الأعمدة

د.محمد الجاك سليمان يكتب: الحرف و المورثات الشعبية السودانية ومساهمتها في الإقتصاد.

أخبار مختلفة اشاهدها هذه الأيام عبر القنوات الفضائية المتعددة وقد شد انتباهي خبر طريف وقفت عنده كثيرا مفاده ان طبق المنسف الشعبي في الأردن و قد فهمت من كلام المذيع ان مكوناته الرئيسة هي طبخ اللحم باللبن و ان الأردن قد تقدم به الى منظمة الامم المتحدة للتربية و الثقافة و العلوم (اليونسكو) لتسجيله من ضمن حقوق المملكة الاردنية الهاشمية في قائمة التراث الغير مادي حيث تم تسجيله بالفعل في اليونسكو كتراث غير مادي يحفظ للاردن حقه في هذا الطبق التراثي.
و قبل مدة ذكرت الاخبار ان هناك خلاف بين بعض دول المغرب العربي تحديدا بين دولتي المغرب و الجزائر حول أحقية اي منهما على العديد من الممارسات و العادات التراثية منها أطعمة و البسه توجد من ضمن تراث المغرب العربي الكبير.
تذكرت ذلك وبلادنا تنعم بالثراء والتفرد بالعديد من انواع الاطعمة و المشروبات في رمضان تحديدا و غيره من شهور السنة و المناسبات المختلفة بالسودان نذكر على سبيل المثال من المأكولات العصيدة ، القراصنة ، الكسرة ، ملاح ام رقيقة َ ، ملاح التقلية ، الروب ، النعيمية ، مشروب الآبرية الحلو مر و الابيض (الهلع الضيف) ، القضيم ، القنقليز ، الدوم ، النشا ، المديدة و سلطة الروب … الخ .
كما تذكرت التنوع الكبير و تعدد المصنوعات التراثية منها الجلدية و صناعات السعف و الصوف و المنسوجات و المعاول اضافة المصنوعات و المنحوتات الخشبية و الخزفية و غيرها من الحرف و المهن التي تتميز بها بعض الاقاليم على الاخري حسب وفرة وتنوع المواد الخام في كل إقليم على حدة.
هذا بالاضافة الى الأشكال و الأصناف المختلفة من الأحذية و الألبسة مثل المركوب بمختلف أنواعه و العراقي و العلي الله و الطاقية و الشال َو غيرها و البسة الدراويش و البنات و النساء المزيونة و المزركشة بالتطريز َ الودع و الزراير بمختلف انواعها.
ما تم ذكره هو على سبيل المثال و هناك من هو أجدر مني في توصيف و تصنيف تلك الحرف و المهن.
في ظل انصراف الحكام في السودان عن دعم التصنيع الحديث اقترح ان يتبنى العاملون في وزارة الصناعة و مركز البحوث و الاستشارات الصناعية مع مؤسسات اخري مثل وزارة الثقافة و الإعلام و الهيئة القومية للآثار و المتاحف و متحف الاثربولوجيا و المختصين في التاريخ و الجغرافيا و علم الاجتماع و الفنانين و الرسامين و غيرهم و الكثير من المختصين لا يتسع المجال لذكرهم، مشروع للتعاون في مجال حصر و تصنيف و تبويب و توصيف و ان دعى المجال إلى ذكر مقادير و تصاميم و رسومات لتك المنتجات الحرفية في موسوعة او مدونة تتفق الاطراف المهتمة بهذا التراث على كيفية جمعها و تسجيلها بحيث تضم و توثق مختلف ضروب التراث و ذلك خوفا من الضياع و الإندثار أولا
ولإثبات أحقية السودان فيها ثانيا و ان يتم تسجيل ذلك التراث السوداني في اليونسكو كتراث شعبي يخص الشعب السوداني حصريا
و من ثم تقوم ادارة الصناعات الصغيرة و الحرفية بوزارة الصناعة الاتحادية و الوزارات الولائية بالتعاون مع اتحاد الحرفيين بالترويج الاقتصادي لتلك الحرف و المصنوعات اولا لسد حوجة المواطن السوداني كبديل للإستيراد، و اقامة المعارض بالتعاون مع قطاع السياحة في السودان لعرضه للبيع على زوار السودان من الاجانب.
لا يمكن لهذا الامر ان يتم بالصورة المثالية و المرجوة و يؤتى أكله إلا اذا تم الالتفات إلى قطاع المنتجبن الحرفيين بمختلف حرفهم َو مهنهم وذلك بالتدريب وصقل المواهب و التوعية بأهمية أساليب الإنتاج الجيد و النظيف لهذه المصنوعات ودعمهم ايضا ماديا بتوفير مستلزمات الإنتاج و التمويل و المساعدة في تسويق منتجاتهم، و الوصول اليهم في مختلف بقاع السودان و تنظيمهم.
اتمنى ان ننجز هذا العمل (المشروع) قبل أن نصبح في يوم من الايام و نجد ان جزءا كبيرا من تراثنا المادي و غير المادي قد سجل كتراث لإحدى دول الجوار و ندخل في نزاعات لا طائل من خلفها قد نفقد حقنا في انتاجها.
والله ولي التوفيق ،،

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى