رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير.. أسامة صالح

الأعمدة

ويسألونك عن مجازر رواندا؟! 🖊 علي أحمد

عجيب أمر هؤلاء السودانيين الذين يقولون: “نحن ذاهبون إلى مصير رواندا”، في إشارة إلى المذابح والفظائع، والحقيقة أن ما يحدث في بلادنا لم يحدث بعضه حتى في رواندا!
مقاطع الفيديو لعمليات “ذبح البشر” تنتشر في وسائل التواصل الاجتماعي، ومن يذبحون السودانيين يصورون أنفسهم، ويوثقون جريمتهم، ظانّين أنهم ناجون بفعلتهم هذه، لكن هذا ليس بيت القصيد، وإنما السؤال: من الذي يقف خلفهم؟ من الذي يصدر لهم الأوامر؟ هل هم قادة الدواعش والكيزان، أم هو البرهان، أم جميعهم معًا كما هم علينا أعوان؟
مقطع الفيديو الذي أنا بصدده يُظهر شابًّا سودانيًّا في ملابس رياضية، يبدو أنه مدني أو على الأقل لم يتم أسره في معركة، يحيط به عدد من جنود الجيش السوداني، وهو ملقًى على شارع مسفلت. “رجاءً، لا تشاهدوا هذا المقطع”؛ حتى لا يسقط أحدكم مغشيًّا عليه أو يُصاب بنوبة قلبية تودي بحياته.
الشاب بالملابس الرياضية جريح، وفوق ذلك يبدو عليه الإنهاك الشديد، ربما جراء عمليات تعذيب تفوق التصورات تعرض لها. كان أعزل، بلا سلاح وقتها، كان يتلوّى كأفعى على الأسفلت الحامي، يتوسل إلى هؤلاء الجنود الذين كانوا يتفاوضون بصوت عالٍ حول الطريقة المُثلى لقتله، بينما يهتف أحدهم – يبدو أنه قائدهم –: “اذبحوه”.
استلَّ أحدهم سكينًا حادة طويلة (سونكي) ولوّح بها في الهواء، ثم وجّه بها ضربات متتالية إلى رأس الضحية، شقّه شقًّا، فيما كان قائدهم لا يزال يصرخ: “اذبحوه”. سحله أحدهم على الأسفلت وسحبه إلى حافته، وهناك تم جزُّ نصف عنقه، فيما كان يرفرف بحالته الراهنة مثل خروف لم يُحسِن جزّاره ذبحه، يحاول النهوض برأسه نصف المقطوعة.
قائد القتلة يصرخ: “اذبحوه”. الشاب يرفس ويفرفر برأس نصف مذبوحة، وفي هذه اللحظة بالذات تنطلق رشقات رصاص من ست بنادق آلية في وقت واحد، فتمزق الشاب (نصف الميت/ نصف الحي) وتحول جسده إلى غربال.
القتلة يصورون جريمتهم، ويوثقونها بأنفسهم، ولا يشفي ذلك غليلهم، فيصبّون عليه البنزين، ويشعلون أعواد الثقاب، ويحرقونه وهو ما يزال حيًّا، وبينما كان الشاب يحترق، انصرف جنود جيش البرهان ومليشيات كيزانه، وانسحبوا بهدوء وكأنهم لم يفعلوا شيئًا.
هل رأى أحدكم مثل هذا في رواندا أو الصومال أو ليبيا أو أي بقعة في العالم من قبل؟! بل هل رأيتم مثيلًا لهذه الفظاعة والشناعة في أي فيلم رعب انتجه خيال شرير في السينما؟
يُحكى، أيها السادة، أن جنود جيش البرهان فعلوا ذلك عدة مرات خلال ما سموها حرب (الكرامة) هذه. لقد حدث أن وثّقوا عمليات ذبح وإخراج أحشاء وأكل لحوم بشرية من قبل، لكن يظل السؤال الأهم بلا إجابة حتى اللحظة، وهو: كم عدد الجرائم المماثلة التي لم تخرج إلى العلن، أو التي لم يتم تصويرها وبثها؟! ربما المئات أو الآلاف… أجزم أن عمليات ذبح البشر وإحراقهم ليست حالات استثنائية معزولة، وإنما تتم بطريقة منظمة وراتبة ومُجازة من قبل القيادة العليا للجيش وكتائب ومليشيات الكيزان، وإلا لتمكّنت من الحيلولة دون وقوعها.
يبدو أيضًا أن هذا المصير السوداوي ينتظر آلاف الشباب. لقد رأينا العديد من مقاطع الفيديو البشعة التي يوثّق فيها أفراد من الجيش والمليشيات الكيزانية المتحالفة معه عمليات ذبح البشر، وبقر بطونهم، وإخراج أحشائهم، وأكل لحومهم، وقطع رؤوسهم، وحرقهم أحياء، لكن مقطع الفيديو الأخير كان مزيجًا من كل تلك الجرائم.
تظن قيادة الجيش ومليشيات الإخوان المسلمين أنها ستنجو بجرائمها هذه، وكأنها لا تقرأ التاريخ جيدًا، وكأنها لا تعلم أن النتيجة الحتمية لمثل هذه الجرائم الشنيعة ستكون حملات انتقامية أكثر بشاعة وشناعة ودموية.
لقد حوّلوا السودان إلى ساحة للثأر والانتقام، إلى شعب يقتل بعضه بعضًا، ويذبح بعضه بعضًا دون هوادة أو شفقة أو رحمة.
اسمعوها مني، يا من لا تزالون حتى الآن تتخوفون وتتساءلون فتقارنون ما يحدث الآن في السودان بما ما حدث سابقاً برواندا .. ستكون مجازر رواندا مجرد فقرة عابرة في رواية المذابح البشرية الانتقامية القادمة.
إنهم دواعش افريقيا.. النسخة الأكثر قذارة وتوحشاً بين كل دواعش التاريخ الاسلامي

زر الذهاب إلى الأعلى