الأعمدة

إطعام الفتنة ..!

من يسرق السلطة تجده أكثر تمسكا بها على خلاف من يأتيها منتخبا .
لأن الاول يخشى الا يعود إليها بموجب التداول المستحق بالبرامج الناجعة ولانه ببساطة هو سارق ومرعوب من العقاب.
اما الثاني فإنه يرتضي خيار الأمة حينما يكون نظيف الكف وواثق من قانون مرة لك واخرى لغيرك .
وفقدان الحكم المسروق عند جماعة الانقاذ والمؤتمر الوطني ورافعتهم الحركة الإسلامية ووريثتهم اللجنة الأمنية الإنقلابية لا يقل وجعه المؤلم عن احساس المطلقة التي اختار زوجها واحدة غيرها ..فتظل النار مشتعلة في احشائها في حالة شعور الزوج بالراحة والسعادة مع الجديدة .
أما إحساسه بالتعاسة معها أو شكواه منها رغم عدم حنينه للأولى لتذكره الدائم لسوء عشرتها فإن ذلك يثير حالة من الشماتة في افعال القديمة ويزيد من نشاطها لتغذية الفتن التي أن لم تعد إليها مملكتها وهي تراها مسلوبة فعلى الأقل قد تتوهم شفاء غليلها بتخريب حياة هذا الزوج واقلاق راحته على قلتها .
صحيح أن أية اتهامات ضد كائن من كان ما لم يكن هنالك دليل ملموس تعتد به العدالة في توجيه الأتهام يظل مرفوضا قانونا وعرفا.
ولكن في ذات الوقت لا يمكن أن نقول إن تحركات الكيزان لعرقلة الانتقال بأية صورة يمكن ان يوجد لها آية مشروعية أخلاقية ..بل تصبح امرا متوقعا لتوفر الأسباب والدوافع التاريخية والتنظيمية الذاتية البعيدة عن السياق الوطني الخالص .
بالأمس طالعنا بيانا منسوبا للمؤتمر الوطني المحلول يستنكر فيما معناه اتهام من سماهم البيان بمنسوبيهم داخل القوات المسلحة بالسعي إلى إشعال الصراع مع قوات الدعم السريع .!
وهو اعتراف ضمني وصريح بأنهم يملكون أصابعا تتوفر لها عناصر المبررات لتغذية الأزمات وعرقلة العملية السياسية المتعثرة اصلا ..فالمثل يقول إن من على رأسه ريشه يتحسسها كلما جاءت سيرة الدجاج ..وقد زادوا في تلك الإفادة كيل بعير بأنهم يتمسكون بإجراءات 25اكتوبر التي يعتقدون أنها أعادت الأمور إلى نصابها !!!
فالفتنة كالنار متى ما وجدت من يطعمها بالحطب والهشيم اتسعت رقعة خرابها .
والخراب حينما يعم وينتشر الحريق في المنزل لا يستثني متاع من أوقده ويكتفي بمقتنيات اوحتى أجساد الآخرين دون جسده .
والسلطة عرض زائل مثلما الاعمار ..لكن صاحب العقل هو الذي ياخذ بالعبرة القائلة بأنها لو دامت لغيره لما وصلت إليه وتعدته لاخرين .
ومن يملأء قلبه الايمان ويسترشد بالحكمة لتذكر وادرك حقيقة ان لو كان في الحياة البشرية ديمومة فكان الأحق بها الانبياء والرسل الذين كلفهم الله سبحانه تعالى بإصلاح البشرية في كل الازمنة..وليس الحكام الذين يفرضون أنفسهم على الناس أو حتى من يكلفون شرعا بتلك المهمة المحدودة الزمن .
والله من وراء القصد .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى