
في عالم الحشرات، هناك كائن لا يُعطى حقّه كما ينبغي. يبدو عادياً للوهلة الأولى… لكنه يخفي وراء جناحيه أسرارًا مذهلة في الطيران والمناورة.
إنه اليعسوب—الحارس الصامت ضد البعوض، والنموذج المثالي للطيران عالي الأداء.
صيّاد البعوض بلا منازع
إذا كنت تكره لدغات البعوض، فربما عليك أن تشكر اليعسوب.
فهو يتغذى على البعوض بكميات هائلة—قد تصل إلى مئات الحشرات يوميًا!
وبالتالي، فهو ليس فقط مخلوقاً جميلاً يحلّق فوق البرك، بل خط الدفاع الأول ضد واحدة من أكثر الحشرات إزعاجاً وانتشاراً.
سرعةٌ تفوق التوقعات
لكن الدور الحقيقي لليعسوب لا يتوقف عند الصيد فقط.
ما يثير الدهشة فعلاً هو سرعته الخارقة في الطيران.
فهو يُعدّ أسرع حشرة طائرة في العالم، بسرعة تصل إلى 96 كيلومتراً في الساعة (60 ميل/ساعة)—أي بسرعة تجعله يحصل على مخالفة سير في معظم الشوارع!
مناورات لا يمكن التنبؤ بها
يمتلك اليعسوب أربع أجنحة مستقلة، يُمكنه أن يتحكم بها بدقة خارقة، ما يمنحه القدرة على التحليق للأمام، للخلف، وحتى التوقف في الجو.
لكن الأروع من ذلك: أن نمط طيرانه عشوائي جداً لدرجة أن العلماء يجدون صعوبة في دراسته وتصويره.
تغيّر الاتجاهات المفاجئ، والتسارع غير المتوقع، يجعل من اليعسوب كابوساً لأي مفترس، وأعجوبة في هندسة المناورة.
مصدر إلهام لعلم الطيران
هذا التعقيد في التصميم لم يمر مرور الكرام.
فقد أصبح اليعسوب موضع دراسة مستمرة من قبل مهندسي الطيران والفضاء.
الطريقة التي تتحرك بها أجنحته الأربعة، وخصوصاً دورانها العمودي أثناء الرجوع إلى الخلف، تفتح آفاقاً جديدة في تصميم الروبوتات الطائرة.
في جامعة MIT، يعمل فريق من المهندسين على تطوير روبوت مستوحى من اليعسوب.
لكن حتى اليوم، لا يزال تصميم جناحين مزدوجين يتحركان باستقلالية أمراً معقداً للغاية، ما يثبت أن اليعسوب أكثر عبقرية مما كنا نتصور.