
” التصور والصورة ”
التصور جنين الصورة ؛ لا توجد صورة
إلا بتصور . ولا مكانة لمخرج بدون تصور ؛ وامان العرض المسرحي صورة حية حاضرة ؛ تمتع لتقنع فتؤثر ؛ لذاك يشكل التصور الأساس التأملي ا الفكري النظري للصورة مدخلا إلي عملية التصوير والتعبير انطلاقا من تحليل المخرج للنص مناط الإنتاج ؛ وتمثيلا لذلك اقف عند عدد من اقتباسات نصوصية ؛ بدء من نص شعري هو بردة البوصيري :
– كيف يصنع المخرج صورة ؛
كيف يصنع مخرج مشهدية البردة تصورا إخراجيا اعرضها في صورة جماعية ؟!
للصورة هدف ، و لكل مصور هدف
إذا تحديد الهدف من إنتاج الصورة يأتي في أولويات المخرج .
– لكل صورة منظور ؛ يري فيه المخرج مؤثراً ملائماً فاعلا في وجدان المتلقي أو وعيه .
– لكل صورة ركائز إمتاع وإقناع
وتأثير .
– لكل صورة تجسيد ؛ وللتجسيد عناصره وآلياته ، وأهمها المؤدي والأسلوب الدرامي و الفني والجمالي للأداء .
– تلك هي أبعاد عملية إنتاج صورة لإبداعية حاضرة
* صناعة التصور في اخراج بردة البوصيري :
في التصور المبدئي البسيط أو الفقير لأداء قصيدة ينحصر تفكير المؤدي في تجويد أداءه الفردي للقصيدة ؛ متخذا من موسيقي الشعر أسلوبا لأدائه : متخيلا – علي أقصي حدود التخيل محاكاة أداء شيخ فقيه متدثرا في عباءته ؛ قابعا في زاوية من زوايا مسجد ؛ وفي الخلفية همهمة جمع او فريق يحيط بأحد أعمدة المسجد في حالة وجد صوفي خفيض الصوت . وهذا تصور يفتقر الي خيال .والتصور الإبداعي لا بتأتي هكذا فقير المخيلة عديم التخيل ؛ وانما التركيب التخيلي النافر من الإنطباع الأول يكون نتاج فهم النص وتحليله أدبيا أو دراميا حسبما كان جنسه الفني ، وعن طريق التحليل يكون التقدير ؛ الذي يوجّه المخرج الي عتبة التصور .
* التصور الإخراجي لمشهدين بردة البوصيري :
طالما ذكرنا مصطلح مشهدية ؛ فلا مفر من استحضار أسلوب أداء معني موشحا بالشعور : وهنا يتقيد الاداء بمنهج تقديم موسيقي الشعور علي موسيقي الشعر بتهميش الإرنان تقديرا للمعني المشعور .
هذا عن الأساس النظري للأداء الصوتي ؛ فماذا عن التهيئة المكانية التي تعطي للأداء مكانته المونولوجية إذا انتهي التصور الي ان أسلوب الأداء هو بوح ذاتي لمؤد محاك للإمام البوصيري ؛ قد تكون ركنا في غرفة نومه أو زاوية في المسجد أو حلما في منامه ، لا يحتاج إلا بؤرة ضوء خافتة .
وقد يكون الأداء أسلوب مزج أو قطع ووصل بين أداء جماعي متداخلا بين تعدد أصوات فردية وصوت جماعي الجوقة أو بين الجوقة وصوت الشيخ قطعا ووصلا صوتيا مركبا . فإذا كان كذلك ؛ فإن التصور ينطلق من فكرة أعمق وأكثر تساوقا مع منطق الأمور حتي تكون مشهدية الإخراج ممتعة فمقنعة .
هنا أتصور عندما أقدم علي إخراج مشهدية حلم البوصيري مسرحيا أو سينمائيا أن بتأسس التصور الإخراجي علي فكرة زيارة ميدانية لطلاب معهد أزهري سكندري بقيادة أستاذهم لمسجد الإمام البوصيري بميدان المساجد بحي أبي العباسي المرسي ليشاهدوا قصيدة البوصيري موضوع دراستهم في المعهد الديني أو اية كلية زؤية العين لأبيات قصيدة البردة منقوشة بماء الذهب علي سقف جدران وقبة جامع البوصيري ، وفي دورانهم يقرؤون أبيات القصيدة عند ذاك يصبح منطقيا أداءات منفردة لطالب تلو أخر تتبادل أصواتهم أداء بيت أو اكثر من بيت في تنويع أدائي يحقق الفرجة وبهجة الأداء .