تقارير

قراءة فى ملف مؤتمر القوي المدنية السودانية – القاهرة:6 يوليو 2024

إعداد: الدائرة السياسيه - مركز الخبراء العرب للخدمات الصحفية ودراسات الراي العام.

1/استضافت القاهرة يوم السبت 6 يوليو 2024 مؤتمرا يجمع فرقاء  السودان المدنيين لمناقشة وقف الحرب، ومعالجة الأزمة الإنسانية، والتحضير للمسار السياسي في حدث اعتبره مراقبون خطوة لكسر الحاجز النفسي وبناء الثقة بين فرقاء سيجلسون تحت سقف واحد لأول مرة منذ اندلاع الحرب في بلادهم قبل نحو 15 شهرا
2/ووفقاً لخطاب الدعوة من المقرر ان يستمع المؤتمر خلال جلسات متوازية إلى رؤى القوى المدنية والسياسية بشأن التداعيات السلبية للصراع الراهن ، وسبل معالجته، وطبيعة الاحتياجات المطلوبة للمتضررين، وكذلك إلقاء الضوء على محددات الحوار السياسي السوداني- السوداني.
3/دعوة المؤتمر هدفت الى محاولة جمع عدد مقدر من المكونات السياسية السودانية، في محاولة لإنعاش الدور المصري في الازمة السودانية، وهي المحاولة الثانية لمصر بعد مبادرتها الأولي التى أطلقتها قبل عام بتاريخ 13يوليو 2023 والتي سميت بقمة دول الجوار والتى لم تثمر طويلاً اذ أطلقت وسط زحام من المبادرات كانت تعج بها الساحة منها المبادرة السعودية الامريكية المسماة منبر جدة ، ومبادرة دول الأيقاد ، وتحركات الاتحاد الأفريقي .
4/مؤتمر القوى المدنية السودانية لم ينل الإهتمام الدولى الكافي لانشغال المجتمع الدولي وإداراته المختلفة.. فالانتخابات الأمريكية على الأبواب ، وهو ما يعني انشغال الإدارة الأمريكية داخلياََ ، والشلل المؤقت في أدوراها الخارجية، كما أن صعود اليمين الأوروبي بات مقلقاً على استقرار المجتمعات التي يعد المهاجرون الأفارقة والمسلمين مكونا رئيساْ فيها، اما دول الجوار وعلى رأسها كينيا فقد بات المشهد السياسي فيها أكثر انكفاءاً على الداخل في ظل المظاهرات العارمة التي أقضت مضاجع السلطة ،وتشاد هي الأخرى لاتزال مشغولة بنتائج الانتخابات الأخيرة التى أسفرت عن فوز الرئيس التشادي، محمد ديبي كاكا، والتى من المتوقع أن تتسبب في تأجيج الأوضاع السياسية والأمنية.. إثيوبيا رغم العداءالشديد للنفوذ المصرى فى المحيط الإقليمي لكنها عبرت عن موقفها من خلال التصريحات الصادرة من رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد عشية اجتماعات القاهرة، وقوله إنه يقف على مسافة واحدة من الجميع فى رسالة تطمين يبدو انها تهدف لخفض التوتر بينه وبين القاهرة في ظل تصاعد الحملات الإعلامية للمصرية بمناسبة اقتراب موعد. الملء الخامس لسد النهضة. وفي ظل التحرك المصري في الصومال وتداعياته علي المعادلات الإٍقليمية… يقينا أن الإمارات ومثلها السعودية كانتا حاضرتان بقوة في كل تفاصيل المؤتمر بداية من الموافقه على فكرته، ومروراً بقائمة الحضور، وانتهاءاً بالبيان الختامي، فما كانت القاهرة لتقطع امراً دون مشورتهما وما كانت لتجروء على القيام بما يخالف توجهات الدولتين في المشهد السوداني.
5/الدعوة الى الإجتماع كانت خليطاً مابين أحزاب سياسيه وحركات مسلحة، وكتل سياسية على شاكلة تنسيقية القوى المدنية (تقدم) المتهمةبمولاة قوات الدعم السريع ، أو كتلة الميثاق الوطني المعروف عنها دعمها لمواقف القوات المسلحة ،وجاء إضافة بند شخصيات قومية من دون تحديد معايير واضحة لهذه الشخصيات فحضرت بعض الرموز وغابت شخصيات قومية أخرى ذات تاثير فى المشهد، كما تمت دعوة رموز لمنظمات مجتمع مدني وكيانات يحسب ولاءها لصالح تنسيقية تقدم .. ولم تقدم دعوة رسمية للحكومة السودانية اذا إنه رغم المشاركة الرفيعة بشخصيات على مستوى نائب رئيس مجلس السيادة، ووزير المالية. وحاكم دارفور إلا أن الدعوة المقدمة لهم تمت بناءً على مجموعاتهم وكياناتهم ممثلة في كتلة القوى الديمقراطية .. ولعله من المهم في هذا السياق الإشارة إلى أن عدم دعوة أيٍ من فصائل الإسلام السياسي، حتى هؤلاء المنضوين تحت راية تنسيقية تقدم مثل جماعة الدكتور على الحاج منظ المؤتمر الشعبي، ويبدو أن حساسية مصر تجاه الاسلاميين وبالطبع الإمارات والسعودية لم تمهد ابداً لدعوتهم للمشاركة في المؤتمر .
6/الأجندة المطروحة من جانب الوسطاء المصريين، جاءت في شكل ثلاثة عناوين عامة هى ( وقف الحرب – الإغاثة والعمل الانساني – المسار السياسي ).. وبهذا التعميم فان القاهرة كانت قد أعلنت ايضاً في وقت سابق ملامح رؤيتها العامة لحل الأزمة السودانية والتى اكدها السيد د. بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج في كلمته أمام المؤتمر وتتضمن التوصل لوقف شامل ومستدام لإطلاق النار، و الحفاظ على مؤسسات الدولة الوطنية فى السودان، والتأكيد على أن الأزمة فى السودان أمر داخلي، واحترام إرادة الشعب السودانى، وعدم السماح بالتدخلات الخارجية، وضرورة التنسيق مع دول الجوار لتدارك التداعيات الإنسانية، ومطالبة الوكالات الإغاثية والدول المانحة بتوفير الدعم اللازم لدول الجوار
7/من حسنات المؤتمر أنه جمع لأول مرة بين الفرقاءالمدنيين السودانيين منذ نشوب الحرب، ورغم النجاح في المبدأ الا انه بات جلياََ من اللحظات الأولي ان القاهرة لا تمتلك خطة محددة لإدارة الخلافات السودانية او لاتهتم بذلك كأن ما يهمها هو إظهار القدرة على تجميع الفرقاء تحت سقف واحد، في وقت تحتدم فيه المعارك العسكرية، وتتباعد فيه المسافات السياسية بين القوى السودانية،
8/التباين والتشظي بين الفرقاء اكده الجو العام للمؤتمر حيث سيطر التوتر على الأطراف السودانية ورفض مسؤولون حكوميون، من بينهم نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار ووزير المالية جبريل إبراهيم وحاكم دارفور منّي أركو منّاوي، عقد لقاء مباشر مع رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك وتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية “تقدم” مما يؤكد أن الجهة المنظمة لم توفق في تأمين الحد الأدنى من شروط المشاركة…وقد كاد التباين الشديد والتشظي أن يعصف بفكرة استمرار المؤتمر ..الأمر الذى دعا الجهات المنظمة إلى الغاء فقرة كلمات الوفود والتى كانت فقرة مهمة لادراك مدى التقارب أو التباين في الاطروحات …
9/النتائج التى خرج بها المؤتمر لاتبدو متناسبه ابدا مع الزخم والشعارات قبل المؤتمر وكذلك ووفقا لأهدافه ؟ فلم يخرج البيان الختامي بغير شعارات عامة على رأسها :الدعوة الى الوقف الفوري للحرب – الإلتزام بإعلان جدة – مناشدة الدول والجهات الداعمة لأطراف الحرب بالكف عن التدخل – المحافظة على السودان وطناً موحداً.. وبشأن الية متابعة نتائج المؤتم أشار البيان الى تشكيل لجنة لتطوير النقاشات ومتابعة المجهود من اجل الوصول الي سلام دائم . دون أن يذكر البيان تفصيلا عن اللجنة واطرافها وطريقة التمثيل فيها.
20/:لم ينفض سامر المؤتمر ولم يجف مداد البيان حتى أعلنت قوي سياسية من مجموعة الكتلة الديمقراطيه نفض يدها وتبرُؤها تماما ماورد في البيان مشيرة إنه لم يتفق عليه ، وان ملاحظاتها المكتوبة لم تدرج ، وأن البيان لم يتضمن بحسب مطالبتها إدانة الانتهاكات التى تقوم بها قوات الدعم السريع وأعلنت أنها غير ملزمة بماورد في البيان .
11/تنسيقية تقدم بدت هي الأكثر إرتياحاً لنتائج المؤتمر والاكثر تفاؤلاً لجهة أن المؤتمر أتاح لهم منبراً جديداً لمخاطبة العالم من خلاله، ولقناعتهم بعودتهم للتواصل بقوة مع القاهرة ودورها المحوري في قضايا السودان، ولثقتهم أن ما تمخض عنه المؤتمر سيؤسس لواقع جديد تظل تقدم فيه هي الحصان الرابح والخيار الأقرب حال التفكير في تسويات سياسية قادمة

12/ وعطفاً على ماتقدم تظل الأسئلة مشرعه بحاجة إلى إجابات.. هل كانت هذه هي النتيجة التى ترجوها مصر وهي تقيم هذا المؤتمر وتخطط له منذ، فترة ليست بالقصيرة؟ ام أن هناك أيادى خفية امتدت الى زر الضبط فأوقفت خطة نجاح المؤتمر؟ وتدخلت مثل كل مرة في صياغة البيان واصدرته على غير اتفاق؟ .. وماهو مستقبل نتائج المؤتمر؟ .. وهل ستتاح فرصة جديدة لتلاقي الفرقاء السودانيين تحت مظلة القاهرة؟ …. ومهما تكن الاجابات فالأقرب ان مخرجات المؤتمرلن تبارح على المدى القريب طاولة قصر المؤتمرات بالعاصمة الإدارية ،وأن القاهرة نفسها بحاجه لتَحسس موقفها ، وسؤال أجهزتها هل حقاً أضاعت فرصة ثمينة كان يمكن من خلالها أن تسهم ايجابا في توفير فرص الحل للأزمة السودانية ، وأن تعزز من ثقة القوي السياسية وأهل السودان فيها كوسيط مقبول لكل الاطراف. ؟
—‐—————————————-
مركز الخبراء العرب للخدمات الصحفية ودراسات الراي العام – مركز محايد، مستقل .
—————————————- https://expertspress.org/

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى