من الخراب إلى البناء: كيف يعود السودان لمساره الصحيح ووضعه الطبيعي بين الدول التي ينبغي ان يكون مثيلا لها؟

بقلم المستشار القانوني /مهيد شبارقة
فمنذ استقلاله عام 1956، لم يعرف السودان كدولة استقرارًا طويل الأمد حتى ينهض بموارده فكانت أحلام التنمية تحوله لقوة إقليمية ترتطم كل مرة بجدران الانقلابات العسكرية المتعاقبة بلاتوقف، خلافا للتوظيف السياسي للدين، والفشل المدني الواضح في بناء مؤسسات دولة حديثة
تواكب النهضة القائمة.
والآن، وبعد عقود من النزيف المستمر والنهب الشاذ للموارد، يقف السودان على مفترق طرق:
فإما أن يستعيد ابناءه الخلص قراره الوطني ويبنو دولته المدنية والمواطنة على أسس العلم، والعدالة، والتنمية المتوازية، أو أن يستمر رهينة لجنرالات العسكر وساسة تنظيم الحركة الذين ظلو يختطفون مستقبله لعقود، لذا علينا، نحن أبناء هذا الوطن، أن نعترف أولًا:
أن المشروع المدني المعروض منذ الاستقلال فشل في خلق بديل حقيقي لشراكة سلطة العسكر والإسلاميين الاجرامية.
نعم، تمت الإطاحة بالرئيس المخلوع في 2019، ولكن الثورة المجيدة وُئدت تدريجيًا بسياسات المساومة، والتسويات الهشة وتعينات المحاصصات، وغياب الرؤية الوطنية الموحدة بين كافة القوى المدنية التي ظهرت بالمشهد،فترك هذا الفراغ الباب مفتوحًا لعودة الجزء الثاني من شلة الجنرالات، وتغوُّل ذات اعضاء الحركة الإسلامية مجددًا بأقنعة جديدة حتى اشعلوا حربهم العبثية كخيار انتحاري اخير لقبول الشعب بهم مرة اخرى ولوعلى مضض او زوالهم لكن للاسف نرى الشعب في انقسام تام جزء مغيب يؤيد عودتهم وجزء مستنير يكشف
فسادهم وخبثهم.
#ما الذي نملكه نحن كسودانين؟
السودان لا يفتقر للموارد التى تساعد في نهضته، بل للعقول التي تُديرها بحرية تامه بعيدا تماما عن سيطرة كيانات وجهات تريد تنفيذ مشروع يمكنها من السيطرة على السلطة…!! فالذهب، الزراعة، الماشية، الطاقة الشمسية، والمعادن النادرة – كلها ثروات غير مستغلة، أو منهوبة من قبل شبكات تتبع للأجهزة الأمنية والعسكرية في السودان…!!
لدينا موقع استراتيجي، وسواحل على مد البعصر على شاطئ البحر الأحمر، وسوق داخلي واعد، لكن كل ذلك محكوم بعقلية السلاح لا الاستثمار، ومسيطر عليه بأجندات إسلاموية بحته لا وطنية….!!! فالحل؟ يكمن في ان تدار الدولة بعقول سودانية مؤهلة ولها خبرة تكون غير مؤدلجة لجهة ماء وبلا سلاح ولا فتاوى …!!
ولعودة السودان إلى مساره الصحيح، يجب البدء بعملية تفكيك جذري لهيمنة سلطة جنرالات الجيش والامن والحركة الإسلامية على كامل مفاصل الدولة واولها المؤسسات النظامية كالامن والجيش والشرطة،فلا حديث عن تنمية في ظل احتكار الجيش للاقتصاد، ولا حديث عن استثمار في ظل وجود الاف الميليشيات التي تعيق الدولة، ولا حديث عن دولة حديثة في ظل دستور يُكتب ويعدل في مكاتب الجنرالات والمساجد لا في قاعات برلمانات منتخبة شرعيا من قبل المواطن.
#خارطة الطريق نحو السودان الجديد تمكن:
١/ عزل كامل للمؤسسة العسكرية عن الهيمنة في الاقتصاد والسياسة.
٢/إعلان مدنية الدولة دستورياً بلا استثناءات.
٣/ محاسبة شاملة لكل من أجرم في حق هذا الشعب، من المخلوع حتى آخر ضابط ميليشياوي مصنوع مؤخرا.
٤/ الانفتاح الاقتصادي المدروس، القائم على شراكات استراتيجية لا تسول دولي او تنازل عن مناطق مهمة وموارد نفسية مقابل بعض العملات.
٥/تمكين الكفاءات السودانية في الداخل والخارج من العودة للبلاد والتوظيف لهم على حساب الكفاءة والخبرة لا المحسوبية والولاء، وضرورة إعادة هيكلة التعليم والصحة والبنية التحتية.
٦/تحقيق العدالة الانتقالية واجراء مصالحة وطنية حقيقية لا يجامل فيها القتلة
والمفسدين.
٧/ إرجاع كل ماتم أخذه تمكينا لوضعه الطبيعي ولو كان فتقسيم للوظائف وفؤائد
الموارد.
#الخلاصة:
كفانا انقلابات وفتاوى مغلوطة، كفى تسويات حزبية على حساب الوطن
وكغانا نهب واختلاسات وتحلل فالسودان لن يتقدم ما لم يُقتلع كل جذور الفساد المؤسسي، وما لم تتحرر الدولة من ربقة العسكر والتمكين الإسلاموي.
#بصراحة نحن بحاجة إلى سودان بلا جنرالات ثملين في القصر..!! وبلا كمية مشايخ جهلاء بالبرلمان..!!
وبلا قبضة شركات تابعة للجيش علي كافة الموارد لتعبث بثروات الشعب كمستثمر اوحد،فالسودان الذي نحلم به ليس بعيدًا ان يرى النور ويحلق خفافا، لكن نيل هذا مشروط بالشجاعة والضمير…!!شجاعةالاعتراف بالأخطاء، وشجاعة الوقوف في وجه منظومات القمع، وشجاعة إعادة بناء الوطن من الصفر،نعم هذا الطريق صعب كبداية، لكنه ليس مستحيل على دولة غنية بمواردها الطبيعية وكوادرها التي اثبتت للعالم انها قادرة ان تفعل كل شيء اذا سنحت لها الفرصة ببلادها بعيدا عن التغول الحزبي والسيطرة من الرتب