الأعمدة

امين حسن عمر يرد على المحبوب عبدالسلام


كتب / د. أمين حسن عمر
عبر التاريخ والأيام في كلام المحبوب عبد السلام 1 من 2

أفتتح مقالي هذا بتوضيح عنوانه فما عنوانه الا مشاغبة لطيفة للصديق المحبوب الذي قد يظن ان مجرد العنوان ربما يجعلك رجعيا وعنوان آخر وبضعة اقتبسات من هنا وهناك قد تجعلك تقدميا..
وقد كنت دهرا اتحاشي ان أرد على مقالات الصديق المحبوب النيو – ليبرالية وذلك رغم التحريض والتحريش من أصدقاء كثر فبيني وبين المحبوب ذكريات حلوة وأواصر ود مديدة. ولا تصدق من يخبرك إن إختلاف الرأي لا يفسد للود قضية فهو كثيرا ما يفعل. ولكن الصديق المحبوب لم يجعل لي هذه المرة فرصة للصمت فقد قيل في الأثر( أنصر أخاك ظالما أو مظلوما فقيل المظلوم معلوم فكيف تنصر آخاك ظالما قال: برده عن ظلمه) فها أنا بما أكتب اتجشم أن أنصر أخي المحبوب برده عن ظلمه عسى ذلك أن يكون متاحا وممكنا. فقد إختار المحبوب في زمان الفتنة المعسكر الخاطيء وأطلق سهامه على الجمع الذين كانوا هم رعيله والى إتجاه الرهط الذين كانوا هم رهطه. وقد قيل للإمام الشافعي كؤف نعرف أهل الحق في زمان الفتن فقال أتبع سهام العدو فهي توصلك اليهم فأن كان عدو الامس عند المحبوب لا يزال هو العدو فلينظر من عدو الاسلام اليوم ومن عدو من ينصر الاسلام والى أي إتجاه تنطلق سهامه. ولينظر إلى من يتنصل من الاسلام اليوم ومن يمحوه من كتب المناهج ويتهم أهله بالإرهاب على الهوية من يحارب القرآن وشعائره ويرفع الخمار عن المجحبات ويمجد التبرج والسفور ويجعل النسوية والمثلية علامة على التقدمية ويكره صوت الآذان بينما تخرخ مكبرات الصوت المجنونة لا يزال الليل طفلا أو ربما بكرا لم تفض.
كنت شاهدا على نفس قوى مثل هذه القوة وحماسة مثل هذه الحماسة من المحبوب في الدفاع عن الاسلام و عن من يدفع عن الإسلام ومن يستشهد من أجله ولكن حماسة المحبوب اليوم انتقلت من معسكر كان شيخه الترابي المجدد الى معسكر شيخه فريدمان الليبرالي المحدث وبعض شيوخ المال هنا وهناك.
يحدثنا المحبوب عن حكمة التاريخ وعن أبن خلدون ومقدمته وأحدثه بدوري عن حكمة قد تكون فاتت على لبه الذكي وهي ألا يحاول أن يكون مرشدا للقوم وحكيما لهم وقد فارق مضاربهم وأقترب من فسطاط العدو فأن قاعدة الولاء والبراء قاعدة راسخة في وجدان المسلمين.
فلا يمكن ان تكون فرنسا ماكرون التي تطارد المسلمين على الهوية هي النور في وجدانك وعالم المسلمين هو الموت والظلام المخيم الكئيب ثم تظن من بعد أن قد يسمع لك أحد من المسلمين وانت تزعم أنك تدعو لتجديد يراه سواد المسلمين أنسلاخا وبراءة من كل قيمهم وأحكام دينهم.
ويحدثنا محبوب عن جمود المسلمين وأحدثه بغير ما يقول عنهم فقد صحا العالم الاسلام بشهادة الغربيين الذين يستشهد المحبوب بمعتاد كلامهم وكأنه الحكمة المتنزلة على أولي الألباب ولا يستشهد بالقرآن ولو بتفسير معتاد آو توحيدي. أقول للمحبوب لقد صحا عالم الاسلام حياة وفكرا وأصبح الغرب يحسب له ألف حساب. وصار الاسلام أكثر الأديان واسرعها انتشارا في ديار الغرب ولو كانت أفكار الاسلام كما يعيشها المسلمون ويقدمونها ميتة كما يزعم المحبوب لما أحيت قلوب مئات الالآف والملايين في أوربا وأمريكا بعقيدة الدين الحق وقيمه وأنموذج حياته. وإذا كانت دعوة المحبوب غبرة على الدبن كما أتمنى من ثقافة التقليد فليعلم أن التجديد لا يتنزل ضربة لازب ولا يتحقق جملة واحدة ولكن بأحياء فكرة صائبة وأزاحة فكرة ناضبة فتحرير العقول مثل تحرير الأرض يحتاج الأول لإجتهاد كما يحتاج الثاني الى جهاد. وما آحرزه عالم الاسلام من تقدم في عالم الأفكار نصر كبير وتقدم ظاهر ولكن بعض الناس يتعجلون.
واما استشهاد المحبوب بمالك بني الذين يقرأ له الاسلاميون ولا يفهمونه فيؤسفني أن أخبره أنه هو. من لم يفهم مالك بن نبي فيما إستشهد به فمالك بن نبي لم يقل أن عالم الافكار في العالم الاسلامي ميت فكيف يقول ذلك من كتب كتاب الظاهرة القرآنية ومالك ترك فرنيا وغاد للمشرق ليقود جهاد بلاده للتحرر من فرنسا ذات الأفكار الحية غير الميتة. مالك لم يقل ما ظنه المحبوب قاله بل قال بذات الدعوة التي تقول بها الحركات الاسلامية ان يترك المسلمون تأويلات العصور التي ناسبت زمانهم ويذهبوا للقرآن لينشئوا تأويلا مناسبا لزمانهم و مكانهم. وما عمل الحركات الاسلامية وما جهاد ما بات المحبوب يسميه الآن الإسلام السياسي الا المسعى للتمهيد لعودة مستبصرة للقرآن وفهمه بما يناسب الزمان والمكان وإعلاء حكمه على حكم المستكبرين الأجانب سواء كانوا ليبراليين محدثين أو إشتراكيبن غير محدثين.
ان ملامة المحبوب للإسلاميين وأتهامهم بأنهم يزمعون إعادة عقارب الساعة ليعودوا حكاما على السودان ما هي إلا تهمة بات يرددها معسكر أزلام قحت الذين صاروا هم الآن رهط المحبوب وأحبته وأهل المسرة بما يخط قلمه من مداد أسود يماليء به قحت ويناويء به تيار الأسلام العريض . وأقول للمحبوب أن الذي قد لا تعلمه ولا تعرفه ان الاسلاميين ومنذ أكثر عقد من الزمان منخرطين في مراجعات واسعة زاد نسغها وأتسع مدها بعد التغيير الذي يمجده المحبوب تحت عنوان ثورة ديسمبر المجيدة دون ان يعين أبصارنا على الإبصار بمشاهد مجدها سوى ترديده بعض المباديء التي نقلت نقلا كما هي من دستور 2005
نقلها من لا يؤمن بها من أحلاس قحت. ولئن كان حظها من التطبيق فيما سبق منقوصا فقد صار بعد حكم زملاء ثورة المحبوب معدوما ولكن ذلك قول سنعود له في جزء آخر من هذا المقال.

نواصل
د. أمين حسن عمر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى