة. ولم يأذن الله للرسول والمسلمين بالقتال لان الحرب في ذلك الوقت كانت ستفضي الي المفسدة الكبرى وهي سحق وقتل كل المسلمين وإفناء كلمة التوحيد والموحدين لله. وكذلك عندما اجتمعت أحزاب وقبائل الكفار وفاجأوا المسلمين بتحركهم لغزو المدينة وأصبح هلاك المسلمين في المدينة أمر مرجح في حال الحرب، كانت اولي خيارات النبي صلي عليه وسلم منع وقوع الحرب، مفاسدها بكل السبل بما فيها مصالحة الكفار مقابل دفع المال لهم. فالحرب مفسدة ويجب ألا يخوض المسلمون حربا إلا لدرء مفسدة أكبر من مفسدة الحرب.
ضوابط وقيود تحكم القتال الشرعي وتمنعه من التسبب في المفاسد الكبرى:
ولضمان أن الحروب الشرعية والجهاد في سبيل الله لا يتسبب في المفاسد الكبيرة التي ترتبط بالحروب، اتفق علماء المسلمين علي جملة من الضوابط والقيود الشرعية الواجب على جيوش المسلمين الغازية في سبيل الله أن تلتزم بها في قتالها الشرعي ضد الكفار (انظر: فلسفة وضوابط الحرب في الفقه الإسلامي مع الشعوب الأخرى، دكتور عبد الحق دحمان، مركز المجدد للبحوث والدراسات، نشر في ٥ أكتوبر ٢٠٢١). وهذه القيود والضوابط الشرعية مستخلصة من القرآن وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين. أهم هذه القيود والضوابط الشرعية المقيدة للحروب الشرعية:
1. عدم الغدر وألا يؤخذ العدو الذي لم يبادر بقتال المسلمين على غفلة. قال الله تعالى: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِين) (البقرة، ١٩٠). وحتى في حال توقع الغدر من عدو تربطه عهود واتفاقيات سلم مع المسلمين فلا يجوز للمسلمين شن حرب استباقية، بل يجب إخطار العدو بنقض العهود والاتفاقيات المبرمة قبل شن الحرب. قال تعالى: (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَىٰ سَوَاءٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ) (الانفال ٥٨).
2. حصر القتال على العدو الذي يحمل السلاح ويقاتل وعدم قتال من لم يرفع السلاح ويشارك في الحرب. قال الله تعالى: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِين) (البقرة، ١٩٠). وجاء في صحيح مسلم: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ إذَا أَمَّرَ أَمِيرًا علَى جَيْشٍ، أَوْ سَرِيَّةٍ، أَوْصَاهُ في خَاصَّتِهِ بتَقْوَى اللهِ، وَمَن معهُ مِنَ المُسْلِمِينَ خَيْرًا، ثُمَّ قالَ: اغْزُوا باسْمِ اللهِ في سَبيلِ اللهِ، قَاتِلُوا مَن كَفَرَ باللَّهِ، اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تَمْثُلُوا، وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا). وأوصى سيدنا أبوبكر الصديق يزيد بن أبى سفيان عندما أرسله على رأس جيش الى الشام: (وإني موصِيكَ بعشرٍ: لا تقتلنّ امرأةً، ولا صبيّا، ولا كبيرا هرِمًا، ولا تقطعنّ شجرا مثمِرا، ولا تُخربنّ عامرا، ولا تَعقرنّ شاةً ولا بعيرا إلا لمأْكلةٍ، ولا تَحرقنّ نخلا، ولا تُغرقنّهُ، ولا تُغلّلْ ولا تجبن).
3. أن يوجه القتال ضد الذين كفروا بالله، قول الرسول (ص) في الحديث أعلاه: (قَاتِلُوا مَن كَفَرَ باللَّهِ).
4. عدم قتال النساء والأطفال والمسنين والمنقطعين للعبادة، (لا تقتلوا وليدا)، (لا تقتلنّ امرأةً، ولا صبيّا، ولا كبيرا هرِمًا).
5. عدم التمثيل بجثث الموتى (ولا تمثلوا).
6. عدم الغلو والظلم (لا تغلوا)، (ولا تغلل).
7. عدم اتلاف الزرع المثمر والشجر (ولا تقطعنّ شجرا مثمِرا … ولا تَحرقنّ نخلا، ولا تُغرقنّه)
8. عدم قتل واتلاف الحيوانات والمواشي (ولا تَعقرنّ شاةً ولا بعيرا إلا لمأْكلة)
9. عدم تخريب أي مبان وعمران (ولا تُخربنّ عامرا). (انظر الأحاديث الوارد ذكرها في الفقرة رقم اثنين أعلاه).
كما أسلفت، فإن هذه الضوابط الشرعية قصد منها تقييد الحرب والجهاد الشرعي الذي يخوضه المسلمون ضد العدو الكافر إذ أن وقوع هذه المفاسد الكبرى يخرج الحرب المقدسة من مشروعيتها. فالجيوش المسلمة التي تقاتل من أجل إعلاء كلمة الله لا يحق لها أن ترتكب أي من المفاسد التسعة المذكورة أعلاه. لذا فإنه من باب أولي بالطوائف المسلمة التي تقاتل بعضها البعض في حروب هي أصلا محرمة شرعا ألاّ يرتكبوا أي من هذه المفاسد التسعة فيزيدوا أنفسهم اثما على اثم.

الحرب بين الجيش والدعم السريع شديدة الحرمة:
مما أسلفنا من الأدلة الشرعية أعلاه، فإن الحرب الدائرة في السودان بين الجيش والدعم السريع حرب باطلة مخالفة للشرع وشديدة الحرمة وذلك لأنها:
1. حرب بين طائفتين مسلمتين، يقتل فيه المسلم أخاه المسلم،
2. قتل في هذه الحرب المئات من النساء والأطفال والمسنين وغيرهم من غير المقاتلين،
3. انتهكت أعراض النساء والفتيات،
4. تشرد ونزح بسبب هذه الحرب حوالي ثلاثة مليون مواطن كان آمنا في داره ووطنه،
5. احتل المقاتلون عشرات الاف من بيوت المواطنين عنوة وغلوا واستبدادا،
6. هدمت ودمرت عشرات الألوف من المنازل والمصانع والأسواق والمستشفيات والمدارس والجامعات بسبب القصف بالمدافع والطائرات والحرائق المتعمدة وغير المتعمدة،
7. تم الاعتداء على المساجد والائمة والكنائس والرهبان،
8. الاختفاء القسري والاسر لأعداد لا حصر لها من الأبرياء غير المقاتلين،
9. فقدان الملايين من المواطنين الأبرياء لمصادر رزقهم وأقواتهم ومرتباتهم وتجارتهم،
10. انتشار الفوضى وانعدام الأمن وانتشار المرض والجوع والخوف،
11. تحطيم البنية التحتية ومرافق الخدمات الحيوية والتي مولها الشعب من ضرائبه لعشرات السنوات التي خلت،
12. تأجيج القبلية والعنصرية والعداوة والبغضاء بين أهل السودان وتخوين بعضهم البعض،
13. حرمان المرضى وأصحاب الحالات المرضية المزمنة من العلاج مما أدي لموت الكثيرين وتفاقم مرض الالاف،
14. فتح أبواب كل الفتن على السودان وأهله بما فيها الانهيار الكامل للاقتصاد ومؤسسات وأمن الدولة،
15. والانتشار المستمر لرقعة الحرب وتمددها زمانا ومكانا حتى أنها أصبحت تهدد أمن بعض دول الجوار.
ولهذه الحرب من المفاسد العظيمة العاجلة والآجلة ما يصعب حصره في هذه العجالة، والقليل من هذه المفاسد التي أشرت اليه يكفي دليلا لمن ينشد الحق آن ينبذ هذه الحرب وينكرها ويناي بنفسه عنها، هذا إن لم يستطع سبيلا للسعي لوقفها وإصلاح ذات بين المتقاتلين.
ما يجب فعله شرعا تجاه حرب الجيش والدعم السريع في السودان:
بناء على الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي أوردتها أعلاه، والمفاسد الكبرى الواضحة للعيان جراء هذه الحرب، فإنه يتوجب على المسلمين السعي لوقف القتال والإصلاح بالعدل بين الطائفتين المتقاتلتين، وهما الجيش والدعم السريع. قال تعالي: (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الحجرات ٩).
السبيل لوقف الحرب من داخل السودان ومؤسساته ومواطنيه:
ان تنفيذ الأمر الرباني الذي جاء في الآية التاسعة من سورة الحجرات (انظر الآية في الفقرة السابقة) بالسعي لوقف القتال والإصلاح بالعدل بين المسلمين المتقاتلين يقتضي وجود آلية فاعلة ومقبولة لدي أطراف النزاع. في ظل الوضع الحالي المعقد في السودان فإني أقترح بأن تتوجه مجموعة من المواطنين السودانيين غير المتحزبين وغير المنحازين لطرفي النزاع بدعوي للسيد رئيس القضاء ورئيس المحكمة العليا لإخضاع هذا النزاع لسلطة القضاء السوداني، وأن تكون اول الإجراءات القضائية أمر الطرفين بوقف القتال وسحب جنودهم الي قواعد عسكرية خارج التجمعات السكنية المدنية يتم تحديدها من قبل القضاء، يلي ذلك وضع الشرطة تحت سلطة رئيس القضاء ونشرها في المدن لوقف الاعتداءات القبلية والعرقية. ثم يتبع ذلك التحقيق وتعيين المسئوليات الجنائية في شأن الحرب وما تعلق بها من جرائم ومحاكمة من تثبت إدانتهم من كل الأطراف بتجرد وحياد. إن للقضاء السوداني ورواده الأوائل تاريخ ومواقف مشرفة ولعل هذه فرصة للسيد رئيس القضاء أن يعيد ذلك التاريخ المجيد ويوقف موقفا يحمده الله له يوم القيامة، فان وقوف المفاسد العظيمة التي تمخضت عنها هذه الحرب واجب وقربة عظيمة لمن تجرد لله ولم يخش في الحق إلا الله تعالي.
خيار اللجوء للقضاء السوداني الذي اطرحه هنا قد يجنب السودان مغبة ومخاطر الحلول الخارجية التي لم تنجح في سوريا واليمن والعراق وليبيا والصومال وميانمار وغيرها من الدول التي تواجه أزمات معقدة. وعلي أقل تقدير قد يكون خيار اللجوء للقضاء السوداني داعما بشكل أو آخر للجهود الخارجية الصادقة في مساعدة السودان في الخروج من هذا المأزق. وهذه دعوة لمن أراد أن يكون جزءا من هذا الجهد والله ولي التوفيق.
د. محمد المنير أحمد صفي الدين
msafieldin.gmail.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى