رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير.. أسامة صالح

الأعمدة

طريق اللاعودة : صناعة الفوضى وتفكيك الدولة

بقلم: المستشار القانوني / مهيد شبارقة
في مشهد يعكس التآكل العميق لسلطة الدولة، يشهد السودان البلد لم ينفك من الحروب الداخلية تسارعًا غير مسبوق في تشكيل وتسليح ميليشيات متعددة الأسماء والانتماءات قائمة على أسس إثنية وجهوية وقبلية، تحت ذريعة /محاربة مليشيا الجنجويد والتي كانت بالأمس صنيعة السلطة ذاتها، حتى باتت تضاهي الجيش الوطني نفسه.
ففي الوقت الذي تتكاثر فيه الجماعات المسلحة على الأرض، تتراجع هيبة المؤسسة العسكرية بشكل متسارع، وتتآكل قدرتها على فرض السيادة الوطنية، وسط ضعف في التسليح الحديث وتراجع الروح المعنوية.
صناعة الخطر: فالدولة تخلق وحشها من جديد
في غياب مشروع وطني جامع، اتجهت النخب الحاكمة في المركز النيلي – لا سيما بعد انقلاب 2021 المشؤوم – إلى دعم، وتسهيل تشكيل ميليشيات محلية، تحت مبررات “حماية المجتمعات” واعتبارها أذرعًا أمنية رديفة للجيش.

لكن الحقيقة الماثلة أبعد من ذلك. فقد تحولت هذه الكيانات إلى أدوات لتوازنات سياسية هشة، وسلاح يُشهر في وجه الخصوم السياسيين والمسلحين على حد سواء.
والنتيجة؟
هي مزيد تفتيت فعلي لسلطة الدولة، وتكريس لواقع “الدويلات داخل الدولة”، حيث لا صوت يعلو فوق صوت البندقية، ولامجد الا لليندقية ولا مرجعية تتجاوز القبيلة أو الزعامة المحلية.
الجيش… العملاق المُنهك
فيما تتنامى الميليشيات عددًا وعدةً، يبدو الجيش السوداني كمؤسسة مترنحة، تعاني من نقص في الإمدادات الحديثة، وتراجع في جاهزية المعدات، وهجرة للكفاءات.
وقد عمّق ذلك حالة التشظي في القرار، والتسييس المفرط، وغياب القيادة الموحدة، لتفقد المؤسسة العسكرية قدرتها على ضبط المشهد، وتتحول في أحيان كثيرة إلى طرف ثالث في الصراع، لا إلى قوة وطنية ضامنة.
فالمآلات خطيرة على وحدة السودان
فتعدد الميليشيات يعني بالضرورة تعدد الولاءات، وتداخل الأجندات الإقليمية والدولية، ما يجعل السودان ساحة مفتوحة لحروب بالوكالة وتصفية الحسابات الخارجية.
فالصراع الدائر لم يعد وطنيًا خالصًا، بل تحوّل إلى حرب مصالح خارجية تُدار من العواصم وتُنفذ بواسطة أيدٍي محليةولازال الشعب يعاني بين لاجئي ونازح ومفقود ومشفشف لازالت سلطة ماقبل الحرب ترزح
في مكانها مدحورة مذمومة
لايعنيها غير استمرار الحرب العبثية لتحقيق
مصالحها

زر الذهاب إلى الأعلى