رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير.. أسامة صالح

تقارير

صديق الصادق ل افق جديد: الصراع الدائر الآن بين مشروع شمولي ومشروع مدني ديمقراطي

صديق المهدي: علينا أن نتفق على ملامح المشروع الذي نريد و المشروع المدني في تحدي كبير

نقلا عن مجلة افق جديد
في هذا الجزء الثاني من الندوة الحوارية التي عقدتها مجلة “أفق جديد”، يحذّر الأمين العام لتحالف “صمود” والقيادي بحزب الأمة القومي صديق الصادق المهدي من تداعيات الصراع الدائر في السودان، مؤكدًا أنه ليس مجرد مواجهة عسكرية، بل صراع بين مشروعين “شمولي عسكري” يسعى للهيمنة، و”مدني ديمقراطي” يواجه تحديات وجودية. المهدي عمد إلى تفسير أسباب حرب 15 أبريل وتوصيف أطرافها بقية التعامل معها بشكل سليم على حد قوله وأكد في ذات الوقت على ضرورة موضعة القوى المدنية موضعة تتناسب مع إفرازات الحرب مشيرا إلى مجهودات توحيد القوى المدنية من قبل تحالف صمود وتقدم من قبلها في هذا الاتجاه، معتبراً أن “المشروع المدني الديمقراطي في تحدي كبير جدًا… والكفة لصالح المشروع الشمولي الذي يعمل لاحتكار الفضاء العام وعسكرة الدولة”. كما كشف عن أبعاد الحرب الخفية، مشيرًا إلى أن “الحرب ليست بين جنرالين، بل بين الجيش النظامي والجيش الموازي (الدعم السريع)… وتحالفات الطرفين مفككة وقد تقود لانهيار الدولة”، محذراً من تحوّل السودان إلى “ملاذ للإرهاب” بسبب تدهور الأوضاع، مع تضاعف أعداد النازحين لتصل إلى 3 ملايين لاجئ.

هل يمكن للمشروع المدني تجاوز استقطاب الحرب؟

كيف يُغذي الفشل المؤسسي أزمات السودان المتكررة؟

ما دور التفاوت الجغرافي في تأجيج الصراع؟

هل تؤدي التحالفات العسكرية الحالية إلى انهيار الدولة؟

أبرز الأرقام:

96% معدل الفقر في شمال دارفور (قبل الحرب).

2% فقط من سكان غرب دارفور يحصلون على الكهرباء مقابل 62% في الخرطوم.

10 مليار دولار تُنهب سنوياً من موارد السودان.

3 ملايين لاجئ سوداني بسبب الحرب.

ابتدر الأمين العام بتنسيقية القوى الديمقراطية ” صمود” والقيادي بحزب الامة صديق الصادق المهدي حديثة في ندوة “أفق جديد” بتعريف أطراف الصراع في السودان وقال “التوصيف الصحيح للصراع يجعلنا نمضي بطريقة صحيحة” ومضى قائلا الأطراف التي تتقاتل في الميدان ليست هي أطراف الصراع الحقيقة والحقيقة أن الصراع الدائر الآن بين المشروع الشمولي العسكري والمشروع المدني الديمقراطي لذلك المشروع المدني الديمقراطي في تحدي كبير جدا و يحتاج في لملمة أطرافه في ظل استقطاب كبير والموارد غير متكافئة والكفة لصالح المشروع الشمولي الذي يعمل للسيطر على الفضاء العام والفضاء الإعلامي وعسكرته ، لذلك ما تقوم به “أفق جديد” مهم جدا.

الفشل في البناء المؤسسي

في توصيف المشكلة وتقديم الحلول قال صديق: “لا بد من الاتفاق على معالم المشروع الذي نريده لبلادنا والسعي لإعداد طرج جمعي حول الأجندة الوطنية”. ومضى قائلا المعركة التي ظللنا نواجهها منذ استقلال السودان تتمثل في الفشل في البناء المؤسسي للدولة السودانية وهذه واحدة من مظاهر فشلنا على الرغم من أننا أنجزنا ثلاث ثورات صحيحة لتصحيح المسار من الشمولية إلى الديمقراطية ولكن عندما لا نجد مؤسسات عدلية وخدمة مدنية وغيرها فإن المجهودات تضيع بعد انفضاض الجموع وإذا لخصت مجلة “أفق جديد” كتاب (لماذا تفشل الأمم) الذي كتبه جيمس روبن وداروين ولخص كتابهما القيم فشل الأمم لأنها لا تهتم إلى بناء مؤسسات شاملة وعادلة تخدم جميع السكان دون تمييز ولا تنحصر خدماتها في فئة معينة وتوصلوا إلى هذه الخلاصة في الكتاب بعد دراسات ومقارنات، لذلك أولا نتفق على أن أهم ملامح المشروع المطلوب بناء مؤسسات شاملة تخدم جميع أهل السودان وفي حال انجزنا مؤسسات الدولة نستطيع أن نقول أننا أنجزنا أول معالم المشروع المدني التنموي الديمقراطي.

دولة (56) تصاعد الوعي والثورة

في تناوله للحديث المتداول حول نسف دولة (56) وتحطيمها قال المهدي “الحديث عن نسف دولة 56 ليس له أساس، هناك تراكمات إيجابية لا بد من استصحابها وفيها أشياء سلبية نعمل على تصحيحها”، مشيراً إلى أن الثورات تقوم أصلا من أجل تصحيح مسيرتنا منذ الاستقلال مسيرة في غليان شديد والشعب السوداني لم ينعم بالاستقرار هناك ثلاثة ديمقراطيات وأربعة انقلابات وثلاثة فترات انتقالية ولكن تمسك السودانيين بالنظام الديمقراطي وخروجهم لأجله ثلاث ثورات وقدموا تضحيات ورغم مظاهر الدمار والشتات التي يعيشها السودانيين في كل مكان لكن المعلم الايجابي أن التجارب المدنية الديمقراطية في حالة تصاعد في أدائها والثورات أيضا في حالة تصاعد في خلق الوعي والمشاركة السياسية وبالمقارنة مع الانقلابات العسكرية نجدها في حالة تردي إذا كان القياس بما ينفع السودانيين من مؤسسات وتنمية واستقرار ولكنها في حالة تصاعد إذا كان القياس على العنف والتمكين واستنزاف موارد البلد فقط لو عدنا إلى انقلاب الذي ضم تحالف الجبهة الإسلاموية نجده أحدث نقلة في انتهاك مؤسسات الدولة وتدميرها بالتمكين والمؤسسات التنظيمية الموازية واستنزاف الموارد واحتكارها وقبل ذلك قتل الشعب وتشريده.

صديق: الكهرباء تغطي 62% وفي غرب دارفور 2% فقط

في ما يتعلق بجرب 15 أبريل قال صديق أن لديها عاملين رئيسيين أول هذه العوامل هو صناعة الجيش الموازي المتمثل في الدعم السريع وخلق ميليشيات موازية للجيش يندرج تحت تخريب مؤسسات الدولة وهو أحد أسباب الحرب وهناك من حذر من خطورة الجيوش الموازية على استقرار البلد ومن بينهم الإمام الصادق المهدي واعترض هو وغيره من شرعنة الدعم السريع واتهموا بالتخوين والعامل الآخر هو التهميش وفي تجربتنا لم تكن منصفين للمنتج السوداني وهي من أخطائنا منذ استقلال وحتى الآن ولابد من تصحيح ذلك ولكن التحالف الذي أنتج التمكين أدخل أشياء غير مسبوقة في مسألة التهميش ما أسس للحرب لذلك الحرب ليس بين جنرالين وإنما بين الجيش الرسمي والجيش الموازي وأبعاد التهميش ونجح الدعم السريع في تجنيد المقاتلين بعامل التهميش والتهميش واقع صناعة والناس تعرضت للتهميش متوسط الفقر في السودان قبل الحري 46% الخرطوم 26%وشمال دارفور 96%وهي مؤشرات الاندلاع الحرب شبكة الكهرباء تغطي في الخرطوم 62% وفي غرب دارفور 2% فقط.

البرهان أخرج الجيش من طبيعته النظامية

في تحذيره من مآلات الحرب قال صديق خلال الندوة ” الحرب بدأت بين الجيش النظامي وقوة شبه نظامية هي قوات الدعم السريع وفي ذكرى الحرب الثانية نجد الطرفين اتجه كل منهما للمكونات المدنية بطريقة قبلية وجهوية ” ومضى قائلا الدعم السريع اعتمد بشكل أساسي على تحريك القبائل والفريق البرهان قائد عام الجيش قال ” إن المقاتلين في صفوف الجيش نصفهم من المستنفرين ” وبهذا القول أخرج الجيش من طبيعة القوات النظامية بالإضافة إلى القائمة الطويلة من المليشيات التي تحدث عنها د. أبوسن وبالتالي في حال أردنا أن نسير نحو المشروع الوطني المتعلق ببناء مؤسسات الدولة وقوميتها وحياديتها بعثرنا كل الموجود في مؤسسات الدولة ونمضي حاليا نحو انهيار الدولة إن لم تكن انهارت فعليا.

تصفية لجان المقاومة تصفية الثورة

أشار صديق إلى البعد السياسي في حرب 15 أبريل وقال “البعد السياسي واضح في هذه الحرب ” واستشهد بما جرى في منطقة الحلفايا وأضاف في منطقة الحلفايا وقعت تصفيات في صفوف لجان المقاومة ولجان غرف الطوارئ معنى ذلك استهداف للثورة والثورة والتغيير والاستهداف للعناصر المدنية لا يقل عن استهداف الدعم السريع وظهر هذا بشكل جل في حادثة استشهاد المعلم الطيب عبدالله رئيس حزب الأمة في أم روابة وسبب قتله فاعليته في التوعية والتغيير وليس لسبب آخر وكذلك حادثة ربط أحد لجان المقاومة ورميه في النيل ومقاطع الفيديو منتشرة في الوسائط ومن كان متعاون مع الدعم السريع يمكن أن يساوم ويطلق سراحه ولكن من كان ناشطا في حزب الأمة أو الحرية والتغيير أو لجان المقاومة تتم تصفيته فورا إضافة تحريك مواطنين ضد مواطنين ومكونات ضد مكونات الأمر الذي سيطيل من عمر الصراع عندنا مخلقا نتائج كارثية.

تحالفات عسكرية مفككة

في رده على سؤال حول فرص السيطرة العسكرية ومن ثمة السيطرة السياسية خلال هذه الحرب قال صديق ” التحالفات القائمة في العمل العسكري مفككة وليس لديها فرصة الاستمرارية” واتخذ لذلك مثلا وقال تحالف الجيش في بورتسودان يضم مجموعات كثيرة الجيش نفسه والكتائب بمكوناتها المختلفة والمؤتمر الوطني بنفوذه السياسي ومجموعاته التي تقاتل على الأرض والقوات المشتركة والجهات والقبائل كل هذه المصالح المتقاطعة لا يمكن لها الاستقرار على الأرض، وإذا آلت سيطرة على السودان وهي ليست واردة لكن إذا حدثت سيطرة على جزء من أجزاء السودان سيكون هناك صراع داخلي،وفي الجانب الآخر تحالف الدعم السريع هو يعرف نفسه بأنه تحالف حزام المهمشين، إذا نظرنا إلى منطقة سيطرة الجيش من هنا، وتحالف المهمشين من هنا سنجد في طل منطقة تباينات على الأرض بالتالي إذا خفت المواجهات ستشعل في منازعات داخلية بين المكونات داخليا ومع بعضها لذلك لا يمكن أن تقدم هذه الوصفة استقرار وإذا انزلق السودان إلى هذا المصير البائس فهو سيناريو انقسام البلاد، وهي مسألة تتطلب الدفع بأيدينا وأرجلنا للحيلولة دون وقوعها، لذلك نحن نمضي نحو مصير سيئ جدا ولا بد أن نعمل جميعا للحيلولة دون تحقيق هذا المصير.

اللعب بدون حارس مرمى

قال المهدي: منذ بداية الحرب الدعم السريع كسح واستلم أراضي شاسعة دون مقاومة حقيقية وتمدد في مناطق كثيرة في السودان على غير المنظور والمتوقع، رغم أننا كنا نسمع أن الجيش به مشاكل موروثة ولكن الأمر ظهر كأننا نلعب بدون حارس مرمى وبعد ذلك حدث انحسار في الخرطوم للدعم السريع غير ما هو متوقع لأنهم كانوا يريدون العاصمة لإعلان الحكومة الموازية، وكذلك الانسحاب من الجزيرة كمنطقة مهمة بعد ذلك الدعم السريع اتجه إلى موضوع تحالف “تأسيس” والارتباط بالحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، وتم تأسيس تحالف الهامش لربط حزام دارفور وكردفان والنيل الأزرق (الجنوب الجديد) وهو وضع خطر جدا. إذا انزلق السودان إلى ذلك الاتجاه فإن الانقسام سيكون موجود فعلا والغضب موجود، والناس قبل تلك الظروف لديهم استعداد لفك الارتباط، وهذا الوضع يحتوي على تفاصيل كثيرة تدل على مؤشرات خطيرة وعلى كل الناس العمل دون حدوثها بهذا الشكل.

ترامب والمجتمع الدولي: لن يمسح طرف الآخر

موضوع الانسحاب من الخرطوم مؤكد حدث بدون مقاومة من جانب الدعم السريع، والمؤكد انسحابهم على راحتهم، أنا أرى ثلاثة أشياء في هذا المشهد، الأولى أن الجيش لملم أطرافه خاصة وأن الحرب فيها بعد إقليمي ودولي واسع و الدور الإقليمي والدولي لن يسمح لأحد طرفي الحرب مسح الآخر، لذلك إذا حدث تراجع كبير لأي من الأطراف ستصله إعانة ليعيد قوته من جديد، الجانب الآخر الدعم السريع وانتشاره أعطاه مساحة إعادة التموضع والنظر إلى الأولويات خاصة وأن إمكانياتهم لن تسعفهم للمحافظة على المساحات التي سيطروا عليها منذ بداية الحرب. هناك عامل ثالث كان مؤثر جدا وهو ظهور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في المشهد، والسودان ليس بأولوية بالنسبة له، وهذا ما أنتج إعادة التموضع خاصة أننا نتابع الدور الكبير للمملكة العربية السعودية في الترتيبات السياسية بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية وترامب، واستثمارات التريليون دولار، لكن من الناحية الأخر الاستثمار مع الإمارات لذلك الخطوط مفتوحة مع ترامب، ولن تكون لديه تقديرات مباشرة مع السودان لكن حلفاءه في المنطقة سيتولون المشهد السوداني، وهذه تضم فرضية توفيق الأوضاع وفق منبر جدة.

لا احترام للمدنيين

تعليقا على السيناريوهات الأربعة التي طرحها خلال الندوة الدكتور أحمد أبوسن قال صديق “هناك سيناريو يتعلق بكيفية ووقف الأذى والاحتراب والموت والدمار وما يعانيه السودانيين والمدنيين الآن، والذهاب إلى عملية سياسية وهو السيناريو الأفضل للسودانيين ويعمل في اتجاه إيقاف الحرب.” ومضى المهدي قائلا: طرفي الحرب ليس لديهم أدنى احترام للمدنيين والقوى السياسية المدنية وينظرون إليها في إطار مساند ودعم مشروعهم، لذلك علينا تأدية دورنا وتوحيد موقفنا ورؤيتنا وتجهيز جانبنا والتشبيك مع المجتمع الإقليمي والدولي لمصلحتهم في إيقاف الحرب. بسبب الحرب هناك 3 ملايين لاجئ بالإضافة إلى النزوح والمعاناة الإنسانية تسبب لهم ضغط كبير وليس هناك موارد لمساعدة السودانيين الجانب الآخر تهديد دول الجوار وأمنها والنزوح وتمدد الحرب يهدد أمن دول الجوار والقرن الافريقي والبحر الأحمر، وهي مناطق مهمة للمجتمع الدولي، بالإضافة إلى موضوع الإرهاب لأنه عندما تترك السودان في وضع كهذا سيكون مرتعا للإرهاب والجماعات المتطرفة الموجودة في شرق وغرب القارة، بالإضافة إلى المناخ الطارد للجماعات التي كانت تعمل في سوريا سترتب أوضاعها للوصول إلى السودان. بالتالي فإن السودان من الممكن أن يكون ملجأ للكثير من الجماعات الإرهابية، لذلك فإن إيقاف الحرب من العوامل تجعل المجتمع الإقليمي والدولي النظر إلى مصالحهم المباشرة، بالإضافة إلى الهجرة غير الشرعية، وهي مصالح تهم الإقليم والمجتمع الدولي.

لافتات مدنية في خدمة العسكر

فيما يتعلق بالتباينات في القوى السياسية والمدنية التي ركز عليها د. أحمد أبو سن، قال صديق ” هذه التباينات من العقبات وتتطلب تجاوز بأسرع ما تيسر والتوافق على المشروع المدني وقياس مواقف الناس بالقرب والبعد من المشروع” ومضى قائلا: في واقع الحال توجد اختراقات في كثير من الأجسام بدون ذكر وتسمية أي جهة، هذا الاختراق يجعلك باسم مدني ولافتة مدنية تعمل في خدمة المشروع العسكري، ومهما تسعى لجر هذه اللافتات والأسماء المدنية لن يتحالف معك لأنه يعمل لأهداف أخرى. كان هناك نقاش في ورشة عقدتها منظمة “ماكس بلان” في ديسمبر 2023، وفي هذه الورشة تمت مناقشة الترتيبات الدستورية فيما يلي الأجهزة النظامية والأمنية والقطاع الأمني في السودان. الورشة شهدت حضورا كبيرا لمجموعات مختلفة للمكونات المدنية السودانية، وأنا رأيت ضرورة الإصلاح المؤسسي وخروج الجيش من الاقتصاد والعمل في الإصلاح المؤسسي، أول المتصدين لهذا الطرح كان ” الجاكومي” وقال إن الجيش السوداني من حقه الاستثمار كما يريد وهذا خط أحمر بالنسبة إلينا نحن كمدنيين ولا نتدخل في هذا الشأن. من جانب آخر حدثت مساعٍ كثيرة للتواصل مع الحزب الشيوعي لكنه رفض الخطوة باعتباره لا يتعامل مع الكتل السياسية ولكنه يتعامل مع الأحزاب السياسية، كحزب سياسي ثم التقى معه حزب الأمة القومي وصدر بيان من الحزب الشيوعي وذكر أن الذين جلسوا مع حزب الأمة القومي لا يمثلون، وهذه مشكلة حقيقية.

الخلاصة أننا نسعى للتواصل مع القوى السياسية وعدم تجاهل أي شخص، ولا يمكن ربط تحقيق المشروع الجامع بحضور أحد و غيابه، لأن لكل كيان تفسيراته، ولا بد من الاتفاق على المشروع الوطني الذي يحل مشكلة السودان والسودانيين ويخاطب قضيتهم وهذا يتطلب أن نذهب إليه دون تكتلات و تحيزات يمكنا من تشكيل الكتلة المطلوبة للمشروع المدني وواحدة من المبادرات المهمة ما حدث في بريطانيا والاجتماع المهم لوزراء الخارجية لعشرين دولة لديها تأثير في السودان وأنا أعتقد أن واحدة من مشاكلنا التشتت لكن هناك مساع لتقريب وجهات النظر.

نهب 10 مليار سنويا

ليس هناك نصر عسكري لأي جهة واستمرار الحرب يعني المعاناة وتقسيم البلاد وبهدلة للسودان والسودانيين لذلك علينا غلق ذلك الاتجاه والمدخل الصحيح في تقوية العملية السياسية، وأنا انتمي إلى تحالف “صمود” الآن وحزب الأمة، و”صمود” من جانبها سعت لتوحيد الجبهة المدنية، ومساعٍ للتواصل مع الجهات الأخرى في مؤتمر القاهرة ولقاءات الاتحاد الأفريقي والإيغاد، ومبادرات مباشرة مع جهات عديدة، وحصل جهد كبير وتشبيك لتوحيد الموقف والرؤية و حزب الأمة كذلك طرحه حول مشروع الخلاص الوطني الذي يحتوي عناصر مهمة في حل الأزمة وقطعا المبادرات الحزبية لا تتعارض مع العمل التحالفي، وحزب الأمة لديه ميزات في جوانب ولديه مرونة ومقبولية في جهات قد تستعصي على الآخرين. وعلى الناس الاستفادة من المبادرات المختلفة، ودور المجتمع المدني مهم جدا في تقريب وجهات النظر.

المشروع العسكري لديه قدرات واسعة وتطلعات ومطامع وتفيد المتابعات بأنه تم نهب ما يقارب مائة مليار دولار قبل اندلاع الثورة من عائد البترول والاستثمار الأجنبي المباشر والديون والقروض، بعد الثورة يتم نهب مبالغ ضخمة سنويا من التجنيب وعائدات الذهب والممارسات التي أنجزتها أطراف انقلاب أكتوبر 2021 وهو مشروع عسكري مستفيد يرجع إلى طبيعة الصراع، لذلك مستفيدين من استنزاف موارد البلاد، بالتالي الكتلة الانقلابية في أكتوبر تضم الجيش والدعم السريع والمؤتمر الوطني والحركات التي دعمت الانقلاب هؤلاء استفادوا ما لا يقل عن 10 مليار دولار في العام كمتوسط، بالتالي تلك المنافع الضخمة تحتاج إلى تجميع أطرافنا. حدثت محاولات لوأد المسار المدني منذ انقلاب أكتوبر والمرور بفض الاعتصام وكان الغرض أن يحدث ذلك لكنه لم يحدث، لأن انقلاب أكتوبر أخرج كل الشارع، في فض الاعتصام خرج الشارع أيضا بصورة كبيرة ما أدى إلى استعادة مسار الثورة. الحرب كانت بسبب الصراع على السلطة والنفوذ والموارد ما أدى إلى خلق تناقضات في معسكر الحرب، لذلك الآن الاستقطاب وخطاب الكراهية وتقسيم السودانيين في قمته، لكن لا بد أن تمضي المجهودات للاتفاق على ترتيبات لوقف العدائيات والمضي في تحقيق السلام واتساع المساحة المدنية، ولا بد في تلك المراحل المختلفة أن يكون لدينا عمل واضح جدا في محاربة خطاب الكراهية وأهمية توحيد السودان والتحذير من انقسام السودان ما يؤدي إلى نشوب حروب في كل المناطق وتهديد للمنطقة وأمنها والعالم، فلا بد من وجود خطاب واضح وتحذير، وفي النهاية عندما تتوقف الحرب ستكون هناك معركة بين المشروع المدني والمشروع العسكري الشمولي الذي يريد استقطاب المدنيين وهو ناجح حاليًا في تلك المسألة، لأن الناس في الشتات تفكر في منازلها في الخرطوم، وفي دارفور يفكرون في حمايتهم، لذلك المشروع العسكري استطاع استقطاب الناس معه، لكن عندما تتوقف الحرب وتوقف اللحظات المطلبية الطبيعية للمواطن هنا وهناك، يبدأ التفكير في بناء الدولة والتنمية والخدمات ولن يستطيع أحد تقديمها للشعب السوداني غير القوى المدنية الديمقراطية، لذلك علينا ترتيب أنفسنا على أساس هذا النهج لأنها تحتاج إلى تفاصيل كثيرة وإعادة إعمار، وترتيبات التعاون الدولي وسداد ديون السودان، هناك جهات محددة تستطيع فعل ذلك وخدمة قضايا السودانيين وبناء مؤسسات الدولة ومحاربة الفقر والعمل على الإنتاج، بالتالي ستكون بمثابة معركة. الروح المدنية في السودان فيها حيوية كبيرة وفيها تجربة لكنها متأثرة الآن سلبا بالحرب وتداعياتها ومناخها واستهدافها واستقطابها، لكن كل ذلك يحتاج إلى العمل في معالجة خطاب الكراهية والإعلام المدني والتبشير بالمشروع المدني الذي يحل مشاكل الناس.

زر الذهاب إلى الأعلى