رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير.. أسامة صالح

الأعمدة

لو أن السودان كان دولة مدنية ديمقراطية،فان الحاسم للوصول للسلطة هو صندوق الانتخابات

الدبابة وصندوق الانتخابات
كمال كرار
لو أن السودان كان دولة مدنية ديمقراطية،فان الحاسم للوصول للسلطة هو صندوق الانتخابات، تطرح القوى السياسية برامجها، ومرشحيها للبرلمان، ويصوّت الناس ومن يحصل على أعلى الأصوات يدخل البرلمان، والحزب الفائز بالأغلبية يشكل الحكومة .
ولو فشلت سياسة الحكومة، أو أصدرت قرارات ضد رغبة الشعب، أو فرضت ضرائب جديدة، فالمظاهرات والاضرابات تندلع، وهذا حق طبيعي للشعب، لا بوليس ولا أبو طيرة ولا جنجويد .. وما يحدث في الشارع ينتقل للبرلمان، وبمقدوره أن يسحب الثقة من الحكومة وتتحدد انتخابات جديدة يسقط فيها الحزب الحاكم وتفوز فيها المعارضة .
وفي ظل الدولة المدنية لا يوجد كبير على القانون، والفاسد يقال من منصبه ويذهب للسجن، والوزراء يستجوبهم البرلمان متى ما قصروا في أداء واجبهم، والمرتبات والميزانية خاضعة للرقابة البرلمانية، والصحافة حرة والاعلام حر .. والاختيار للوظائف حسب المؤهلات، وممنوع على الأحزاب تلقي أموال من مصادر مشبوهة أو خارجية .
وفي الدولة المدنية تقيف في نص المحطة الوسطي وتعمل ندوة تنتقد فيها الحكومة وتعارضها فهذا حقك،طالما المعارضة سلمية.. وتعمل موكب ومظاهرة لرئاسة الوزراء فيخرج إليها رئيس الوزراء ويستلم المذكرة ويدرسها ويرد عليها،وتعلن أي نقابة عن اضراب بسبب مطالب معلقة،فهذا حقها ويأتي وفد حكومي لمناقشة المضربين والاتفاق على كيفية تحقيق المطالب ..
وزيادة جنيه واحد على سعر سلعة تتسبب في إقالة وزيري التجارة والمالية،وانقلاب قطار في خط السكة حديد يقيل وزير النقل بسبب الاهمال .
أما عندما تكون الدبابة هي وسيلة الوصول للسلطة، فان السجون تفتح للمعارضين، والميزانية تخصص لقمع الشعب، ولو أضربت نقابة فالنقابيون يعتقلون ويفصلون من العمل،وكلما كان الوزير فاسدا بقي في منصبه إلى يوم القيامة العصر .. وأي موكب احتجاجي يقمع بالقوة بمبان ورصاص وكلاشنكوف .. يقتل المتظاهرون ويقبض عليهم ويعتقلون ويظلون لسنوات في معتقل موقف شندي أو كوبر وزالنجي .
وعندما تكون الدبابة وسيلة الصعود للسلطة فان السلطة تصنع المليشيات لحماية نفسها من الشعب، وتصرف عليها وتمنح قطاع الطرق رتبا عسكرية،والضابط النظامي (يقطع) تعظيم سلام لأي (زلنطحي) لابس الكاكي برتبة لواء .. وهو بلا شهادة ولم يدخل الكلية الحربية ولا يعرف كوعو من بوعو ..
وكما هو حادث الآن عندما تكون الدبابة هي وسيلة الحكم فان الحرب تدور في بلادنا ومافي دبابة أحسن من دبابة،وتتمدد الحرب من المدينة الرياضية لكافة السودان شي دانات وشي مسيرات وتتوالد مليشيات وتغني ( قونات) ويجتمع الكمريرات في بورتسودان ونيروبي ودول الشتات ..
وأي كوز مالو ؟

زر الذهاب إلى الأعلى