
يبدو أن الدكتور كامل إدريس، الذي جاء بمشروع طموح تحت مسمى “حكومة الأمل”، قد واجه عواصف سياسية عاتية ومطبات كبيرة أعاقت مسيرة تشكيل حكومته، وسط تعقيدات المشهد السياسي السوداني المتأزم.
فمنذ بدء المشاورات، واجه إدريس ضغوطاً متزايدة نتيجة التدخلات المستمرة وفرض حقائب وزارية وفق اتفاقية جوبا للسلام، الأمر الذي أفقد مشروع الحكومة توازنه منذ المهد. كما لوح إلى إدريس على تثبيت وزيري الصحة والطاقة ، إلى جانب تعيين وزيري الداخلية والدفاع بواسطة المكون العسكري، مما شكل قيداً كبيراً على مساعيه لإحداث تغيير حقيقي.
ولم تتوقف الضغوط عند هذا الحد، إذ برزت مطالبات بتعيين وكيل وزارة الخارجية الأسبق وزيراً، في خطوة تؤكد أن التدخلات لا تزال تتحكم في مفاصل الدولة، وأن مبدأ الكفاءة والاستحقاق الوطني لا يجد موطئ قدم في هذا الواقع المأزوم.
هذا المشهد يكشف بوضوح أن مشروع “حكومة الأمل” الذي حمله إدريس قد تلاشى وسط صراع الإرادات السياسية والتكتلات ، لتعود البلاد مجدداً إلى ذات الممارسات القديمة التي قادت السودان إلى هذا الانسداد.
لقد حاول إدريس، كما يرى مراقبون، أن يفرض منهجية علمية ورؤية وطنية تقوم على الكفاءة وتجاوز المحاصصات، غير أنه اصطدم بحائط صلب من المكونات المتحالفة مع القوات المسلحة التي لم تبرح مربع الصراع على السلطة والمغانم.
وفي ظل هذا الواقع المؤلم، لا يسع المرء إلا أن يقول: ضاع الأمل يا إدريس. فالرجل أراد، ولكن الواقع كان أشد قسوة وتعقيداً، وما زالت البلاد رهينة حسابات ضيقة ,الكتل والقوى السياسية تتحمل الجزء الأكبر من مسؤولية ما آل إليه حال الوطن.
ويبقى الشعب السوداني، المغلوب على أمره، وحده من يدفع ثمن هذه الصراعات التي لا تنتهي، في انتظار فجرٍ يبدو بعيد المنال