السودان بين مطرقة تسلّط الحركة الإسلامية وجنرالاتها وشُعلة الحروب التي لا تنطفئ، وبين الحلم بحكم مدني ديمقراطي مفقود …!!

✍🏻: المستشار القانوني/مهيد شبارقة
لاخلاف ان لم يعد السؤال اليوم عن من اشعل الحرب في السودان،بل السؤال المحلح عن متى ستتوقف ، ومن يمتلك الإرادة لإطفائها.؟
فبين تسلّط تنظيم الإخوان، الذي استوطن مفاصل الدولة لثلاثة عقود ونيف،وبين وتيرة الحروب العبثية التي صارت اهم وسيلة للبقاء السياسي والبزنس العسكري/يضيع وطن و/تُسرق أحلام.!!
شعبٍ عرف بالسلمية في كل الدنيا لم يطلب سوى الحياة الكريمة في ظل حكمٍ مدنيٍ عادل ومستقر.
#بين دولة الظل والحرب العبثية:
اطلاقا لن نكذب على أنفسنا بأن سلطة العهد المأفون اندثرت تماما فما زالت قائمة، برغم سقوط واجهتها السياسية في ثورة 2019، اذ تملك أذرعًا أمنية، واقتصادية، وميليشياوية، تتحرك بكل اريحية من وراء ستار جنرالات العسكر ،كيف لا وهي تنظيم لايؤمن اطلاقا بالديمقراطية إلا إن كانت وسيلةً للوصول للسلطة، ولا يعرف طريقا للمدنية إلا كفزاعة لشيطنة وتخوين الخصوم،فلازالت تتحرك في الظلام، لتوظّف الفوضى
،وتغذي الانقسامات، وتستثمر في إطالة أمد الصراع الدائر على السلطة لتسيطر..!! وفي المقابل، هناك حرب عبثية مدمرة تشتعل وتتمدد، حرب لن ينتصر فيها أحد، لكنها تُبقي على نخب محددة بالواجهة..!!
تتبدل الرايات نعم، لكن العقلية ذاتها عقلية الغلبة، لا الشراكة، وعقلية من يرى في تمجيد البندقية مفاتيح السلطة والاقتصاد معًا…!!
إنها حروب لاتُخاض من أجل مشروع وطني يحفظ كرامة الشعب كما يزعمون،بل هي حرب لحماية مصالح النخب العسكرية، سواء كان تحت غطاء ديني أو جهوي أو حتى قبلي…!!
#الحكم المدني الديمقراطي هو الحلم الذي لم يمت: فرغم كل هذا، لاتزال جذوة الحلم مشتعلة، حلمُ الدولة المدنية الديمقراطية التي لا تخضع سلطتها لدولة عميقة، ولا لرصاص الميليشيات والكتائب الارهابيةفالحراك الثوري الذي اجتاح الشوارع منذ ديسمبر 2018 لم يكن قطعا وليد اللحظة،بل هو نتيجة تراكم وعيٍ جيلٍ كامل، أدرك أن السودان لاينهض إلا بمؤسسات حرة، وقضاء مستقل عادل،وجيش وطني موحد يخضع كاملا للسلطة المدنية لا العكس
،نحن نعيش اليوم في مفترق حاسم في اسؤا حالاتنا تدهورا:
فإمّا أن نستسلم لصوت المدافع وتمجيد البندقية وصيحات عتاة المجرمين وندور في فلك دولة التسلط والقمع بنسختها الوحشية الثانية.
أو ان نكمل المسار رغم فداحة الآلام نحو بناء دولة تحترم مواطنيها وتبني لا تهدم، وتصالح لا تنتقم، وتُدار بالعقول لابالولاءات.
#الاعتراف الصعب هو: اننا نحن شركاء في هذا الصمت:
ككاتب مستقل مبتدى، أقر أن جزءاً من هذه المأساة يعود لصمتنا أيضًا،فنحن الذين تأقلمنا مع القبح وصمتنا على القتل والدمار، وكتبنا على الحياد أحيانًا،وتهرّبنا من تسمية الأشياء بمسمياتها فكان يجب أن نقولها مبكرًا: تنظيم الحركة الإسلامية لم يغادر السلطة،بل أعاد ترتيب صفوفه، والحرب لم تُفرض علينا من الخارج،بل غذّتها أطماع الداخل، لكن ما زال في الوقت متسع،ومازال فينا أحياءٌ ينطقون بالحق، لهذا نكتب لا لأننا نملك الحلوول، بل لأننا نرفض أن نكون جزءاً من التواطؤ الدائر.
(خاتمة:)
#بين السقوط والنهضة:
السودان الآن كمن يقف على حافة الهاوية اعمى،إما أن يهوي إلى قاع لا عودة منه، أو أن يتشبث بالحلم القديم/الجديد: وطن يسع الجميع، لايحكمه تنظيم، ولا ينهشه سلاح، وطنٌ تُرفع فيه راية واحدة،هي راية الديمقراطية والعدالة،ولأجل هذا، لابد من معركة أخرى، لاتُخاض بالبندقية المضادة،بل بالكلمة الرصينة التي تخاطب جذور الاذمة، والموقف الثابت، والوعي خصوصا للأجيال الحالية من المغيبين
فالطريق طويل ،لكن الحلم باقٍ وإن مات الحالمون، فالأجيال القادمة ستواصل، بالطريق فقط إن وجدوا من يروي لهم المأساة كاملة منذ بدايتها.