
يعيش عشرات الآلاف من النازحين، الذين فروا من معسكرات زمزم وأبوشوك وطويلة، إضافة إلى أحياء متعددة في مدينة الفاشر، ظروفًا إنسانية قاسية بعد انتقالهم إلى منطقة “خزان جديد” في محلية شعيرية بولاية شرق دارفور، وسط غياب شبه كامل للمنظمات الإنسانية وانعدام الخدمات الأساسية.
نزوح واسع وتحديات إنسانية خطيرة
وفقًا لتقارير منظمة الهجرة الدولية، فإن أكثر من 500 ألف نازح فروا من الفاشر والمناطق المحيطة بها منذ تصاعد النزاع المسلح في أبريل الماضي.
وأفاد ناشطون في المجال الإنساني أن “خزان جديد” استقبل مؤخرًا نحو 80 ألف نازح، غالبيتهم من النساء والأطفال وكبار السن، موزعين على 18 مركز إيواء تفتقر إلى أبسط الاحتياجات الأساسية.
معاناة يومية ونقص حاد في الموارد
وخلال جولة ميدانية أجراها “راديو دبنقا” في معسكر النخيل، تم رصد نحو 1800 أسرة تضم أكثر من 5000 شخص يعيشون في العراء، بلا مأوى يحميهم من الظروف المناخية القاسية.
وأفاد متطوعون بأن المنظمات الإنسانية الدولية غائبة تقريبًا عن المنطقة، باستثناء منظمة الإغاثة الإفريقية ومنظمة محلية أخرى، إلى جانب جهود فردية من أبناء المنطقة، حيث تكفل الشيخ عبدالجبار بتوفير المواد الغذائية وذبح عدد من الأبقار لتأمين الطعام، فضلاً عن مساهمته في توفير مواد الإيواء.
تفاقم الأزمة الصحية وانتشار سوء التغذية
وأكد المتطوعون أن غالبية النازحين يعيشون تحت الأشجار ويعانون من نقص شديد في الغذاء والماء، إضافة إلى انعدام الخدمات الصحية، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع الصحية، خاصة بين الأطفال الذين سجلوا حالات خطيرة من سوء التغذية.
وأشار الناشطون إلى مخاوف من تفاقم الأزمة مع اقتراب موسم الأمطار، والذي قد يؤدي إلى انتشار الأمراض وتدهور الوضع الصحي بشكل أكبر.
مطالبات عاجلة بالتدخل الإنساني
ورغم تدهور الأوضاع يومًا بعد يوم، فإن المنظمات الموجودة تكتفي بإجراء مسح ميداني دون تقديم مساعدات ملموسة حتى اللحظة.
وأطلق ناشطون نداءات استغاثة عاجلة إلى المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية للتدخل السريع، محذرين من أن التأخر في الاستجابة قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة وتحولها إلى كارثة إنسانية يصعب احتواؤها.
وأفادوا أن المواد الغذائية التي تم توزيعها لا تلبي سوى جزء صغير من الاحتياجات المتزايدة، في ظل استمرار موجات النزوح الجديدة يوميًا، مما يزيد من الضغط على الموارد المحدودة أصلًا، ويزيد من معاناة النازحين الذين هربوا من ويلات الحرب بحثًا عن الأمان.
في نهاية حديثهم، أعاد النشطاء والمتطوعون التأكيد على دعواتهم لوقف الحرب بشكل فوري، وذلك مراعاةً للظروف المأساوية التي يمر بها المواطنون الأبرياء. وأوضحوا أن “خزان جديد” أصبح اليوم واحدًا من أكبر مراكز تجمع النازحين في المنطقة، ويفتقر إلى التدخل العاجل والشامل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
أصدر محمد آدم كش، رئيس حركة جيش تحرير السودان – مكتب الفاشر، تحذيرًا من مدينة الفاشر، حيث نبه إلى ما سماها حملات “التضليل والخداع” التي تنفذها قوات الدعم السريع بهدف تفكيك النسيج الاجتماعي في المدينة وزعزعة استقرارها.
قال كش في بيان مصور نشره راديو دبنقا إن أكثر من 212 محاولة هجوم فشلت في السيطرة على المدينة. ونظرًا لذلك، أضاف بأنهم لجأوا إلى “أساليب نفسية تستهدف الشباب بعروض تهدف إلى إخراجهم من المدينة”. وأكد أن “كل من استجاب لتلك العروض تم تجنيده بالقوة في صفوف الدعم السريع”، حسبما ذكر.
وأوضح أن بعض الأصوات المحلية ساهمت – كما وصفها – في تعزيز تلك الرسائل، مما أدى إلى تقوية الشكوك الداخلية.
على الرغم من اعترافه بتأثير الحصار المفروض على المدينة، أكد كش أن “الدولة ليست غير قادرة على دعم الفاشر”، مشيرًا إلى وجود طرق لتقديم المساعدات، بما في ذلك الإيصال الجوي والعمليات التي تنفذها القوات النظامية، خاصة الفرقة السادسة والقوات المشتركة، وفقًا لما جاء في بيانه.
وختم رئيس مكتب الفاشر لحركة تحرير السودان حديثه بالتأكيد على أن “رفع الحصار بات بحاجة إلى وقت قصير”، مضيفًا أن “مدينة الفاشر ستبقى قوية ومتحدة بفضل إرادة أهلها”.