رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير.. أسامة صالح

الأعمدة

موجة الجفاف والتصحر من قبل ٤٠ عاما، والحروب المستمرة، والتنمية اللاموجودة في أطراف السودان المختلفة، دفعت الملايين للنزوح للمدن ومنها الخرطوم ..

البلدوزر اللعين

كمال كرار
موجة الجفاف والتصحر من قبل ٤٠ عاما، والحروب المستمرة، والتنمية اللاموجودة في أطراف السودان المختلفة، دفعت الملايين للنزوح للمدن ومنها الخرطوم ..
الذين أتوا سكنوا في حزام الفقر،في اماكن كانت مخصصة للنفايات،بلا ماء ولا كهرباء ولا شوارع أسفلت ودون مدارس أو مراكز صحية ..ومن فرص العمل الشاق التي تتوفر بصعوبة يوفرون لقمة العيش لأسرهم .
وعلى نقيض هؤلاء سكن آخرون في حزام الثروة،سموها المخططات الراقية، والمدن السكنية التي تحرسها الكلاب البوليسية.. لا يعرف حتى الآن كيف حصلوا على مساحات الأرض الكبيرة، لكن بعضهم استولى على الميادين الرياضية، والأراضي التي كانت مخصصة للخدمات العامة عن طريق الرشوة .
ومن قبل أن تكتمل قصورهم الراقية تم توصيل الكهرباء والماء لهم، والطرق المسفلتة والمستشفيات والمدارس والجامعات ..
الفقراء الذين سكنوا في حزام الفقر،سبقوا من استوطنوا في حزام الثروة بسنوات طويلة .. ولم ينافسوهم في سرقة المال العام وتجارة العملة .. ولكن سكان حزام الثروة وهم المتنفذون في السلطة،لم يعجبهم منظر الفقراء والبيوت المتهالكة،فاطلقوا عليهم لقب السكن العشوائي.
ووضعت القوانين لطردهم ومعاقبتهم، وسموهم مناظر مؤذية، واستوردوا بلدوزرات خاصة لهدم رواكيبهم وبيوتهم المتهالكة.. يهجمون عليهم بالقوة المسلحة،وتهدم البيوت فوق رأس السكان بمن فيهم الأطفال والنساء .
الفقراء في حزام الفقر،وفي أتون الحرب التي تشن ضدهم عرفوا الصديق من العدو،زاد وعيهم بمقدار الصراع الطبقي الذي يدور بلا هوادة.. فكانوا ولا زالوا جزءا من الثورات الشعبية التي انطلقت ضد النظم الديكتاتورية ..
وجاءت الحرب وفي طليعة أجندتها طرد الفقراء من حزامهم الفقير بقوة السلاح تحت ستار محاربة السكن العشوائي،اتهموهم بالشفشفة، وبموالاة المليشيا، وتأليب الرأي العام ضدهم، مسحوا البيوت بالبلدوزر وقالوا لهم اذهبوا إلى المنافي أو المقابر فلا يهم .
هؤلاء الفقراء ومنذ زمن بعيد عرفوا أن النظم السياسية القائمة صنعت دولة اللامواطنة، مواطنون من الدرجة الأولى يحصلون على كل شئ، ومواطنون من الدرجة الرابعة مطاردون أينما ذهبوا، محرومون من كل شئ .
تقسيم السودان بدأ من هذه النقطة، قبل أن ينقسم الجنوب في ٢٠١١، وقبل أن تشن الحرب التي هدفها تقسيم الوطن والشعب .
ستنتصر الثورة من أجل المساواة في الحقوق، ليصبح السودان دولة المواطنة، لاسترداد المال العام الذي سرقه المستوطنون في حزام الثروة، لتذهب البلدوزرات اللعينة لتشق الترع والقنوات للزراعة لا لهدم بيوت الفقراء.
وسيأتي يوم الحساب

زر الذهاب إلى الأعلى