” مجازفة غير محسوبة: لماذا يعرّض الإتحاد السوداني كرة القدم الوطنية للخطر بإصراره على إقامة دوري النخبة في كريمة؟ “

⚽️ ضربة حرة مباشرة
بقلم /معاوية أبوالريش
” مجازفة غير محسوبة: لماذا يعرّض الإتحاد السوداني كرة القدم الوطنية للخطر بإصراره على إقامة دوري النخبة في كريمة؟ ”
في خضم الأوضاع الأمنية المتدهورة التي تشهدها البلاد، يصر الإتحاد السوداني لكرة القدم على إقامة دوري النخبة بمشاركة ثمانية أندية -بما فيها قطبي الكرة السودانية الهلال والمريخ- في مدينة كريمة شمال السودان. هذا الإصرار يثير تساؤلات جدية حول مدى حكمة هذا القرار، خاصة مع تزايد المخاطر الأمنية في المنطقة.
“مخاطر أمنية واضحة تحيط بالمدينة”
شهدت منطقة شمال السودان مؤخراً استهداف قوات الدعم السريع المتمردة لسد مروي بالطائرات المسيرة، ومدينة مروي لا تبعد كثيراً عن كريمة التي يُزمع إقامة البطولة فيها منتصف مايو المقبل. هذه الهجمات تشير بوضوح إلى عدم استقرار الوضع الأمني في المنطقة، مما يجعل إقامة حدث رياضي بهذا الحجم مجازفة غير محسوبة العواقب.
لا يمكن استبعاد سيناريو قيام قوات الدعم السريع بمهاجمة المدينة بهدف إفشال إقامة الدوري، خاصة أن مثل هذا الحدث الرياضي قد يُستغل سياسياً كدليل على استعادة الدولة سيطرتها واستقرارها، وهو ما قد يثير حفيظة الأطراف المتصارعة.
” مخاوف مشروعة للمحترفين الأجانب”
تعتمد أندية القمة السودانية -الهلال والمريخ- بشكل كبير على اللاعبين المحترفين الأجانب في صفوفهما. و من المرجح أن يرفض هؤلاء اللاعبون المخاطرة بحياتهم بالسفر إلى منطقة غير مستقرة أمنياً، مما قد يؤدي إلى:
غياب عدد كبير من أهم لاعبي الفريقين ، و إضعاف المستوى الفني للبطولة ، وكذلك احتمالية انسحاب الأندية الكبرى من المنافسة بشكل كامل و تعريض سمعة الكرة السودانية للخطر على المستوى القاري
” التزامات قارية تتطلب حلولاً عقلانية”
يفرض الإتحاد الإفريقي لكرة القدم (كاف) على الاتحادات الوطنية إقامة بطولات دوري لاختيار الأندية التي ستمثل كل دولة في بطولتي دوري أبطال إفريقيا وكأس الكونفدرالية. هذا الالتزام يضع الإتحاد السوداني تحت ضغط لإيجاد حل، لكن الحل يجب ألا يكون على حساب سلامة اللاعبين والأطقم الفنية والإدارية.
” البدائل المتاحة والمنطقية”
تشير بعض الأخبار إلى وجود موافقة مبدئية من الإتحاد الإريتري والدولة الإريترية لاستضافة الدوري على أراضيها، وهو خيار يبدو أكثر أماناً وعقلانية في ظل الظروف الراهنة. كما يمكن النظر في خيارات أخرى مثل:
إقامة البطولة في دولة مجاورة أخرى مثل إثيوبيا أو مصر أو تنظيم بطولة مصغرة في دولة خليجية كما حدث في بعض المناسبات السابقة ، أو تقديم طلب استثناء خاص للكاف نظراً للظروف الاستثنائية التي يمر بها السودان
” آثار اقتصادية واجتماعية متوقعة”
إضافة إلى المخاطر الأمنية، فإن إقامة البطولة في ظل الظروف الحالية سيترتب عليها: تكبد تكاليف أمنية إضافية باهظة لتأمين الفرق والملاعب
و صعوبة في تنقل الجماهير ومتابعة مبارياتها المفضلة و تأثير سلبي على المستوى الفني للمباريات بسبب الضغوط النفسية وكذلك احتمالية توقف البطولة في منتصفها إذا تدهورت الأوضاع الأمنية
” دعوة للتعقل وتغليب المصلحة العامة”
ينبغي على قادة الإتحاد السوداني لكرة القدم التحلي بالعقلانية وعدم “ركوب الرأس” في هذه المسألة. المصلحة العليا للرياضة السودانية تقتضي تحكيم صوت العقل واتخاذ القرار الذي يضمن : سلامة اللاعبين والأجهزة الفنية والإدارية بالأندية
و استمرارية المنافسة بشكل طبيعي دون مقاطعات أو انسحابات
و تمثيل السودان بأفضل صورة ممكنة في البطولات القارية القادمة و الحفاظ على سمعة كرة القدم السودانية إقليمياً وقارياً
” خلاصة”
تمر كرة القدم السودانية بمنعطف حرج يتطلب قرارات حكيمة ومدروسة. إن إصرار الاتحاد على إقامة دوري النخبة داخل الأراضي السودانية في ظل الظروف الحالية هو بمثابة مجازفة غير محسوبة قد تكون عواقبها وخيمة على مستقبل الكرة السودانية. الحل العقلاني يكمن في البحث عن بديل آمن خارج الأراضي السودانية يضمن إقامة البطولة بشكل طبيعي ومستقر، ريثما تعود الأوضاع في البلاد إلى طبيعتها.