رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير.. أسامة صالح

المنوعات

الشمبانزي اوليفر همزة الوصل بين الإنسان والقرد

FB IMG 1748969112051

FB IMG 1748969109588
في أوائل الستينيات، في قلب إفريقيا، وُلد قردٌ من نوع الشمبانزي، لكنه لم يكن كغيره من أبناء فصيلته. سُمي لاحقًا باسم “أوليفر”. ومنذ نعومة أظفاره، بدأت تظهر عليه علامات غريبة:
لم يكن يتحرك كأقرانه على أربع… بل سار على قدمين باستقامة شبه كاملة، وكأنه يتقن المشي البشري بالفطرة.
كانت ملامحه مفلطحة، عينيه واسعتين، أنفه أقصر من أي شمبانزي آخر، وشكله العام يعطيك شعورًا غامضًا بأنك تنظر إلى نسخة مشو*هة من إنسان.
والأغرب؟ أنه لم يُظهر أي انجذاب لإناث القردة، بل أبدى اهتمامًا غريبًا بالبشر، خصوصًا النساء.
انتقل أوليفر إلى الولايات المتحدة، وهناك بدأ الناس يتساءلون بصوتٍ خافت: “هل هو شمبانزي؟ أم شيء آخر؟”
بحلول السبعينيات، أصبح أوليفر نجمًا في عروض السيرك، حيث كان يُقدم على أنه “القرد الإنسان”، وكان البعض يؤمن سرًا أنه ربما… فقط ربما… نتاج تجربة علمية سرية، أو حتى كائن هجين بين إنسان وقرَد، ربما خُلق في أحد مختبرات الحرب الباردة في سباقٍ لتطوير “الجنود المثاليين”.
وسرعان ما بدأ الإعلام في تأجيج الشائعات:
علماء أعربوا عن شكوكهم بهمسات: “تركيب وجهه… طريقته في التفاعل… إنها ليست قردية تمامًا.”
جهات علمية راقبت بصمت، وبعضها اختبره بعيدًا عن أعين الناس، لكن النتائج… لم تُنشر لسنوات طويلة.
بعد مرور أكثر من ثلاثة عقود من الجدل، خضع أوليفر أخيرًا لتحليل DNA شامل في التسعينيات. وعندها فقط، تهاوت الأسطورة على يد الحقيقة:
لم يكن هجينًا.
لم يحمل جينات بشرية.
بل كان شمبانزيًا نادرًا، يحمل صفات استثنائية نتيجة الطفرات الطبيعية، أو ربما تزاوج غير معتاد ضمن جماعات معزولة.
لكن… الغموض لم ينتهِ هنا.
حتى العلماء الذين أجروا التحاليل قالوا إن هناك شيئًا في سلوك أوليفر لا يمكن تفسيره بالكامل بالجينات وحدها. ذكاؤه، قدرته على التعلّم، تفضيلاته الاجتماعية… كلها تظل “خارج النمط”.
قضى أوليفر سنواته الأخيرة في هدوء داخل محمية “Primarily Primates” في ولاية تكساس. لم يعد حديث الصحف، ولا نجم السيرك، بل مجرد روح هادئة تنظر بعينيها الذكيتين إلى زوّار لا يعلمون ما مرّ به.
وفي عام 2012، انطفأت أنفاسه الأخيرة، بعد أن عاش نحو 55 سنة. مات الكائن الذي ظنّه البعض همزة وصل بين الإنسان والقرد… وترك خلفه قصة ستظل تُروى ما بقي الفضول يسكن قلوبنا.
هل كان أوليفر مجرد قرد مختلف؟ أم كان شيئًا آخر… لا نملك حتى الآن الكلمات لوصفه؟
السؤال ما زال مطروحًا، والظل الطويل لأوليفر ما زال يخيم على حدود العلم، حيث ينتهي المعلوم ويبدأ المجهول.

زر الذهاب إلى الأعلى