بذلت جهوداً دبلوماسية، غيّرت بها مفاهيم القيادة الأفريقية،، سفارة السودان بأثيوبيا،، ” الزين ” والفأل الحسن.
تعاملت بالتزام إنساني في معالجة قضايا اللاجئين والعالقين..

حوّلت مواقف الاتحاد الأفريقي، ليدعم الانتقال السياسي في السودان..
نجحت في سردية الاستقلالية الوطنية، ومشروعية المؤسسات السيادية..
توقعت بانعكاس جهود البعثة على استعادة السودان لعضويته في الاتحاد الأفريقي قريباً جداً..

تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
تبدأ سفارة السودان في أديس أبابا اعتباراً من اليوم الأربعاء 25 يونيو 2025م، العمل رسمياً بمركز الجوازات والشؤون الهجرية، في تقديم خدماته للمواطنين السودانيين المقيمين في إثيوبيا والمواطنين العابرين، وسيلتزم المركز في المرحلة الأولى بإصدار 30 جواز سفر يومياً، على أن تبدأ إجراءات السجل المدني والرقم الوطني في مرحلة لاحقة بعد استكمال الترتيبات الفنية اللازمة، ووصف سفير السودان لدى أثيوبيا ومندوبه الدائم بالاتحاد الأفريقي السفير الزين إبراهيم حسين في تصريحاته للكرامة، الخطوة بالإنجاز التاريخي وغير المسبوق باعتبارها المرة الأولى منذ تأسيس سفارة السودان بأثيوبيا في العام 1956م يتم إنشاء مركز متكامل يُغني عن فرق الجوازات التي كانت تأتي لبضعة أسابيع وتغادر، مبيناً أن هذا المركز الذي يأتي في إطار سياسة الدولة العليا تجاه رعاياها أينما كانوا، سيخدم السودانيين سواءً المقيمين بأثيوبيا، أو العابرين من كل دول العالم التي لا يوجد بها مركز لاستخراج الجوازات والمعاملات الهجرية الأخرى، وأشاد السفير بالجهود التي بذلها العاملون بالجوازات والسجل المدني بالسفارة السودانية بأديس أبابا بقيادة رئيس القسم العقيد شرطة عبد الرحمن محمد إبراهيم وأركان حربه والذين قال إنهم ظلوا مرابطين ولم يغمض لهم جفن حتى رأى هذا المشروع الحيوي والمهم النور.
أزمة السودانيين العالقين:

وتأتي خطوة إنشاء المركز المتكامل للجوازات، والمستندات والأوراق الثبوتية، والمعاملات الهجرية بأديس أبابا، ضمن جهود سفارة السودان لدى أثيوبيا، والتزامها الوطني والإنساني، حيث نجحت السفارة في شهر مايو الماضي 2025م في إنهاء معاناة أكثر من (120) من السودانيين الذين اصطدموا بقرار إغلاق المجال الجوي في وجه الطائرات المتوجه إلى مطار بورتسودان نتيجة الهجمات التي شنتها ميليشيا الدعم السريع على العاصمة الإدارية المؤقتة، ليجدوا أنفسهم وبلا مقدمات عالقين في مطار بولي الدولي بأثيوبيا بعد أن وصلوه من مختلف دول العالم عبر الطيران الإثيوبي، حيث كان من بين العالقين أطفال، ونساء، وكبار سن، ومرضى، وطلاب، اهتمت السفارة بضمان الحفاظ على كرامتهم وتخفيف معاناتهم في ظل الأوضاع الإنسانية الصعبة، فاستطاعت غرفة المتابعة التي شكّلتها السفارة السودانية بأديس أبابا أن تُعمل تنسيقاً عالياً ومباشراً مع السلطات الإثيوبية، والجهات ذات الصلة، بالإضافة إلى شركات الطيران الوطنية المتمثلة في طيران بدر من أجل تأمين مسارات بديلة للسفر، وتسهيل إجراءات العبور ومنح التأشيرات للمواطنين السودانيين العالقين وإيوائهم بالفنادق الإثيوبية لحين تسفيرهم إلى مطار بورتسودان، وقد تم تحويل الركاب من الطيران الإثيوبي إلى طيران شركة بدر التي كثَّفت من رحلاتها حتى تم إجلاء جميع السودانيين العالقين وتكفلت السفارة بسد الفجوة ودفع قيمة التأشيرات لجميع السودانيين، ونشير إلى أن سفارة السودان بأثيوبيا قد ساهمت في تسجيل شركة بدر للطيران لدى هيئة الطيران المدني بأثيوبيا حيث من المتوقع أن تدشن انطلاقتها في القريب العاجل.
ترتيب أوضاع اللاجئين:

ولم تغفل سفارة السودان بأثيوبيا عن أوضاع أكثر من 6 آلاف لاجئ من السودانيين الذين تدفقوا إلى الأراضي الإثيوبية منذ اندلاع الحرب في السودان، وقد لعبت السفارة دوراً محورياً في التواصل مع مفوضية اللاجئين والمنظمات الدولية لتخفيف معاناتهم بتوفير مساعدات عينية بالتعاون مع الجهات الطوعية والمانحة، وتوفير مطلوبات تأمين الحماية القانونية، وتوثيق بياناتهم وتسهيل حصولهم على الرعاية الصحية، والتنسيق مع الجهات المختصة لتسهيل إجراءات الراغبين في العودة إلى السودان، وتتم هذه الإجراءات رغم وجود بعض اللاجئين في مناطق نائية ليست في متناول يدي الحكومة الأثيوبية الأمر الذي انعكس سلباً على وصول السفارة السودانية إليهم ومع ذلك مارست السفارة ضغوطاً قوية على المنظمات لمعالجة مشكلة السودانيين العالقين وإجلائهم من المعسكرات وإعادتهم للسودان، ولا بد من الإشارة إلى أن هذه النجاحات لم تكن لتتحقق لو لا حالة الانسجام وتكامل الأدوار والتعاون المثمر الذي يميز طاقم السفارة بدءً بالسفير وانتهاءً بأصغر عامل في بعثة السودان بأثيوبيا والتي تعتبر من أميز البعثات في المنطقة الأفريقية وأهمها لما تضطلع به من أدوار متعاظمة بإشرافها على تأمين عبور أعداد كبيرة من الوفود الرسمية عبر مطار أديس أبابا إلى مختلف بقاع العالم للمشاركة باسم السودان في المحافل الرسمية على المستويين الإقليمي والدولي، وتشرف سفارة السودان بأثيوبيا على نحو عشر سفارات غربية نقلت نشاطها إلى أديس أبابا بعد اندلاع الحرب، هذا فضلاً عن وجود مبعوثين دوليين ومنظمات وبعثات، حيث تحتضن أديس ما يقرب من مائتي بعثة دبلوماسية ومنظمة دولية وإقليمية، وترتبط السفارة بعلاقات قوية، ورابط متينة بهذه المنظمات وفي مقدمتها منظمة قطر الخيرية.
اختراقات في عدة ملفات:
واتساقاً مع جهودها الإنسانية واهتمامها بقضايا السودانيين من رعاياها في أثيوبيا، أو العابرين عبر المطارات والناقل الجوي الأثيوبي، أحدثت السفارة السودانية بأديس أبابا بقيادة السفير الزين إبراهيم حسين وطاقمه المعاون اختراقات كبيرة في العديد من الملفات، حيث حرص السفير الزين ومنذ تسلمه مهام منصبه في أثيوبيا في ديسمبر من العام الماضي 2024م على تمليك الرأي العام الأفريقي والمنظمات الإقليمية والمؤسسات ذات الصلة بتطورات الأحداث في السودان عقب تمرد ميليشيا الدعم السريع وإشعالها فتيل الحرب، وما تبع ذلك من تعقيدات أمنية وسياسية، وظل السفير الزين يشدد على ضرورة أن توقف بعض الدول الأفريقية تعاونها مع الميليشيا المتمردة، ودورها في تمرير الدعم العسكري واللوجستي بفتح مطاراتها لتسهيل وصول الدعم للمتمردين، ونجح السفير الزين في إحداث تحولات لافتة وتغيير الكثير من المفاهيم، خاصة بعد وصول السفير محمود علي يوسف إلى رئاسة مفوضية الاتحاد الأفريقي، فخلق معه السفير الزين قنوات للتواصل المباشر وتمليكه الحقائق والمعلومات الأمر الذي أحدث تغييراً جوهرياً في مفاهيم ومواقف الاتحاد الأفريقي ومنظماته الإقليمية تجاه السودان، وفي مقدمتها منظمة الإيقاد، مما أثمر عن تغيير ملحوظ في خطاب الاتحاد الأفريقي، الذي بدأ لأول مرة في استخدام لغة داعمة لعملية الانتقال السياسي في السودان، والاعتراف بالإرادة الوطنية التي أنتجت مؤخراً تعيين الدكتور كامل إدريس رئيساً للوزراء، وهي خطوة سيكون لها ما بعدها في جهود استعادة السودان عضويته داخل الاتحاد الأفريقي.
خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر فقد بذل السفير الزين إبراهيم حسين سفير السودان لدى أثيوبيا، ومندوبه الدائم في الاتحاد الافريقي جهوداً متعاظمة خلال الأشهر القليلة التي جلس فيها على كرسي رئاسة البعثة في أديس أبابا، وقد استندت جهود السفير الزين إلى تقديم صورة مغايرة للسودان، قائمة على سردية الاستقلالية الوطنية، ومشروعية المؤسسات السيادية والانتقالية، والتقدم المحرز في بناء توافق سياسي واسع يقود إلى حكومة مدنية ذات قاعدة وطنية، حيث ساهمت اللقاءات التي أجراها مع قادة وممثلي الاتحاد الأفريقي، إلى جانب دعم عدد من الدول الأعضاء، في تفكيك الصورة النمطية السابقة التي ارتبطت بالأزمة السياسية والحرب، وفتح باب لفهم أعمق للواقع السوداني.