رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير.. أسامة صالح

الأعمدة

هذه الحرب التي اعادتني إلى ذاتي. الحلقة الثامنة .. فرض سياسة الأمر الواقع..

عقب تلك الأحداث الدامية التي شهدتها قريتنا دون أن تنفصل عن بقية ما أصاب الكثير من القرى والمدن من انتهاكات وتفلتات من طرف قوات الدعم السريع وما جرته معها من فوضى عارمة تسلل عبرها الكثير من اللصوص والمندسين وقطاع الطرق بعضهم يحوم بسيارات مدججة بالأسلحة المختلفة الأنواع والبعض الآخر يتعدى على القرى و يقطع الطرق على الناس فوق دراجات نارية ..فقد أصبح جليا بعدها أن الأمور بدأت تأخذ منحى قاتما زاده سوءا انقطاع خدمات الاتصالات والشبكة العنكبوتية وباتت الأسواق في بعض المدن القريبة خرابات مهجورة وتناثرت أبوابها ونوافذها بعد أن افرغها اللصوص من كل ما فيها من بضائع وأدوات ..و تناقصت حركة السيارات الخاصة التي باتت تتعرض للسرقات العلنية بينما اضحى القليلون من اصحاب مركبات النقل العام عرضة للإبتزاز وللسلب من طرف ما سمي بحراس البوابات الوهمية التي أقامها أفراد الدعم السريع لتحصيل الاتوات الجزافية وفقا لمزاج كل فرد بحيث يحدد المطلوب من سائقي تلك المركبات وأصحاب البضائع المحمولة على ظهرها و من يعترض او حتى يناقش ربما يتعرض للضرب بالسياط و مصادرة المركبة بما فيها .
وحيال ذلك التردي في حياة الناس وتقلص شتى أنماط الخدمات الأساسية في حياتهم لم يكن أمامهم من سبيل غير الإمتثال لسياسة سلطة الأمر الواقع التي فرضها الدعم السريع وأولها القبول بإقامة مرتكزات في القرى يتفاوت عدد أفرادها تبعا لحجم وأهمية كل قرية بالنسبة لهم من حيث الموقع الجغرافي والمكاسب المادية ولأن الدعم السريع على ما يبدو لا يعمل وفقا لقيادة مركزية موحدة التراتيب والإجراءات فقد انعكس ذلك في علاقة تلك الارتكازات مع سكان المناطق التي باتت محميات مجبرة لقبول ذلك الوجود المدفوع الاجر بصورة شهرية إضافة إلى تدبير وجبات الإعاشة مما أضاف أعباء فوق كاهل المواطن المنهك اصلا بتضعضع معيشته نتيجة انحسار مصادر دخله على مشقتها ..فلم تجد اللجان المكلفة بإدارة خدمات تلك القرى بدأ من اللجوء لابنائهم المغتربين الذين تفاعلوا مع الأمر في جانب الغالبية منهم بينما حاول البعض الآخر التمنع من قبيل رفض مبدا التعامل مع عناصر الدعم السريع بأية صورة من الصور ولكنهم في نهاية الأمر تفهموا واقع الحال بعد أن أوضحت لهم اللجان المسئؤلة أن المسألة ليست اختيارا وانما هي كره لا سيما وأن تحركات القوات المسلحة في اتجاه استعادة كل مناطق الجزيرة لم تكن واضحة المعالم بعد حتى تلك الأيام العصيبة بما ينذر بإطالة أمد مأساة الجزيرة مدنا وقرى و نجوع و التي أصبحت نهايتها مطوية في صحائف الغيب وعلم العليم .
فيما كانت حركة النزوح من القرى تتزايد في الاتجاهات المختلفة طلبا للأمن و هربا من ذلك الرعب المتصاعد في دهاليز الحياة اليومية المعتمة .

يتبع..

زر الذهاب إلى الأعلى