الأعمدة

فنون الصمت …

هل جرب احد فن الصمت هل جرب احد ان يتعرف علي ذاته لحظة المواقف التي لاتحتمل غير الصمت ….
عندما تكون من اولئك الذين يتقنون الكلام ويعرفون لكل وضع رد ويتمادون كثيرا في اللعب بالحروف لصالح مواقفهم وقد يملكون مهارة الاقناع واحيانا كثرة التمثيل
اولئك الذين يجدون مبررات لمأزقهم ويفرطون في صنع دلالات تخصهم وأن باتو ظالمين لايهمهم المهم أن يتكلمو دوما …
اعترف أني كنت من هولاء فمنذ صغري وانا اتكلم عن كل شئ وارتجل اوقاتا الحلول واهرب كثيرا من المواقف واعبر بتأني من من الظالم للمظلوم ..
لكني علي مر السنوات وترادف المواقف اكتشفت أن الصمت اقيم واجمل
وأن تتقن الانصات لمن حولك يجعلك تدرك كيف تدير الية حوارك دون خسائر دوما ..
فعزلت نفسي من النقاشات العقيمة ..وتركت مساحة دائما للاستماع وحبست لساني في معقله وجريت اميال واميال من الايذاء فطردت لغة التمرد التي كنت اغتنمها احيانا
وبعدت عن تفحص تفاصيل من حولي لااعلق عليها
جعلت ترتيب المواضيع في حياتي هو ان اجد ذاتي اولا وافضلها دوما واتفنن في ابراز مواهبها
وسلكت طريق الوحدة ..صادقت الكتب ..الالوان ..غيبت الفضول ..تجنبت الاحتكاك
جعلت نفسي في وعاء يغلي بهمومي فقط .
كيف احفر اسمي في قائمة المحبة لمن حولي .
ابني وطن داخل اطفال بلادي
احارب بقلمي وعقلي .
احترم من حولي مهما كانت قيمته فهو يكافح ليجد نفسه هو الاخر .
عرفت ان الشكل ليس مقياس وليس حقيقا
حاربت المظاهر وارضاء عيون الناس ..
تركت يدي تتلاعب في الحروف علي تنسيق الوعي وتوصيله ببساطة .وكنت اكافئها كل يوم بمزج الالوان وفرد الجمال باتقان ….
نسيت او تناسيت اسماء ناس كانو الأقرب لي لكنهم لم يدركو مني سوي المظهر ولم ادرك منهم سوي الخذلان ..
اخترت الصمت وفنونه لااظل ارمح في خيالي دون أن يشوشني قال وقيل
اخترت ذاتي لانها تستحق أن تعيش بكرامة وخصوصية لتبدع اكثر وتتجاوز اكثر
تعلمت من الصمت أن اضع نهاية كل سطر نقطة واقف بعدها وكانني لم اسمع شيئا
ومن خلاله هو فقط انا رائيت فشل البعض في احراق هويتي وغليانهم من صبري
عرفت بعد سنين طويلة أن الصمت سلاح الاقوياء
وان الكلام يهدم العظماء ..
حق مشروع هذا الصمت لكل تائه عن ذاته
علم يدرس للبشر عندما تعتصرهم اوجاع كلماتهم في غير موضعها
فن يخص كل من اسرف في استعمال الكلمات دفاعا او تعدي ..
فقط تعلمو فنونه …
ثم انطلقو لعالم يشبه وجودكم ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى