فى الحديث عن ابوكديس !!

قال لى صديقى باسما ” بالامس الجيش هاجم الدعم السريع بمسيرات من النوع ” ابوكديس ” وكما هو معروف بان السودانيين يطلقون صفة ابو كديس لوصف جودة و متانة و قوة الشئ المراد وصفه , اى انها صفة مدح وليس ذم . ولكن كثير من الناس لا يعرفون من اين اتت صفة ” ابوكديس” هذه و ماهى علاقة الكديس بها ! والكديس تسمية للقط ينفرد بها السودانيون فقط بين جميع الشعوب التى تتحدث العربية بمعنى اننا لانجد شعب اخر يستعمل كلمة الكديس غير السودانيين !, وقد اختلف الناس عن مصدرها فالبعض يقول بانها تركية الاصل دخلت الى العامية السودانية مثل الكثير من الكلمات التركية التى دخلت الى العامية السودانية ابان الاستعمار التركى للسودان والذى استمر لمدة 65 عام من 1820 الى 1885 , وهنالك من يقول ان كلمة الكديس اتت من واحدة من اللغات السودانية القديمة , ولكن من المؤكد بان الكديس يعرفه ابناء السودان بانه ذلك الحيوان المنزلى الرشيق والسريع الحركة و المتخصص فى اصطياد الفئران و الطيور و المشهور بشاربه الطويل الذى يضرب به المثل فيقال ان فلانا شنبه زى الكديس ! وهو مشهور ايضا بولعه وعشقه لاكل السمك واللحوم و شرب الحليب , اما ابوكديس الذى صار يضرب به المثل لقوة الشئ و جودته كما اسلفنا فهنالك العديد من القصص حول هذه التسمية واولها ان ابوكديس كان نوع من انواع الخمور السودانية القوية والتى كانت تصنع فى السودان و خصوصا المنطقة الصناعية فى بحرى قبل اصدار الرئيس الاسبق جعفر نميرى قوانين الشريعة الاسلامية فى سبتمبر 1983 والتى بموجبها تم حظر ومنع تصنيع او بيع او شرب جميع انواع الخمور , ومن بين انواع الخمور التى كانت تصنع محليا هو مشروب الشرى الذى كان مسكرا للغاية كما يقولون ومن انواع الشرى الذى كان يصنع محليا كان من بينها الشرى ” ابوكديس ” والذى كان يتنج فى زجاجات تحمل اسم ابوكديس وعليها رسم الكديس , ويقال ان هذا المشروب كان قويا لدرجة ان من يشربونه كانوا يسكرون بقوة ويطلقع على هؤلاء السكارى اسم ” الطاشم” بكسر الشين و شاربى ابوكديس بلالضافة ” للطشمة” كانت تعتريهم حالة اقرب الى الجنون فيقولون عن صاحبها انه عنده كديسة فى راسه او طاشم طشمة من نوع ابوكديس , وهنالك قصة طريفة وشهيرة حدثت فى كوستى فى الخمسينيات او الستينيات وبطلها هذه المرة مشروب شرى ابن عم لابوكديس اسمه ابو تراكتور , ويقال بانه كان هنالك رجل عامل مشاكل و ” عنكبة” وهيجان شديد جدا فى السوق لدرجة انه اعتدى بالضرب على بعض المارة , فقامت الشرطة باعتقاله و الذهاب به الى المحكمة والتى كان بها قاضى كان مشهورا وقتها والذى سال الرجل ياخ انت بتعمل كدة ليه هل انت مجنون ؟ فرد الرجل ابدا والله يا مولانا انا ما مجنون بس شارب شرى ( فى ذلك الزمن لم تكن هنالك عقوبة على شرب الخمر) فاجابه القاضى باننا نشرب الشرى ولكنه لا يفعل فينا مثل ما فعل بك , فرد الرجل والله يا مولانا دة شرى جديد بيبيعوهو فى بار ابونجمة و اسمه ابوتراكتور وهنا قال القاضى للرجل انتظرنى هنا وقام برفع الجلسة وركب سيارته متجها نحو البار وهناك قام بسؤال صاحب البار هل صحيح عندك شرى جديد ؟ فرد صاحب البار ايوة يا مولانا و اسمه ابو تراكتور وقالوا ان القاضى عاد الى المحكمة واطلق سراح الرجل !!
وبلااضفة للشرى ابوكديس , فهنالك ايضا ابوكديس اخر وهى بطاريات افريدى Eveready الحمراء اللون و بها رسم كديس اسود داخل الرقم 9 وذلك للتعبير ان هذه البطاريات تعيش طويلا تماما مثل القط صاحب ال9 ارواح على حسب الاعتقاد فى بعض الثقافات الغربية بان القط لديه 9 ارواح , , وهذه البطاريات كانت تصنع فى المنطقة الصناعية فى بحرى بترخيص من شركتها الامريكية وكانت هى المفضلة لدى السودانيين حيث كانوا يكثرون من استخدامها فى اجهزة الراديو و بطاريات الاضاءة ولا يقبلون بانواع اخرى من البطاريات ويقولون ان بطاريات ابوكديس زيها مافيش !
ويبدو ان السودانيون لديهم محبة و خبرة فى موضوع السلع و البضائع التى يسمونها ابوكديس , فقد كان هنالك ايضا سجاير ابوكديس كان يستعمل فى السودان منذ وقت طويل و اكتسب ايضا شهرة بسبب جودته كما يقول المدخنون وهو بريطانى الاصل واسمه CRAVEN “A”وجاءت تسمية ابوكديس بسبب شعار القط الاسود فى علب السجائر ولا اعرف لماذا دائما يرسمون قط اسود مع العلم بان رؤية القط الاسود تعتبر نذير شؤم فى الثقافة الغربية .
وفى الختام ارجو ان يكون مقالى هذا من النوع ابوكديس و نال اعجابكم
والى اللقاء