يشير التكامل المتزايد للذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات إلى عصر جديد مليء بالتحول، خاصة في مجال الملاحة البحرية

،
بقلم الباحثة دكتورة نوران الرججال
ورغم المزايا الكبيرة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي في هذا القطاع، إلا أنه يأتي أيضًا بمخاطر وتحديات تتطلب دراسة متأنية.
أكدت الباحثة الاقتصادية نوران الرجال أن الذكاء الاصطناعي يسهم بشكل إيجابي في تعزيز سلامة وكفاءة عمليات الملاحة. فخوارزميات الذكاء الاصطناعي المتطورة قادرة على معالجة كميات ضخمة من البيانات مثل أنماط الطقس، وتيارات المحيطات، والمخاطر المحتملة للملاحة، مما يساعد على تحسين عملية التوجيه، على سبيل المثال، يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي التنبؤ بالظروف الجوية المثلى، مما يُتيح للسفن تجنب العواصف أو البحار المضطربة، وبالتالي تقليل المخاطر بشكل كبير، إضافة إلى ذلك، يتم الآن تطوير السفن ذاتية القيادة تدريجيًا، مما يدل على قدرة الذكاء الاصطناعي على تشغيل السفن دون تدخل بشري، وحتى الآن، يشهد قطاع الشحن العالمي تجارب أولية لأنظمة الذكاء الاصطناعي القادرة على تعديل مسار السفن بشكل فوري بناءً على البيانات البيئية المستمرة.
إلى جانب تحسين السلامة والكفاءة، يدعم الذكاء الاصطناعي قرارات التشغيل عبر تحليل البيانات التاريخية والتعلم من التجارب السابقة. هذه القدرات التنبؤية لا تعمل فقط على تبسيط العمليات وإنما تقلل أيضًا احتماليات الخطأ البشري، وهو أحد الأسباب الرئيسية للحوادث البحرية منذ زمن طويل.
ورغم هذه الفوائد الواعدة، أشارت « الرجال» إلى أن بعض التحديات المرتبطة بتبني الذكاء الاصطناعي في الملاحة البحرية، من أبرز هذه المخاوف احتمالية تعطل الأنظمة نفسها؛ إذ يمكن للاعتماد المفرط على التقنيات الآلية أن يؤدي إلى عواقب وخيمة في حال تعرضها لفشل أو اختراق تقني، بالإضافة إلى ذلك، يثير الانتقال نحو أنظمة التشغيل المستندة إلى الذكاء الاصطناعي مخاوف حول فقدان الوظائف التقليدية في القطاع البحري، إذ قد يؤدي التوسع في استخدام الأتمتة إلى تقليل الحاجة لبعض الوظائف، مما يسبب تحديات اقتصادية للكثيرين ممن تعتمد مصادر دخلهم على هذه الأدوارن وعليه، يبرز ضرورة تحقيق توازن بين التطور التكنولوجي وضمان استراتيجيات تحافظ على فرص العمل لتجنب الأثر الاقتصادي والاجتماعي السلبي.
اختتمت الباحثة حديثها بالإشارة إلى أن الذكاء الاصطناعي يمثل أداة قوية لتحسين الملاحة البحرية من ناحية السلامة والكفاءة ودعم القرارات التشغيليةن إلا أن التطبيق الفعّال لهذه التقنية يتطلب إدارة مخاطر تعطل الأنظمة والتأثيرات السلبية على فرص العمل، ومع استمرار تبني هذه التقنية في القطاع البحري، يصبح من الضروري وضع تدابير سلامة شاملة ومراعاة الجوانب الاجتماعية والاقتصادية لضمان نهج متوازن ومستدام للتحول التكنولوجى