
بقلم د. محمد عثمان عوض الله
5 أبريل 2025
أصدرت وزارة الخارجية السعودية بياناً يُدين الهجمات التي طالت مدينتي بورتسودان وكسلا في شرق السودان، ووصفتها بأنها تهديد للأمن الوطني السوداني، وللأمن العربي والإفريقي بشكل أوسع. كما دعت إلى حماية المدنيين والعودة إلى مسار الحل السياسي، دون أن تصف الهجمات بـ”الإرهابية” صراحة، أو تشير إلى الجهة المنفذة أو تطالب بمحاسبتها.
هذا البيان، رغم تحفظه الظاهري، يحمل دلالات مهمة. فمجرد إقدام السعودية على إصدار إدانة علنية يعكس تحولاً في موقفها من الصراع السوداني، ويُقرأ كإشارة سياسية واضحة للطرف المتهم، وهو الإمارات بحسب تحليلات متعددة، بأن الرياض ترفض التصعيد الذي يستهدف المدنيين، خاصة في مناطق لم تكن جبهات حرب.
امتناع السعودية عن ذكر الفاعل أو استخدام لغة حادة لا يعني حياداً، بل يعكس توجهاً دبلوماسياً متوازناً. فهي لا تزال تسعى إلى لعب دور الوسيط أو الضامن الإقليمي، وتحاول تجنب التصعيد المباشر مع أبوظبي في ظل تعقيدات المشهد الخليجي الراهن. لكنها في الوقت نفسه أوصلت رسالة قوية بأن أمن السودان خط أحمر، وأن استمرار العنف سيؤثر على استقرار الإقليم ككل.
في المحصلة، البيان السعودي يمثل موقفاً محسوباً، لكنه لا يخلو من القوة السياسية الضمنية، خاصة في ظل التوازنات المتغيرة في المنطقة.