
في عملية وُصفت بأنها واحدة من أكثر الضربات جرأة في تاريخ الحروب الحديثة، نفذت أجهزة الأمن الأوكرانية هجوما بطائرات مسيّرة استهدف خمسة قواعد جوية روسية في عمق سيبيريا، على بعد نحو 4000 كيلومتر من الخطوط الأمامية.
ووفقا لمصادر أمنية وتقارير متقاطعة، استخدمت أوكرانيا طائرات FPV مسيّرة منخفضة التكلفة، تم تهريبها داخل مقصورات خشبية وهمية مدمجة في شاحنات مدنية، في تكتيك عسكري يشبه الأسطورة اليونانية الشهيرة “حصان طروادة” الذي دمّر أسوار طروادة من الداخل.
ضربات مركزة على القواعد الجوية الروسية
عند وصولها إلى أهدافها، فتحت الشاحنات أسقفها لتطلق أسرابا من المسيّرات التي استهدفت طائرات قاذفة استراتيجية من طراز Tu-95 وTu-22M3 وغيرها. وأظهرت مقاطع فيديو تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي أعمدة دخان كثيفة وحرائق كبيرة، بالإضافة إلى صور لطائرات مدمرة.
وقالت مصادر عسكرية إن هذه المسيّرات، التي يُعتقد أن جهاز الأمن الأوكراني (SBU) هو من أشرف على إدارتها، ضربت أهدافا استراتيجية بدقة عالية، قبل أن يتم تدمير الشاحنات ذاتيا، في محاولة لإخفاء آثار العملية ومنع روسيا من تعقّب مصدرها.
ضربة لأحد أهم قواعد القاذفات الروسية
أحد الأهداف الرئيسية كان قاعدة بيلايا الجوية بالقرب من مدينة إيركوتسك، على بعد 85 كيلومترا من الحدود الصينية.
وتعد هذه القاعدة موطنا لطائرات القصف الروسي بعيدة المدى، من طراز Tu-160 وTu-22M3، القادرة على حمل صواريخ Kh-101 وKh-555 المجنحة.
وتُعتبر هذه الضربة الأعمق داخل الأراضي الروسية منذ بدء الحرب، ما يمثل تحولا استراتيجيا في قدرة أوكرانيا على استهداف العمق الروسي.
ضربة أخرى للأسطول الشمالي
في الوقت ذاته، تحدثت تقارير غير مؤكدة عن انفجارات ودخان كثيف في مدينة سيفيرومورسك، وهي القاعدة الرئيسية لأسطول الشمال الروسي، وتضم غواصات نووية استراتيجية من طراز ياسين وأوسكار-2 وسيرا-2.
ورغم عدم وجود تأكيد رسمي، فإن استهداف هذه القاعدة – التي تحتضن نحو ثلثي الغواصات النووية الروسية – يشير إلى تصعيد لافت في التكتيكات الأوكرانية.
بحسب تقارير استخباراتية، تبلغ كلفة المسيّرة الأوكرانية من طراز FPV نحو 1200 دولار فقط، في حين يمكنها تدمير معدات عسكرية بقيمة ملايين الدولارات. وتشير التقديرات إلى أن أوكرانيا تصنع ما يصل إلى 200 ألف مسيّرة شهريا، معظمها من إنتاج محلي، مما يقلل من الاعتماد على المكونات الأجنبية.
مرحلة جديدة في الحروب الحديثة
يرى محللون عسكريون أن هذه العملية تمثل نقلة نوعية في أساليب القتال، حيث أصبحت الطائرات المسيّرة الصغيرة قادرة على توجيه ضربات استراتيجية من مسافات بعيدة، بتكلفة زهيدة وبمستوى عالٍ من الدقة والتخفي.
وإذا تأكدت هذه الضربة في كامل تفاصيلها، فإنها لن تكون مجرد نجاح عسكري تكتيكي، بل رسالة واضحة بأن العمق الروسي لم يعد بعيدًا عن متناول أذرع أوكرانيا المتطورة تكنولوجيا.