مجهولون ينظمون حمل تستهدف العلاقات الثنائية وسفير المملكة.. السودان والسعودية.. محاولات دقّ الأسفين
جهود مقدرة من السفير السعودي في دعم وإسناد الشعب السوداني خلال الحرب..
قدمت السعودية مساعدات إنسانية فاقت جملة ما قدمته المنظمات الدولية..
الرياض سبقت الجميع لإيقاف نزيف الخرطوم، وطرحت منبر جدة..
السفير علي بن حسن جعفر: جهود السعودية للتهدئة في السودان لم تتوقف..
اعتراف سوداني بدعم وإسناد المملكة، والتزام سعودي بتقديم المزيد من المشروعات الداعمة..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو
ضجّت بعض منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإسفيرية بحملة تقف وراءها جهات مجهولة تستهدف المملكة العربية السعودية وتشكك في مواقف سفيرها بالسودان علي بن حسن جعفر، وتحاول دقَّ أسفين بين علاقة الخرطوم والرياض، بإثارة الفتنة من خلال بثِّ خطاب كراهية تجاه المملكة وقياداتها على خلفية مواقف متعلقة باندلاع حرب الخامس عشر من أبريل ٢٠٢٣م والتي أشعلت فتيلها ميليشيا الدعم السريع المتمردة، وكانت المملكة العربية السعودية أول من التقط القُفّاز وسعت جاهدة لإيقاف هذه الحرب عبر مبادرتها المشتركة مع الولايات المتحدة الأمريكية بفتح منبر جدة التفاوضي الذي انطلق في السادس من مايو ٢٠٢٣م أي بعد نحو ثلاثة أسابيع من انطلاق شرارة الحرب.
ويبذل سفير المملكة السعودية بالسودان علي بن حسن جعفر جهوداً حثيثة لتعزيز العلاقات الثنائية والوقوف على احتياجات الشعب السوداني، في الوقت الذي يحرك فيه مجهولون حملات تشكك في أداء الرجل الذي يشهد القاصي والداني بتفانيه في إنجاز مشروعات ومبادرات لدعم الشعب السوداني.
موقف السعودية من الحرب:
وكانت المملكة العربية السعودية من أوائل الدول التي أبدت قلقها جراء اندلاع الحرب في السودان، حيث أصدرت وزارة الخارجية السعودية بياناً في الخامس عشر من أبريل غداة تفجُّر الأزمة في السودان، دعت فيه المكون العسكري وجميع القيادات السياسية في السودان، إلى تغليب لغة الحوار وضبط النفس والحكمة، يأتي ذلك في وقت وجه فيه العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد رئيس مجلس الوزراء محمد بن سلمان، مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، بتقديم مساعدات إنسانية متنوعة بقيمة 100 مليون دولار، كما وجّه الملك وولي العهد بتنظيم حملة شعبية عبر منصة “ساهم” لتخفيف آثار الأوضاع التي يمر بها الشعب السوداني، وكان سفير المملكة العربية السعودية لدى السودان، علي بن حسن جعفر، شدد على ضرورة تهيأت الأجواء في السودان لحوار شامل يجمع كل السودانيين، مبيناً أن المملكة ومنذ اندلاع الحرب في السودان عملت على إيجاد حل لوقف إطلاق النار وقد بدأت بذلك من خلال منبر جدة، مؤكداً أن جهود التهدئة في السودان لم تتوقف، وأن الآلية الثلاثية مستمرة بالعمل على وقف التصعيد بين الجيش والدعم السريع.
مخرجات منبر جدة:
وانتهى المنبر السعودي الأمريكي في الحادي عشر من مايو ٢٠٢٣م على توقيع “إعلان جدة، والذي نصَّ على التزام الموقعين بالعديد من المبادئ الإنسانية الحاكمة، كحماية المدنيين ومراعاة متطلبات الوضع الإنساني، والسماح بمرور آمن للمدنيين لمغادرة مناطق الأعمال العدائية الفعلية على أساس طوعي، والامتناع عن أي هجوم يتوقع أن يتسبب في أضرار مدنية مفرطة، وإخلاء المرافق المدنية بما فيها مساكن المواطنين وعدم استخدام المدنيين كدروع بشرية، واحترام وحماية كل المرافق الخاصة والعامة كالمرافق الطبية والمستشفيات ومنشآت المياه والكهرباء، والامتناع عن استخدامها للأغراض العسكرية، والامتناع عن تجنيد الأطفال والامتناع عن الانخراط في عمليات الإخفاء القسري والاحتجاز التعسفي للمدنيين، وغيرها من الالتزامات الإنسانية التي ضربت بها ميليشيا الدعم السريع عرض الحائط، حيث تفاقمت وتزايدت خروقاتها بالاستمرار في احتلال الأعيان المدنية وبيوت المواطنين، وتهجيرهم قسرياً في محاولة مكشوفة لإحداث تغيير ديمغرافي تحت فرية إنهاء دولة ١٩٥٦.
دعم إنساني كبير:
ولم تكتفِ المملكة العربية السعودية بدورها السياسي الذي لعبته عبر منبر جدة كأول مبادرة على المستوى الإقليمي والدولي تنطلق بُعيد أيام من اندلاع الحرب، وإنما مضت الرياض أبعد من منبر جدة، وبذلت مواقف إنسانية تعكس عمق العلاقة الدافئة ما بين الشعب السعودي بشقيقه السوداني، فقدمت الرياض كافة أشكال الدعم الإغاثي والإنساني بتوفير الغذاء والدواء والمعينات والاحتياجات الضرورية للمتأثرين بالعمليات القتالية، بل وصل دعم السعودية حتى للعالقين في المناطق التي تدور فيها رحى المعارك العسكرية.
تفوق على المنظمات الدولية:
ومنذ اندلاع الحرب في الخامس عشر من أبريل ٢٠٢٣م قدمت المملكة العربية السعودية دعماً سخياً للسودان يعتبر هو الأكبر من حيث النوع والحجم، على المستوى الدولي والإقليمي، متفوقاً على دعم منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، وفيما يلي تورد الكرامة بعضاً من هذا الدعم السعودي للسودان خلال العام الأول من الحرب:
* منحة قمح بمقدار ٥٢ ألف طن.
* ٥٠٠ ألف سلة غذائية.
* مساعدات طبية متنوعة بلغت نسبتها ٦٠٪ من المساعدات الدولية.
* حفر ٥٠٠ بئر مياه بالطاقة الشمسية.
* ١٢٥ طن من التمور.
* إنشاء محطة مياه بمنطقة الشاحنات بولاية البحر الأحمر تسد حاجة ٨٠٪ من سكان مدينة بورتسودان.
* إنشاء محطتي أوكسجين.
* إرسال ١٤ سفينة محملة بالمواد الإغاثية والإيوائية والأمصال ضد الأوبئة وداء الكلب.
* تأسيس لجنة مشتركة بين وزارة الصحة السودانية ومركز الملك سلمان للتنسيق والتعاون.
* قبول أعداد من الطلبة السودانيين للدراسة في المملكة العربية السعودية، واستضافة بعض الجامعات السودانية لاستكمال دراسة طلابها، مثل جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا.
* تنفيذ جمعية البصر السعودية عدداً من جراحة العيون، وتنفيذ مخيمات علاجية مجانية للمتأثرين بالحرب، وتخريج عدد من الأطباء المتخصصين من كلية البصر التي توقفت بسبب الحرب.
* تنفيذ تعاون مشترك سعودي – كويتي في مجال تزويد السودان بأدوية السرطان.
* تعاون بين مركز الملك سلمان ومنظمة الصحة العالمية لتوفير الأدوية المنقذة للحياة للشعب السوداني.
* فتح مؤسسات المملكة الرياضية للمنتخبات والأندية السودانية المشاركة في منافسات قارية ودولية.
* استضافة المعتمرين العالقين من الحرب وتسوية أوضاعهم.
* تنفيذ عدة عمليات جراحية متخصصة لمرضى سودانيين.
وهذا غيض من فيض ما ظلت تقدمه المملكة العربية السعودية خلال فترة الحرب، وقد أعلنت الرياض استمرارها في تقديم وتنفيذ هذه المشروعات الخاصة بالإيواء والإغاثة وإصحاح البيئة.
اعتراف سوداني:
وثمنت وزارة الصحة السودانية عالياً جهود ومبادرات المملكة العربية السعودية تجاه السودان في ظل الأزمة الراهنة، وامتدح وزير الصحة هيثم محمد إبراهيم المساعدات الإغاثية والإنسانية التي ظلت تقدمها المملكة عبر ذراعها الإنساني مركز الملك سلمان للإغاثة، لمساندة الفئات المحتاجة واللاجئين في عموم السودان خلال الأزمة الإنسانية الراهنة، وكشف الوزير السوداني عن وصول جسر بحري من المملكة للسودان لدعم الوضع الصحي في السودان، ودشن الوزير مركز الملك وصندوق رعاية المرضي لثلاثة مشاريع طبية، مبينا أن مشاريع مركز الملك سلمان في السودان مشاريع ذات نوعية خاصة وأن المشروعات التي تم تدشينها مشاريع ذات بُعد تنموي، مؤكداً أن 25 % من مراكز غسيل الكلى خرجت من الخدمة، وأن الدعم السعودي الذي تم توفيره يمثل إنقاذاً لمشروعات غسيل الكلى في السودان، وأبان الوزير هيثم أن محطة الأوكسجين التي تم تخصيصها لمستشفى الأبيض يمكن أن تخدم ولايات الغرب، وهو مشروع ذو بُعد تنموي، مشيراً إلى أن وزارة الصحة اطلقت من قبل نداءً لإنقاذ الأطفال بعد أن أجرت مسحاً كانت نتيجته أنه لا توجد رعاية مكثفة للأطفال في السودان بعد أن فُقدت في مدني والخرطوم.
خاتمة مهمة:
على كلٍّ تبدو الأيادي السعودية سابغة على السودان خلال فترة الحرب، وقطعاً هي مواقف إنسانية وسياسية أملاها ضمير الواجب ودفعت بها ضروريات العلاقات الأزلية والوشائج التي ظلت تربط ما بين الشعبين الشقيقين، لقناعة راسخة لدى قيادة المملكة العربية السعودية أن أمن واستقرار السودان من أمن واستقرار السعودية والمنطقة العربية، وأن ما يصيب السودان من أوجاع، تتألم منها السعودية، وتشتكي أوارها، فهما جسدٌ واحدٌ يتداعى كلٌّ تجاه جرح الآخر بالسهر والحمى.